الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مجمع جديد لـ«الشارقة الإنسانية» بطاقة استيعابية أكبر لأصحاب الهمم

كشفت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، عن أن المدينة بصدد انتقال جميع إداراتها وأقسامها ومراكزها إلى مجمع جديد يضم إلى جانب مكاتب الإدارة، مركزي التدخل المبكر والتوحد والصالة الرياضية وغيرها من المرافق الخدمية المهيأة بأحدث وسائل التعليم والتأهيل والعلاج لأصحاب الهمم بما يتناسب مع نوع ومستوى كل حالة، ومزود بوسائل تعليمية وتدريبية وفق أحدث التقنيات العالمية، ما يسهم في الحد من قوائم الانتظار عبر زيادة الطاقة الاستيعابية، في ظل ارتفاع الطلب على خدمات المدينة وزيادة ثقة الأسر بجدواها، مشيرة إلى سعي المدينة لدعم فكرة تعميم مركز الموارد لأصحاب الهمم بجامعات عدة.

وأكدت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي في حوار مع «الرؤية» أن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حققت الريادة باحتواء الأشخاص ذوي الهمم عبر تقديم خدمات علاجية وتعليمية لهم أهلتهم للدمج بالمجتمع، كما هيأتهم لدخول سوق العمل بعد حصولهم على شهادات جامعية نوعية، تعزيزاً لمبدأ تمكينهم بعد احتوائهم ومناصرتهم، داعية جهات العمل إلى الثقة بقدرات هؤلاء الأشخاص ومنحهم وظائف ملائمة، لافتة إلى أن الاهتمام بهم مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق الأسرة والمجتمع.

وأشارت إلى أن المدينة تمكنت من توظيف 378 شخصاً من أصحاب الإعاقات المختلفة، 50 منهم يعملون بأقسامها المختلفة، فيما استفاد من خدمات المدينة خلال العام الدراسي الماضي ألفان و339 شخصاً يخدمهم كادر متخصص يضم أكثر من 610 موظفين.

خدمات متميزة

وأكدت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أن المدينة تحرص على توفير بيئة تعليمية وتدريبية أفضل لطلابها، فضلاً عن تقديم خدمات متميزة وفق أعلى المعايير وبأحدث التقنيات ذات الجودة العالية، لا سيما أن المدينة تضم أصحاب الإعاقات المختلفة على تباين مستوياتها، إذ تتصدرها الإعاقات الذهنية التي تبلغ نسبتها من 60 إلى 70%، إلى جانب الإعاقات الشديدة والمتعددة التي خصص لها المركز المسائي التابع لمدرسة الوفاء لتنمية القدرات في فرع الرملة 3 ساعات مسائية لجلسات علاجية وتأهيلية تقدم لأصحاب هذه الإعاقات خدمات نوعية عبر العلاج باللمس أو الموسيقى، وكذلك خدمات الإرشاد الأسري والتثقيفي بقضايا الإعاقة من خلال الندوات والمحاضرات، مشيرة إلى أن التحدي الذي يواجه أسر هؤلاء الأطفال هو اعتذار المراكز الخاصة عن قبول حالات أطفالهم لصعوبة التعامل معها، أو في حال إمكانية تأهيلها فقد يحتاج الأمر إلى وقت طويل.

كوادر متخصصة

وقالت إن إجمالي أعداد الطلبة المستفيدين من خدمات المدينة للعام الدراسي الماضي بلغ ألفين و339 مستفيداً من المواطنين والمقيمين، التحق 1062 طالباً منهم بخدمة الفصول والإرشاد الأسري، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدماتها من الحالات الخارجية والمراكز المسائية ألفاً و277 شخصاً من أصحاب الإعاقات، يقوم على خدمتهم كادر متخصص يضم أكثر من 610 موظفين"، لافتة إلى وجود 50 شخصاً من ذوي الإعاقات المختلفة يعملون بكافة إدارات ومراكز المدينة المختلفة تم دعمهم لإكمال دراستهم وتدريبهم على كافة مهام العمل.

