الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

شرفات ونوافذ المباني القديمة خطر يهـدد الأطفال: سكان يطالبون بإحلالها والبلدية تلزم باشتراطات السلامة

شرفات ونوافذ المباني القديمة خطر يهـدد الأطفال: سكان يطالبون بإحلالها والبلدية تلزم باشتراطات السلامة
طالب سكان ومقيمون في الشارقة الجهات المعنية بإلزام ملاك البنايات السكنية القديمة في مختلف مناطق الإمارة كميسلون والمصلى والنباعة والناصرية والقاسمية بتطبيق اشتراطات الوقاية والسلامة المتعلقة بشرفات ونوافذ الشقق فيها، لتتوافق مع الاشتراطات الفنية المطبقة على المباني الجديدة، من حيث مستوى الارتفاع ومساحة الفتحات وتركيب حواجز تمنع الأطفال من الوصول إليها، خصوصاً مع تكرار حالات سقوطهم من شرفات منازل ذويهم أخيراً.

بدورها، أكدت جهات اختصاص أن الإهمال هو السبب الرئيس لحالات سقوط الأطفال من شرفات ونوافذ شقق ذويهم الواقعة بالأدوار العلوية في البنايات السكنية، فيما عزا مهندسون معماريون السبب الرئيس لهذه الحالات إلى شرفات المباني القديمة التي يتهاون أصحابها في تعديل مستوى ارتفاعها تجنباً لدفع مبالغ مالية.

أكد أهالٍ أن أطفالهم راحوا ضحايا السقوط من الشرفات والنوافذ بحوادث وقعت أثناء غيابهم عن المنزل، إذ استغل الأطفال وجود أجسام قريبة من الشرفات صعدوا عليها حتى وصلوا للحواف وسقطوا.


وشهدت إمارة الشارقة خلال العام الجاري 7 حالات سقوط لأطفال ومراهقين من شرفات ونوافذ شقق بنايات نتج عنها 5 حالات وفاة، آخرها وفاة رضيعة (18 شهراً) نتيجة سقوطها من نافذة شقة ذويها بمنطقة المجاز 2، وهناك حالتا شلل لطفلتين من جنسيتين عربية وآسيوية تبلغان من العمر 3 أعوام، سقطت الأولى من الدور الثاني في شقة أسرتها بمدينة كلباء، بينما سقطت الأخرى من الدور الثالث من نافذة شقة ذويها بمنطقة مويلح أثناء نوم والدتها.


تشديد الرقابة

وطالب أحد سكان منطقة المصلى، نصر محمود، جهات الاختصاص بتشديد الرقابة على البنايات السكنية القديمة، وإلزام ملاكها بتطبيق اشتراطات السلامة الخاصة بشرفات ونوافذ الشقق، موضحاً أن معظم الشرفات لا تحتوي على حواجز غير التي يركبها المستأجرون، علاوة على أن فتحات النوافذ تكون واسعة وغير مطابقة للمقاييس والمواصفات المعمول بها في البنايات الجديدة.

وأشار إلى أن معظم الأسر من ذوي الدخل المحدود تلجأ لاستئجار شقق في البنايات القديمة مثل ميسلون والمصلى والنباعة بسبب انخفاض قيمة الإيجار السنوي مقارنة بالمناطق الأخرى مثل التعاون والمجاز وغيرها التي تصل نسبة زيادة الإيجار فيها إلى 60%.

غياب الاشتراطات

من جهتها، قالت مقيمة في الشارقة، نجوى حمود: «لا يعتبر غياب اشتراطات السلامة السبب الرئيس لسقوط الأطفال من الشرفات والنوافذ إلا أنه أحد الأسباب التي تسهم في زيادة أعداد السقوط، لا سيما أن النوافذ في شقق هذه البنايات تفتح من الجنب، ما يسمح لأجسام الأطفال بالدخول فيها، وذلك يتسبب في سقوطهم عند غياب أمهاتهم أو انشغالهن بتأدية أمور المنزل».

وطالبت البلدية بإحلال البنايات القديمة التي أضحت غير صالحة لإقامة الأسر بسبب عدم إمكانية تطبيق اشتراطات الأمن والسلامة فيها كونها بنيت وفق التصاميم القديمة من حيث اتساع فتحات النوافذ وصعوبة تركيب حواجز لشرفاتها.

