الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

شباب: ميزانيات تأهيل المواطنين لا تنسجم مع الدعوة للعمل في المهن البسيطة

أكد شباب إماراتيون أنهم يتطلعون للعمل في وظائف تتناسب ومؤهلاتهم الدراسية، ما يجعل توجههم للوظائف البسيطة صعباً جداً مع كل الاحترام والتقدير للعاملين فيها، موضحين أن حكومة الإمارات أنفقت ميزانيات كبيرة لتأسيس جيل متعلم ومؤهل لشغل أهم الوظائف في جميع القطاعات، وليس للعمل بدوام ثابت في مهن لا يمكن أن توفر الاحتياجات الأساسية للمواطن.

وأبدوا استعدادهم للعمل كسائقي تاكسي أو مندوبي مبيعات أو عمال في منشآت خاصة ولكن بدوام جزئي خلال مرحلة الدراسة أو أوقات الفراغ من باب اكتساب الخبرة والتجربة، مبينين أن ما يؤخذ على الوظائف البسيطة هو دخلها المحدود وزيادة ساعات العمل فيها والمجهود الكبير الذي تتطلبه دون تحقيق عائد مالي مجدٍ في المقابل، إضافة إلى أنه لا يمكن لخريجين جامعيين ذوي مؤهلات عالية أن يتخلوا عن طموحاتهم ويتجهوا للعمل بعيداً عما يحلمون بتحقيقه.

وجاءت تصريحات الشباب بعد جدل على منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» حول إمكانية عمل الشباب المواطنين في مهن بسيطة إن لم يجدوا وظيفة، الأمر الذي رفضه البعض، وقبله آخر ولكن بظروف معينة ترتبط بالشخص ذاته كأن يكون تعليمه متوسطاً أو طالباً ويعمل بدوام جزئي، مؤكدين أن الأمر المهم في هذه القضية هو تحقيق الاعتماد على الذات بعيداً عن الحاجة للمعونات الاجتماعية مهما كانت طبيعة المهنة.


ميزانيات ضخمة


وقالت أنفال محمد: «مع المشوار الدراسي الطويل الذي يقطعه المواطن في تحقيق الذات والحصول على شهادة جامعية، يحق له أن يطمح ويتطلع للحصول على وظيفة تتناسب ومؤهلاته الدراسية، وتضمن له دخلاً يؤمن له حياة كريمة، فجامعات الدولة اهتمت بمنظومة التعليم على كافة الأصعدة ورصدت لها ميزانية ضخمة في سبيل تخريج جيل من الشباب قادر على تحمل المسؤولية وتحقيق الرفعة والسمو لدولته، عبر سعي وزارات ودوائر الموارد البشرية في الدولة لإلحاق المسجلين في قاعدة بياناتها بدورات تدريبية تؤهلهم لدخول سوق العمل وفق أعلى الكفاءات الذاتية».

وأضافت: «لسنا مضطرين للعمل بوظائف مثل سائقي سيارة أجرة أو مندوبي مبيعات بمشاريع خاصة لأشخاص، من أجل الحصول على دخل مادي، كون الحكومة تطرح وتوفر باستمرار للمواطنين مئات الوظائف سواء في القطاع الخاص أو الحكومي عبر ملفات التوطين التي تتبناها عبر أجندتها الوطنية وتطالب جهات ووزارات الدولة على اختلاف أنواعها بالاهتمام بها والعمل على تنفيذها»، موضحة أن المشكلة في الوظائف البسيطة هي دخلها المحدود وزيادة ساعات العمل والمجهود الكبير الذي تتطلبه دون راتب مجدٍ.

الريادة والتنافسية

من جانبها، أشارت مروى محمد إلى عدم وجود ضرورة لتوجه المواطن للعمل في المهن ذات الدخل المحدود إلا في حال كان يعمل في مشروعه الخاص، لافتة إلى أن الأجيال السابقة من المواطنين عملوا في مهن بسيطة مثل قطع الحطب وتجارة الفحم والبضائع والماشية قبل ظهور النفط كونهم كانوا مضطرين لتوفير سبل العيش والدخل المناسب لأسرهم، وتساءلت: «اليوم وقد حققت الدولة الريادة والتنافسية على كافة الأصعدة وتمكن ابن الإمارات من الوصول للفضاء ويصنف من أسعد سكان الكرة الأرضية، وفي ظل الميزانيات الضخمة التي تخصصها الحكومة للتعليم والابتعاث لحصول المواطن على التخصصات العلمية في مجال الطاقة النووية والطب والفضاء وعلوم الأجنة والوراثة وغيرها من التخصصات التي تلقى رواجاً في سوق العمل، هل من المنطق أن يترك المواطن استثمار ما تعلمه لخدمة بلاده ويتجه للعمل في مهن لا تتناسب ومستواه التعليمي؟».