إمكانات عالية

وأشارت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي إلى أن مدرسة وروضة الأمل للصم خرّجت العشرات من الطلبة الذين سجلوا بالجامعات محققين النجاح بالتخصصات الجامعية المختلفة، والتحقوا عقب التخرج بوظائف ثابتة تتلاءم مع مؤهلاتهم، مضيفة: «أن التحدي الذي نواجهه في توفير وظائف ملائمة لهذه الفئة بعد إنهاء دراستهم الجامعية هو عدم تعاون بعض الجهات والهيئات معنا بهذا الخصوص، لعدم الثقة بقدرات هؤلاء الأشخاص على الرغم من امتلاكهم إمكانات علمية ومهنية تؤهلهم لتحقيق التفوق بأي مجال عمل يلتحقون به، لا سيما بعد حصولهم على تخصصات نوعية كان آخرها حصول أول أصم على شهادة الهندسة المعمارية»، داعية للاعتراف بإمكاناتهم وتقديم الدعم اللازم لهم عبر منحهم فرصاً تضمن حصولهم على وظائف مناسبة.

وأوضحت أن دور مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية لا يقف عند التحاق طلبتها بالجامعة، بل تحرص على متابعتهم بعد التخرج، بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل باستحقاق، وذلك عبر مركز مسارات للتطوير والتمكين التابع للمدينة، الذي يؤكد بشكل مستمر أهمية توظيف أصحاب الإعاقات بمختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، ودمجهم بالمجتمع، بعد تمكينهم وتعزيز مبدأ المناصرة الذاتية لديهم، انسجاماً مع رؤية وأهداف المدينة.378 وظيفة

وأضافت: «توفير فرص العمل للشباب من ذوي الهمم بمختلف الدوائر الحكومية المحلية والجهات العامة والخاصة يعتبر إحدى أطيب ثمار عملنا في المدينة، إذ نجح مركز مسارات للتطوير والتمكين في توفير فرص عمل للطلبة الخريجين وكان أبرزها توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية وضمان استمرارهم في العمل، إذ بلغ عدد الذين تم توظيفهم حتى العام الدراسي الحالي 328 شخصاً، بالإضافة إلى 50 منهم تم تعيينهم بكافة أقسام المدينة يمثلون ما نسبته 8% من إجمالي أعداد موظفي المدينة البالغ عددهم 610 موظفين وبهذا يصل إجمالي عدد الذين تم توظيفهم إلى 378 شخصا من ذوي الهمم».

وأضافت «نجحت المدينة في تأسيس مركز الإنتاج والتدريب الإعلامي الذي وفر فرص عمل لـ4 من الأشخاص ذوي الهمم، كما حققت إنجازاً جديداً بمجال التوظيف عبر افتتاح مزرعة الزاهية الذكية في فرعها في خورفكان، والتي تعد المشروع الطموح الأول من نوعه بالإمارات والمنطقة الذي يعتبر بكل المقاييس نقلة جديدة باستخدام تقنيات جديدة بالمزارع الذكية، الهدف منه هو تمكين الأشخاص ذوي الهمم اقتصادياً».

المناصرة الذاتية

وأوضحت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أن الرسالة التي تريد المدينة إيصالها إلى المجتمع عبر توظيف الأشخاص أصحاب الهمم تتلخص في التعريف بقدراتهم على العمل والإنتاج والاندماج بالمجتمع، وأكدت أن القائمين على المركز يبذلون كل الجهد لتعزيز استقلالية أصحاب الإعاقات، وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم، ليكونوا مناصرين ذاتيين يسهمون في بناء المجتمع.

وأشارت إلى تخصيص برامج أكاديمية ومشاريع إنتاجية بمركز مسارات للتطوير والتمكين التابع للمدينة، عبر الورش والمشاريع الإنتاجية التي تسهم في تدريب أصحاب الإعاقات بما يضمن حصولهم على وظائف، إلى جانب تخصيص قسم لتدريبهم العملي والنظري بطرق التواصل المثالية مع جهات العمل وكيفية التعريف بإمكاناتهم ومؤهلاتهم العلمية عند التقدم لدى أي جهة.

