الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

فواتير كهرباء تدفع مواطنين إلى هجر الزراعة

أكد مواطنون في المنطقة الوسطى التابعة لإمارة الشارقة أن استمرار الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه، باحتساب فواتير الكهرباء في مزارعهم وفقاً لنظام التعرفة التجارية بدلاً من الزراعية، عبر رفع شريحة الاستهلاك على أصحاب المزارع، من 7.5 فلس إلى 25 فلساً قبل 4 أعوام، أثقل كاهلهم بفواتير تزيد قيمتها الشهرية على 15 ألف درهم، رغم أن بعضهم يستخدم هذه المزارع لأغراض الاستجمام أو زراعة محاصيل للاستهلاك الذاتي أو زراعة أعلاف لماشيتهم، مشيرين إلى أن الهيئة تطبق عليهم نظام الاستهلاك التجاري دون التحقق من ذلك.

وأضافوا أن القيمة المرتفعة لاستهلاك الكهرباء في المزارع دفعت أصحابها إلى إغلاقها وهجرها، أو عرضها للبيع أو للتأجير بغرض الاستجمام، ما أسهم في تراجع الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية في ظل التحديات التي تواجههم والمتمثلة في محدودية الدعم الحكومي المقدم لهم وإغراق السوق بالمنتجات المستوردة التي تعرض بأسعار تنافسية.

من جهتها، ذكرت الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه أنها تلزم ملاك المزارع ذات النشاط التجاري بتركيب عدادات تحسب الاستهلاك وفقاً للتسعيرة التجارية، ولا يتم ذلك إلا بعد تصنيف المنشأة وفقاً لنشاطها.


أعلاف للماشية


وقال المزارع محمد بن نهيلة إن احتساب الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه الاستهلاك في بعض المزارع وفقاً لنظام التعرفة التجارية ليس بالقرار الجديد، واستمراره لأعوام عدة أرهق كاهل ملاك المزارع، لا سيما أن قيمة الفواتير الشهرية لاستهلاك الكهرباء تزيد في بعض الأحيان على 15 ألف درهم في المزارع ذات المساحات الكبيرة، ما دفعهم لهجر مزارعهم التي أضحت مهجورة بغياب من يستأجرها، مطالباً الهيئة بالتأكد من الغرض من استخدام المزرعة قبل إلزام ملاكها بتطبيق التعرفة التجارية للاستهلاك، كون البعض يزرع أعلاف للماشية الخاصة به في حين يتفاجأ بأن الهيئة تدرج مزرعته ضمن الاستهلاك التجاري.

لا جدوى

وذكر عبدالله الخاطري، صاحب مزرعة محاصيل عضوية، أنه تفاجأ بإلزامه بتركيب عداد كهرباء يحسب تعرفة الاستهلاك من زراعي لتجاري على الرغم من أن المحاصيل التي يزرعها مخصصة للاستهلاك الذاتي لتوزيعها على أفراد أسرته وأصدقائه وليست بغرض التسويق، موضحاً «في ظل إغراق السوق بالمحاصيل الزراعية المعالجة بالمواد الكيماوية المضرة بالصحة، آثرتُ أن أزرع محاصيل صحيّة غير معالجة بالمواد الكيماوية وفقاً لنظام الزراعة المائية من دون تربة وهي مكلفة مالياً، ما يضطرني بعد توزيع المحاصيل من الخضراوات على معارفي وأصدقائي إلى بيع الكميات القليلة الفائضة منها في أسواق البيع لتعويض الخسائر، ولكنني تفاجأت بأن مفتشي الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه، يلزمونني بتركيب عداد يحتسب كلفة الاستهلاك وفقاً للنظام التجاري بدلاً من الزراعي، وهذه الإشكالية بدأت قبل 4 أعوام تقريباً، وعلى الرغم من مطالباتنا المستمرة بإرجاع نظام احتساب سعر تعرفة الاستهلاك للسابق، لا سيما في المزارع التي لا تنطبق عليها شروط التسويق التجاري، لكن الأمر لم يأتِ بأي جدوى، ما اضطرنا لتحويل مزارعنا من إنتاج المحاصيل إلى استجمام وتأجيرها للأسر، لا سيما خلال فصل الشتاء في ظل عدم قدرتنا على الاستمرار بتحمل الكلفة الباهظة للفواتير».