دعم حكومي

وذكر عبدالله الكعبي أن معظم المواطنين من الباحثين عن عمل الذين يحملون شهادات جامعية اتجهوا لتأسيس مشاريع تجارية خاصة في قطاع المطاعم والمصانع ومحال الخياطة والمقاهي ومشاريع الاستثمار في التكنولوجيا وغيرها، التي حققت لهم مردوداً مادياً مجزياً، وما شجعهم للتوجه لتأسيس هذه المشاريع هو الدعم المقدم لهم من قبل الجهات الممولة.

وأكد «أثناء دراستي في الكلية تمكنت بدعم وتمويل من المؤسسات الحكومية ذات الاختصاص من تأسيس 3 مشاريع تجارية هي مطعم للمأكولات الشعبية وآخر للوجبات السريعة وسيارة متنقلة «تراك فود»، ما حقق لي دخلاً شهرياً يزيد على 40 ألف درهم يغنيني عن الوظيفة بعد التخرج، ويسهم في

توفير شواغر لخريجين آخرين من المواطنين ودفع عجلة التنمية الاقتصادية».

ثقافة العيب

من جابنها، قالت هاجر يوسف إن أبناء الإمارات لا يعترفون بثقافة العيب في العمل إذ عملوا في المهن بمستوياتها المختلفة، وبعض المواطنين ممن لا يحملون شهادات علمية لا يجدون حرجاً في العمل سائقي حافلات مدرسية أو في الحراسة ببعض الجهات الحكومية التي تخصص لهم رواتب مجزية تشمل تأميناً صحياً وراتباً تقاعدياً وبدلات أخرى، بخلاف بعض الشركات الخاصة التي تخصص رواتب متواضعة وغير مناسبة ولا تصل لمستوى دخل المواطنين الذين يعملون لديها.

وأكدت «حين يعمل المواطنون في هذه المهن الحكومية يشعرون بالفخر كونهم حققوا الاعتماد على الذات بعيداً عن الحاجة للمعونات الاجتماعية التي تخصصها الحكومة».

سلم الرواتب

ووفقاً لعامر المرزوقي، فإنه لا يمانع العمل في القطاع الخاص في حال تساوى سلم الرواتب والبدلات في هذا القطاع مع نظيره في الحكومي، مشيراً إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بوجود جهة أو وزارة يكون لها دور إشرافي وتنظيمي لشؤون ودخل المواطنين العاملين في الجهات والشركات الخاصة على مستوى المهن ذات الدخل المحدود، والسعي لرفع سقف الدخل المقدم لمن يعملون فيها.

وأضاف: «لدى الجميع قناعة راسخة لا تقبل الشك بأن أبناء الإمارات يقبلون على العمل في المجالات المختلفة بشرط أن تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية وخبراتهم المهنية وتضمن لهم الحصول على راتب يحقق لهم مستوى الحياة الكريمة بما يتناسب وغلاء الأسعار».

بدائل أفضل

ورأى حمدان الشحي ضرورة استثمار طاقات ومؤهلات شباب الإمارات من خريجي الجامعات وحاملي التخصصات العلمية المختلفة في الوظائف والمناصب الإدارية، وأضاف: «يدير مواطنون مشاريعهم التجارية الخاصة من أجل زيادة دخلهم، فيما يعمل آخرون بعد ساعات الدوام الرسمي لدى شركات خاصة بنظام الساعات بهدف تعلم مهارات جديدة أو تحسين الدخل الشهري، إلا أنهم لا يعتبرونها وظائف رئيسة فهم غير مضطرين للعمل فيها لتوافر بدائل أفضل وبدخل أكبر توفرها لهم الجهات الحكومية».

البحث عن الرفاهية

وقال مستشار التنمية البشرية سعيد بالليث الطنيجي إن الأصل في الوظيفة هي تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس عبر ضمان دخل ثابت يوفر أساسيات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وغيرها، مشيراً إلى أن البحث عن الرفاهية دفع ببعض المواطنين إلى رفض الوظائف ذات الدخل المحدود.

وناشد المواطنين بالتوجه للعمل في أي وظيفة في حال لم يتمكنوا من الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية حتى تضمن لهم الحصول على الخبرة المهنية التي قد تكون مدخلاً للوصول إلى وظائف ذات مستوى دخل أكبر.

من جانبه، رأى خبير الموارد البشرية سليمان العلماني أنه على الرغم من وجود الفرص الوظيفية التي توفرها الدولة للمواطنين إلا أن البعض يسعى للعمل في مهن بسيطة مثل سائق مركبة أجرة أو محاسب في المراكز التجارية أو مرشد للوفود السياحية من أجل اكتساب مهارات جديدة أو استثمار وقت الفراغ أو التعرف إلى ثقافات ومعارف مختلفة أو الإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى أن طاقات الخريجين الجدد تحتاج لمساحات شاسعة لاستثمار إمكاناتهم وتطبيق ما تعلموه في المناهج الجامعية على أرض الواقع، ولن يتحقق ذلك إلا باستثمار هذه الطاقات في مجالات تخصصاتهم الدراسية.