هيئة مرجعية

ونوهت بأهمية مركز الموارد بجامعة الشارقة الذي يقدم خدماته لأكثر من 60 طالباً من ذوي الإعاقات سواء الذين تخرجوا من المدينة أو من غيرها، يدرسون بتخصصات مختلفة بالجامعة، فالمركز بمثابة الهيئة المرجعية لهذه الفئة، كون القائمين عليه يتولون مسؤولية الاحتواء والدمج والتمكين من خلال منظومة عمل شاملة ومتكاملة تبدأ من مرحلة بدء التحاق الطالب بالجامعة والتسجيل فيها وتمتد إلى ما بعد التخريج.

وبينت أن المركز يقدم خدماته لجميع أصحاب الإعاقات الذين يدرسون في الجامعة، سواء من الذين تخرجوا من المدارس التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، أو من مدارس أخرى أو حتى القادمين من خارج الدولة للدراسة بجامعة الشارقة، إذ تقدم لهم إلى جانب المنح الدراسية المخصصة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، خدمات تسهم في تسهيل دراستهم كمنحهم كراسي متحركة وتوفير مترجمي لغة إشارة لهم أثناء المحاضرات وبعدها.

فرص تعليمية

وأشارت إلى سعي المدينة إلى دعم تعميم تجربة مركز الموارد لذوي الإعاقة الذي تم تأسيسه في جامعة الشارقة بالتعاون مع المدينة بجامعات الدولة، مؤكدة «لن نتردد في دعم إنشاء فروع لمركز الموارد بكافة جامعات الدولة التي تقدم خدماتها لطلابها من ذوي الهمم، لتيسير فرص حصولهم على التعليم الجامعي بأريحية، ولتسهيل السبل نحو تحقيق أعلى مستوى من التميز التعليمي الجامعي، وأيضاً لتشخيص أساليب التدريس وتقديم المنهج التعليمي والوسائل والطرق المبسطة».

الدمج التربوي

ولفتت إلى أن المدينة تمكنت منذ عام 1995 حتى الآن من دمج 502 من الطلبة ذوي الهمم بالروضات والمدارس الحكومية والخاصة، موضحة أن وحدة الدمج التي تأسست قبل عامين تمكنت من دمج 41 طالباً وهي ملتزمة بمتابعة الطلبة بعد دمجهم عبر زيارات ميدانية منتظمة للوقوف على سير الدمج بالشكل الأمثل ورصد أهم الاحتياجات والتحديات وتقديم الحلول للطالب والأسرة والمدرسة.

بصمة سياحية

وحول الجهود المبذولة للرقي بمستوى التعليم الجامعي لذوي الإعاقات، قالت مدير عام المدينة: «من واقع الإنجازات الاستثنائية التي حققها هؤلاء الأشخاص بحصولهم على شهادات جامعية في تخصصات مختلفة وانطلاقاً من إيماننا بقدراتهم الكبيرة على التحدي وتحقيق النجاح على الأصعدة كافة، دعمنا رغبة عدد من الطلبة الصم في دراسة تخصص السياحة في الجامعة تحقيقاً لرغباتهم، وللإسهام في خلق بصمة في سياحة متخصصة لهذه الفئة بعد تخرجهم من الجامعات وحصولهم على وظائف بالإرشاد السياحي».

اعتماد عالمي

وبخصوص حصول المدينة أخيراً على اعتماد عالمي من مؤسسة كارف العالمية، على كافة الخدمات التي تقدمها المدينة للأطفال والبالغين من ذوي الإعاقة في جميع إداراتها ومراكزها، أوضحت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أن «كارف» تعنى بمنح الاعتماد الدولي الخاص بمعايير المؤسسات العاملة بمجال الأشخاص ذوي الإعاقة والتأهيل والصحة والعلاج عالمياً، أما مدة الاعتماد فهي 3 أعوام، في حين تم الحصول عليه بعد زيارة وفد من «كارف» للمدينة استمر أياماً عدة تفقَّد خلالها مختلف أقسامها وفروعها في خورفكان والذيد وكلباء، واطلع على الخدمات والبرامج والممارسات وإجراءات العمل، والسياسات المتبعة في الخدمات الإنسانية.