جثة هامدة

وقالت سُكينة كابور، وهي أم آسيوية فقدت طفلتها ذات الـ4 أعوام إثر سقوطها من شرفة شقة ذويها الواقعة في الدور التاسع بمنطقة المجاز في الشارقة العام ما قبل الماضي، إن ابنتها كانت نائمة على سريرها بإحدى غرف الشقة حين خرجت الأم من المنزل متوجهة لشراء بعض الأغراض من الجمعية التعاونية، وعندما رجعت لم تجد طفلتها في غرفتها فبحثت عنها في جميع أرجاء المنزل ولم تجدها، إلا أنها لاحظت وجود كرسي أسفل الشرفة لتكتشف لاحقاً أن طفلتها استخدمته في تسلق الحافة لتسقط من على ارتفاع نحو 10 أمتار جثة هامدة.

لحظة غفلة

وأشار أختر غلام، والد طفلة كانت تبلغ من العمر عامين ونصف العام حين توفيت إثر سقوطها من شرفة شقة أسرتها ببناية سكنية في منطقة القاسمية سبتمبر الماضي، إلى أنه كان في مكان عمله حين توجهت زوجته لتوصيل طفلتهما الكبرى إلى الحافلة المدرسية المتوقفة أسفل البناية بينما كانت الطفلة الصغرى تنام في غرفتها، وقبل أن تصعد الأم نحو شقتها سمعت أصواتاً مجهولة تتعالى في الشارع الواقع أسفل البناية، لتكتشف لاحقاً أن ابنتها تسلقت تلفزيوناً قديماً كان مرمياً على الشرفة قبل أن تفقد توازنها وتسقط باتجاه الشارع، مشيراً إلى أن هذه الحوادث تقع في لحظة غفلة.

حملات توعوية

وأطلقت وزارة الداخلية بالتعاون مع شرطة الشارقة حملات توعية للتنبيه من أخطار هذا النوع من الحوادث، ووجوب اتخاذ إجراءات منزلية لحماية الأطفال، وعدم تركهم بمفردهم في الشقق الواقعة في الأدوار العلوية من البنايات السكنية، بالإضافة إلى إحكام إغلاق النوافذ في حال عدم استخدامها، وتركيب قضبان معدنية عليها لحماية الأطفال، وأيضاً عدم وضع أثاث وطاولات ومقاعد قرب النوافذ.

دراسة شاملة

وكشفت دراسة شاملة أجرتها الشرطة حول الأسباب الرئيسة لوقوع هذه الحوادث أنها تتمثل في الإهمال الأسري وترك الأطفال بمفردهم في الشقق، وتخزين الأغراض في الشرفات والتي تمكن الأطفال من الصعود عليها والوصول لحواف الشرفات أو النوافذ، وأيضاً ترك النوافذ مفتوحة دون قفل محكم، إلى جانب عدم توفر الاشتراطات الفنية للشرفات والنوافذ، وانخفاض مستوى علوها لاسيما في البنايات القديمة، فيما يتصدر الإهمال الأسباب الرئيسة لحوادث سقوط الأطفال.

رفع كفاءة

وقالت المهندسة المعمارية ميس العيبلي، صاحبة مكتب للاستشارات الهندسية بالشارقة، إن الجهات المعنية في الإمارة مثل البلدية والدفاع المدني تشدد على تطبيق معايير الأمن والسلامة الخاصة بالشرفات والنوافذ في المباني الجديدة، أما البنايات القديمة فتفتقر شرفاتها للمعايير التي تحمي الأطفال من السقوط، كونها أنشئت وفق معايير غير حديثة، وفي الوقت ذاته لا يزال ملاك هذه البنايات يتهاونون في تطبيق مقاييس تسهم في رفع كفاءة الشرفات والنوافذ في الشقق السكنية بما يضمن تجنب سقوط أطفال الأسر الذين يسكنونها.

وأوضحت أنه يمكن رفع كفاءة الشرفات القديمة عبر تركيب حديد مفرغ في أعلى الشرفات لتعديل مستوى ارتفاعها بما يتوافق مع الاشتراطات الفنية المطبقة على المباني الجديدة، وكذلك إزالة أو تقليل ارتفاع الحواف الداخلية التي تمكن الأطفال من الصعود عليها وتسلق الشرفات.

تخزين أجهزة

وأكد المهندس المعماري أمان القيسي، صاحب مكتب للاستشارات الهندسية بالشارقة، أن جميع المكاتب ملتزمة بتنفيذ تصاميم البنايات السكنية بما يتطابق مع الاشتراطات التي وضعتها البلدية، أما البنايات القديمة التي تفتقر شرفاتها ونوافذها لهذه المعايير فإنه لا جدوى من إجراء تعديلات على شرفات الشقق السكنية فيها، نظراً إلى مرور عشرات السنين على إنشائها، ما جعلها متهالكة ويصعب عمل تركيبات حديدية في جدرانها، والحل يكون بإزالة هذه المباني.

