السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

بين الموثوقية والتضليل.. جدل حول سلع يروّج لها مؤثرو «سوشيال ميديا»

بين الموثوقية والتضليل.. جدل حول سلع يروّج لها مؤثرو «سوشيال ميديا»

تثير جدية إعلانات مشاهير التواصل الاجتماعي للترويج للسلع والبضائع حالة من الجدل، ليس فقط في أوساط جمهور متابعي هؤلاء المؤثرين، بل في أوساط المؤثرين أنفسهم، لتتدخل وزارة الاقتصاد في حسم القضية برسالة واضحة للجمهور «لا تثقوا بمروجي البضائع بل دققوا في أسعار وجودة البضائع».

وفي حين رأى مؤثرون في سوشيال ميديا أن المتابعين يحصلون على امتيازات كثيرة جراء متابعتهم للمؤثرين بحسومات تصل إلى 50% على السلعة أو البضاعة، وهي نسبة تفوق أي تخفيضات أخرى، ذهب آخرون إلى أن بعض المؤثرين لا تهمهم استفادة المتابعين بقدر ما يشغلهم الحصول على عائد مادي.

وتلجأ كثير من الشركات، كبيرة كانت أم صغيرة، إلى المؤثرين ليسوّقوا بضائعها، في حين تقصدهم حتى بعض الجهات الحكومية لترويج خدماتها، بعدما انكمش دور الوسائل التقليدية في هذا الصدد، وعلى رأسها إعلانات الصحف الورقية.



المؤثرون يتكلمون

وقال يوسف الكعبي، وهو أحد المؤثرين على وسائل التواصل، إن الحسومات التي يمنحها المؤثرون لمتابعيهم تصل إلى 50% ويستفيد منها المتابعون عبر استخدام رموز خاصة (كودات) يحددها المؤثر.

وأضاف الكعبي أن تلك الحسومات تفوق بطاقات حسم حكومية معروفة، وتمتد لتطال المنتجات والبضائع وأحياناً الخدمات، لافتاً إلى أن بعض المؤثرين لم يعودوا يقبلون أي إعلان، بل بدؤوا يفرضون شروطاً، على رأسها صدقية الحسم وثقة المستهلك في المنتج.

بدوره، شكك المؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي محمد المناعي بتلك الحسومات، موضحاً أن بعض الشركات التجارية تعمد إلى رفع سعر المنتج قبيل أن يبدأ المؤثر بالإعلان عنه، والنتيجة أن السعر بعد الحسم يكون سعر بيع المنتج نفسه في الأسواق المحلية، وبالتالي لن يستفيد المتابع المستهلك.

وأشار إلى أن هناك عروضاً لبعض المؤثرين تصل إلى 70 أو 80% من سعر بيع المنتج، بمعنى أن المتابع سيدفع فقط 20% من سعر السلعة الحقيقي، وهذا منطقياً لا يصدَّق.

وأوصى المستهلكين بالتحري عن أسعار السلع قبل البدء في الشراء، سواء كان الإعلان من مؤثر أو من جهة أخرى.

وأضاف المناعي أن بعض المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لا يهتمون في الأساس بالسلعة نفسها بل بالعائد المادي الذي قد يصل إلى 200 ألف درهم.

ورأى مؤثر ثالث، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن من الإجحاف تعميم قضية عدم تحري المؤثرين عن جدوى الإعلان، فالبعض لا يقبل أن يقوم بنشاط دعائي لمنتج أو سلعة إلا بعد التحري عن المنتج نفسه من حيث الجدوى والأسعار لأنه يحترم متابعيه.

أما البعض الآخر، وفقاً لرأيه، فإن ما يهمهم بالدرجة الأولى هو العائد المادي، دون القيام بعمليات التدقيق تلك، مضيفاً أنه في الحالات جميعها لا بد من أن يقوم المتابع المستهلك بدوره في البحث عن جدوى السلعة قبل شرائها لأنه سيدفع المبلغ من جيبه.

التدقيق مسؤولية المستهلك

من جهتها، حذّرت إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد من منح جمهور المستهلكين الثقة المطلقة للبضائع التي تروج على السوشيال ميديا أو من مشاهيرها، لافتة إلى أنه في حال وجود أي خداع تتدخل الوزارة فوراً بناء على طلب المستهلكين.

وقال مدير إدارة حماية المستهلك في الوزارة الدكتور هاشم النعيمي لـ«الرؤية» إن المستهلك يتوجب عليه التدقيق في محتوى الإعلان أو السلعة التي يروج لها المشاهير قبل الشراء، وفي حال طلب السلعة، سواء كانت عليها حسومات أو لا فإنه يجب أن يقرأ بنود وشروط التعاقد على السلعة وفي حال اكتشاف عيوب في تلك السلعة أو تضليل فإن الوزارة تهيب به التواصل معها فوراً.

وركز النعيمي على ضرورة عدم شراء أي منتج من دون التأكد من حفظ الحقوق والحصول على فواتير مؤرخة، لافتاً إلى أن الوزارة لن تقبل أي تضليل للمستهلك أياً كان.

الثقة تحتاج لزمن

وانقسمت آراء متابعي المؤثرين حول المنتجات المروّج لها، ففي حين رأى البعض أن صدقية مشاهير التواصل الاجتماعي هي التي تجعلهم فعلياً يغتنمون فرص التخفيضات التي يجلبونها لمتابعيهم، أقر البعض الآخر بأن الأمر لا يخلو من التضليل.

وقالت فادية حسن إنها بالفعل تقتنص فرص التخفيضات الممنوحة لها من متابعة مشاهير بعينهم بعدما تحققت فعلياً من جدواها، سواء على بضائع أو مطاعم أو غيرها، مشيرة إلى أن الثقة بين المشاهير والمتابعين تبنى على مدى طويل وليس في غضون أيام أو أشهر.

في المقابل، رأت فاطمة السيد أنها رغم متابعتها لحسابات كثيرة لمشاهير السوشيال ميديا إلا أنها تدقق كثيراً في محتوى الإعلان ولا تثق بالمطلق في العروض المطروحة منهم، خشية الوقوع ضحية للتضليل، لا سيما بعد انتشار المؤثرين وكثرة المحتوى الدعائي الذي يقدمونه، لافتة إلا أن الأموال التي ستدفع هي من عرق جبينها، وذلك فإنها وحدها صاحبة القرار.

ضمان التزام المؤثرين بالمعايير

ويُلزم المجلس الوطني للإعلام المؤثرين ومشاهير التواصل الاجتماعي بالحصول على رخصة في حال ممارستهم أنشطة إعلانية عبر حساباتهم، إذ تبلغ رسوم الرخصة 15 ألف درهم لمدة سنة واحدة، قابلة للتجديد لمدد مماثلة، إذ يستهدف الترخيص ضمان التزام المؤثرين الاجتماعيين بالمعايير الموضوعة بشأن الإعلانات التجارية.

وتتدرج عقوبات غير الملتزمين بنظام المجلس الوطني للإعلام الإلكتروني، من مطالبة بتصحيح الوضع أو عقوبات مالية لا تتجاوز 5000 درهم، أو إنذار الجهة التي لم تلتزم بالترخيص، وغيرها من العقوبات.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، زيادة ملحوظة في عدد المؤثرين ومشاهير التواصل، الذين يزاولون أعمال الدعاية والترويج، سواء عبر التغريدات أو مقاطع الفيديو، مقابل أجر مالي عبر حساباتهم.

ووفقاً لبعض التقديرات، يحصل بعضهم على مبالغ مالية تصل إلى 200 ألف درهم في الإعلان الواحد.