استهلاك ذاتي

من جانبه، أكد المزارع هويشل محمد أن بعض المزارعين يخصصون نسبة لا تزيد على 30% من المساحة الإجمالية لمزارعهم من أجل زراعة بعض المحاصيل للاستهلاك الذاتي وليس للتسويق التجاري، إلا أنه ونظراً لتطبيق نظام احتساب التسعيرة التجارية على استهلاك الكهرباء دفع عدد كبير منهم إلى إغلاق هذه المزارع بشكل كلي وعرضها للبيع أو تأجيرها للاستجمام، كونهم غير قادرين على سداد القيم الكبيرة لفواتير الكهرباء الشهرية التي لا تقل عن 10 آلاف درهم، خصوصاً أن المردود المادي لزراعة وبيع المحاصيل الزراعية أصبح بالكاد يغطي الكلفة الإجمالية الباهظة التي تقع على كاهلهم، لا سيما أنهم ملزمون بدفع مبالغ شهرية تزيد على 20 ألف درهم تتوزع على رواتب العمال وتوفير مبيدات حشرية وآلات ومعدات وبيوت محمية وحفر آبار وغيرها».

وقال: «منذ أن طبقت الهيئة نظام تغيير تسعيرة شريحة الاستهلاك على أصحاب المزارع، من 7.5 فلس إلى 25 فلساً قبل أعوام عدة، ونحن نحاول تطبيق وسائل وأدوات زراعة تسهم في التقليل من استهلاك الكهرباء إلا أننا لم نتمكن من مجاراة الزيادة التي زادت نسبتها على 230% مقارنة بالنظام السابقة، ما أجبرنا على التوقف عن الزراعة والاستفادة من مزارعنا في أغراض أخرى كالتأجير أو الاستجمام».

هجر المزارع

وأيده الرأي المزارع جاسم الشامسي الذي أشار إلى أنه منذ أن أدرجت الهيئة معظم مزارع المنطقة الوسطى ضمن القطاع التجاري وإصرارها على استمرار تطبيق قرار رفع تسعيرة استهلاك الكهرباء بالمزارع نتج عنه توجه عدد كبير من أصحاب هذه المزارع إلى التوقف عن الزراعة وتسريح عدد كبير من العمال وعرض المزارع للبيع أو تركها مهجورة، لا سيما في ظل وجود تحديات أخرى في التسويق الزراعي أهمها إغراق الأسواق بمنتجات مستوردة بأسعار تنافسية، فضلاً عن أن الجمعيات التعاونية تفرض علينا خصم نسبة «بدل تالف» من القيمة الإجمالية للمحاصيل الزراعية التي تشتريها منا، إلى جانب محدودية الدعم المقدم للمزارعين من الجهات المعنية.

ولفت إلى أن بعض المواطنين يخصصون مزارعهم لتربية الماشية أو لبناء بيوت وأحواض سباحة للاستجمام الأسري، إلا أن الهيئة لا تعفيهم من دفع فاتورة استهلاك الكهرباء وفقاً لنظام التجاري وليس الزراعي والذي يطبق على الاستهلاك الإجمالي للمزرعة بأكملها.

تصنيف المنشأة

بدورها، أكدت الهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه أنها تلزم ملاك المزارع ذات النشاط التجاري بتركيب عدادات تحسب الاستهلاك وفقاً للتسعيرة التجارية وليست الزراعية، ولا يتم ذلك إلا بعد تصنيف المنشأة وفقاً لنشاطها، كما تصنف المزرعة تجارية في حال تم استخدامها لمزاولة نشاط يديره مالك المزرعة عبر تخصيص بيوت محمية للزراعة وشحن كميات من المحاصيل عبر مركبات مخصصة لهذا الغرض للعرض في أسواق البيع، أو يؤجرها للغير بغرض النشاط التجاري، أو تأجير مساكن للعمال، لافتة إلى أنه تسهيلاً على أصحاب المزارع المقسمة للاستجمام والزراعة سمحت لهم بتركيب عدادين للفصل بين الاستهلاك التجاري والزراعي، وتالياً احتساب كل فاتورة وفقاً لقيمة تعرفة الاستهلاك، في حال كان يملك بيتاً في مزرعته.