رفع السقف

وأشارت إلى أن أي اعتماد عالمي تحصل عليه المدينة لا يعتبر شهادة تعلق على الحائط فقط، بل هو تقدير لجهود فريق العمل بالمدينة، ما يمنحهم حافزاً ودافعية أكبر للإبداع في العمل، فضلاً عن أنه أداة تسهم في استدامة العمل وتوثيقه عبر خلق خارطة واضحة المعالم، تأخذ بيد من يمسكون زمام العمل مستقبلاً لإكمال المسيرة، وفي الوقت ذاته يحقق مبدأ «رفع السقف» المتعلق بسياسة التعامل مع أصحاب الإعاقات عبر منحهم مساحات شاسعة من الإبداع ليصلوا بمجهودهم إلى أقصى حد من الإنجازات الاستثنائية.

ولفتت إلى أن المدينة حققت اعتمادات عدة من منظمات ومؤسسات دولية ذات اختصاص، منها اعتماد مدرسة الأمل للصم 4 مرات متتالية كمدرسة نموذجية من قبل شركة مايكروسوفت العالمية، نظراً لاتباعها سبل التعليم الحديث، وتركيزها على استخدام التكنولوجيا في تطوير العملية التعليمية.

توجيهات أبوية

وفيما يتعلق بحصولها على الدكتوراه الفخرية في التربية الخاصة من الجامعة الهاشمية أخيراً، قالت مدير عام المدينة: «شرَّفني صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والرئيس الفخري لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بثقته الغالية منذ اللحظة الأولى التي سلمني فيها مسؤولية إدارة هذه المؤسسة العريقة، التي استطاعت بدعمه المادي والمعنوي ومساندته وتوجيهاته الأبوية ورؤيته الثاقبة لمستقبل الأمور، أن تحقق العديد من الإنجازات وتقدم المزيد من الخدمات وأن تكون كما أرادها سموه»، مضيفة أن هذا التقدير جاء ليتوج جهود فريق عمل مخلص متفانٍ وجاد عمل على مدى أعوام طويلة ليقدم الكثير لمجتمع استحق هذه الخدمات والبرامج الموجهة للأشخاص ذوي الهمم.

محطات إنجاز

وأكدت حرص صاحب السمو حاكم الشارقة وقرينته، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، على تقديم كافة أشكال الدعم المعنوي والمادي للمدينة في أهم نشاطاتها وأبرز محطات عملها، إذ وجَّها إلى التوسع في تقديم الخدمات كماً ونوعاً، وكانا الداعمين لإنشاء وافتتاح فروع ومراكز جديدة للمدينة، وتقديم خدمات حديثة متطورة، والتأسيس لبنية تحتية متكاملة تضمن انسيابية العمل وجودة الخدمات.

قوائم انتظار

وبسؤالها عن المشاريع المستقبلية للمدينة قالت الشيخة جميلة القاسمي: «نحن بصدد انتقال جميع إدارات وأقسام ومراكز المدينة إلى مجمع جديد يضم إلى جانب مكاتب الإدارة مركزي التدخل المبكر والتوحد والصالة الرياضية وغيرها من المرافق الخدمية الأخرى المهيأة بأحدث وسائل التعليم والتأهيل والعلاج لأصحاب الإعاقات بما يتناسب مع نوع ومستوى كل حالة، لافتة إلى أن وجود الخدمات بمكان واحد سيسهم في إيجاد بيئة متكاملة تقدم خدمات تعليمية وتدريبية لطلبة المدينة وفق أعلى المعايير وبأحدث التقنيات عالية الجودة، ما يسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للمدينة والحد من قوائم الانتظار في ظل تزايد الطلب على خدمات المدينة وزيادة ثقة الأسر بأهميتها».