وأشار إلى أن السبب الرئيس لسقوط الأطفال هو إهمال الأهل واستخدام الشرفات في غير الأغراض المخصصة لها إذ أصبحت أماكن لتخزين الأثاث والأجهزة الكهربائية، في حين أنها وجدت للتهوية وجلسات الاستجمام العائلية.

فرض غرامات

ولفت علي عبدالغفار، من مكتب للاستشارات الهندسية في الشارقة، إلى ضرورة إلزام ملاك البنايات السكينة القديمة بتركيب حواجز على شرفات الشقق السكنية بمقاسات تمنع وصول الأطفال إليها وفرض غرامات على غير الملتزمين منهم، موضحاً أن هذه البنايات تشهد حوادث سقوط أطفال ومراهقين، بينما تلزم الجهات المعنية ملاك البنايات الجديدة فقط بتطبيق اشتراطات السلامة على الشرفات.

حزمة اشتراطات

وقال مساعد المدير العام للهندسة والمشاريع في بلدية مدينة الشارقة، المهندس خليفة بن هدة السويدي، إن البلدية أجرت حزمة تعديلات على الاشتراطات الفنية لتعزيز السلامة في المباني، تصدرها إلزام المالك والمقاول برفع مستوى النوافذ والشرفات إلى 120 سنتيمتراً بدلاً من متر واحد، مع مراعاة عدم زيادة المسافات الأفقية بين قضبان الدرابزين عن 10 سنتيمترات، ومراعاة عدم تصميم الدرابزين بشكل قابل للتسلق، إلى جانب الالتزام بتركيب أقفال الأمان «مقاومة» في النوافذ بحيث لا تفتح أكثر 10 سنتيمترات بالقوة العادية، مشيراً إلى الأنواع المختلفة من أقفال الأمان التي تصلح لأبواب الشرفات والنوافذ المنزلقة «الجرارة» أو تلك التي تفتح للداخل أو الخارج.

وأضاف «من الاشتراطات العامة كذلك تأمين إضاءة تغطي 10% من مساحة أرضية الشرفة»، لافتاً إلى أن البلدية سمحت للملاك والمستأجرين بتركيب حاجز شفاف من الأكريليك على سور الشرفة بعد الحصول على تصريح حماية الشرفات.

ودعا ملاك العقارات القديمة التي يقل ارتفاع مستوى شرفاتها ونوافذها عن 120 سنتيمتراً إلى المبادرة بتعديل مستوى الارتفاع، ليتوافق مع الاشتراطات الفنية المطبقة على المباني الجديدة بعد الحصول على التصاريح اللازمة من البلدية.

دور الأسرة

وقالت مدير إدارة سلامة الطفل هنادي صالح اليافعي «شهدنا في الآونة الأخيرة عدداً من حوادث سقوط الأطفال من شرفات ونوافذ المنازل، وهو ما يحتم علينا التشديد على دور الأسرة ومسؤوليتها بالدرجة الأولى في حماية أطفالها وتأمين كل تدابير السلامة لمنع تعرضهم لمثل هذه الحوادث التي تنم عن قلة وعي الأهل بأهم أسس السلامة داخل المنزل، على الرغم من وجود الكثير من المبادرات التوعوية والتثقيفية على مستوى الدولة حول كيفية إحكام المنزل بطريقة آمنة تحفظ الأطفال من مثل هذه المخاطر».

وأضافت: «إن تجهيز المنزل بمستلزمات السلامة للأطفال لا يحتاج للكثير من التكاليف فهناك إجراءات وتدابير سهلة وبسيطة وأدوات متوفرة لدى العديد من محلات الأثاث ومنافذ البيع الكبرى، مثل لاقطات للشبابيك وأبواب المنازل وأقفال لا يمكن للأطفال فتحها بدون مساعدة البالغين، وهذه التدابير البسيطة كفيلة بحماية أطفالنا، مع التأكيد على أهمية بقاء الأطفال دائماً تحت نظر والديهم أو المسؤولين عنهم وعدم تركهم دون مراقبة».

وأكدت أن إدارة سلامة الطفل تعمل مع شركائها في القيادة العامة لشرطة الشارقة وبلدية الشارقة وعدد من الدوائر الحكومية المعنية على الخروج بحلول وقائية ومبادرات توعوية أقوى للحد من هذه الظاهرة المؤسفة التي يذهب ضحيتها كل عام أطفال نتيجة إهمال وتقصير واضحين من قبل عائلاتهم، لنتمكن من الوصول إلى نسبة 0% لحوادث الأطفال في إمارة الشارقة.