الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

صعوبة إثبات الاعتداء على أصحاب الهمم.. ومطالبات بتوفير وسائل تواصل فعالة

صعوبة إثبات الاعتداء على أصحاب الهمم.. ومطالبات بتوفير وسائل تواصل فعالة
طالب قانونيون بضرورة توفير وسائل فعالة للتواصل مع أصحاب الهمم، عندما يكونون طرفاً في بلاغات لدى الجهات المعنية، مشددين على ضرورة حماية أصحاب الهمم من الإساءة بمختلف أنواعها، وزيادة الإشراف والرقابة عليهم، لا سيما أن نحو ثلث البلاغات الأمنية في الشارقة تتعلق بهذه الفئة، بينما أكد الأهالي أن عجز أبنائهم عن تمييز ما يدور حولهم، جعلهم غير قادرين على الإدلاء بمعلومات دقيقة، ما يغري أصحاب النفوس الضعيفة بالتطاول عليهم.

من جهتها، أدرجت شرطة الشارقة بيانات 500 من أصحاب الهمم بقائمة الهاتف الخاص، للتواصل مع غرفة العمليات، لتيسير التبليغ عن أي حالة طارئة يتعرضون لها، سواء مرورية أو جنائية، أو يكونون شهوداً عليها، في حين وفّرت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مترجمي لغة إشارة، واختصاصيي تواصل، لهذه الفئة عند تقدمهم ببلاغات أمنية.

إثبات الضرر


سرد المواطن علي خلفان حادثة اعتداء تعرض لها شقيقه الصغير الذي يعاني من إعاقة بالسمع والنطق، إذ استهزأ به زملاؤه في المدرسة عند موقف الحافلة أثناء انصرافهم، وحين رفض ترك حقيبته التي حاول أحدهم أخذها منه بالقوة، سحبوها منه عنوة، بينما بقي هو، ممسكاً بطرفها، ما عرّضه لإصابات نتيجة سحبه على الأرض لمسافة طويلة.


وقال إن هذه الواقعة «جعلتنا نشتكيهم لإدارة المدرسة، التي لم تتمكن من إثبات تهمة الاعتداء عليهم، وكذلك بالنسبة لمركز الشرطة حين فتحنا بلاغاً ضدهم، واستغرقت إجراءات التحقيق والتقاضي أكثر من شهرين بلا جدوى، بسبب إصرار المعتدين على إنكار التهمة الموجهة لهم، وما عزز موقفهم، هو عدم وجود كاميرات مراقبة بمكان الواقعة».

وأكد أن الإعاقات التي يعاني منها البعض، تشجع أصحاب النفوس الضعيفة على الاعتداء عليهم، جسدياً ولفظياً وسرقتهم، لأنها تقف عائقاً أمام الإدلاء بمعلومات دقيقة، تمكن الجهات الأمنية من معرفة هوية الجناة أو إثبات الضرر الذي وقع على الضحايا.

القدرة على التعبير

وأشارت ناجية حمدان، والدة طفل عمره 12 عاماً، يعاني من إعاقة ذهنية منذ ولادته، إلى أن ظروفها المعيشية الصعبة حالت دون إلحاق ابنها بأحد مراكز التأهيل أو دمجه في إحدى المدارس الخاصة، مضيفة أنه «بقي بلا تعليم، وظل يقضي يومه في التجول بين الأحياء السكنية والمحال التجارية بمدينة الذيد التي نقيم فيها، ما جعله عرضة لتنمر لفظي وعنف جسدي من بعضهم، الذين يطلقون عليه أسماء فتيات ويتعمدون ضربه وإيذاءه، بشكل مستمر، كلما خرج من المنزل».

وأوضحت أن رؤيتها لهذه المواقف أكثر من مرة، دفعتها إلى أن تقصد مركز الشرطة لفتح بلاغ ضد هؤلاء الأشخاص، «إلا أنني لم أتمكن من إثبات ذلك، لعدم قدرة طفلي على التعبير والتواصل مع الآخرين، بلغة مفهومة لشرح تفاصيل ما تعرض له».

وذكرت أن أصحاب الهمم، بخلاف الآخرين، غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم، ما يجعلهم عرضة للإيذاء.

واستطردت تقول: «المعاقون ذهنياً لا يستطيعون فهم معنى الإساءة عندما تحدث لهم، كالاعتداء الجنسي أو اللفظي، أما أصحاب الإعاقات البصرية، فليست لديهم القدرة على التعرف على الجاني، ما يجعلهم ضحايا، ومجنياً عليهم».



تغليظ العقوبة

طالب المحامي راشد الشامسي بأن يكون مسار التحقيق في البلاغات الجنائية التي يتقدم بها أصحاب الهمم، دقيقاً ومراعياً مستوى ونوع إعاقاتهم، بحيث يتم توفير جميع الأدلة المتعلقة بتفاصيل الحادثة للمحقق، بواسطة الشهود وكاميرات المراقبة، إن وجدت بمكان الواقعة، وأيضاً، الاستعانة بمختص في التخاطب مع فئة الصم والبكم، إذا استدعت الحاجة.

وشدد على ضرورة توفير اختصاصيين لتلقي البلاغات من أصحاب الهمم، ليكونوا مؤهلين لإجادة التعامل معهم أثناء التحقيق، بغية معرفة تفاصيل الإساءة الواقعة عليهم، ما يسرع إجراءات التحقيق، وتالياً البت في البلاغات المقدمة من قبلهم.

ولفت إلى أهمية إصدار تشريعات وقوانين من شأنها تغليظ العقوبة في حق المعتدين على الأشخاص من أصحاب الهمم من أصحاب الإعاقات المختلفة، سواء كانت ذهنية أم جسدية، وتوفير الحماية التامة لتلك الفئة، لضمان حقوقهم كاملة، لعجزهم عن حماية أنفسهم.

بدوره، أشار المحامي محمد المرزوقي إلى أنه في حال كان أصحاب الهمم، هم الطرف المجني عليه، فالعقوبة تشدد على الجاني، لوجود «ظرف مشدد»، لا سيما فيما يتعلق بالاعتداءات المباشرة على جسد المجني عليه، والجرائم «الواقعة على الأرض»، من قبيل الاعتداءات الجنسية والضرب والتحرش والاعتداء الجسدي، لأن المجني عليه غير قادر على الدفاع عن نفسه.



واستدرك قائلاً: «أما في حال كان الجاني من هذه الفئة، فإنه يخضع للإجراءات القانونية نفسها، في التحقيقات الأمنية وفي المحاكمات، والتي يعامل بها الآخرون من غير أصحاب الهمم، خصوصاً في القضايا المالية والمشاجرات، كون بعضهم قادراً على الإدراك، باستثناء المعاقين ذهنياً الذين يصعب عليهم التعامل بالأمور المالية، لعدم أهليتهم».

مراحل التحقيق

أكد المستشار القانوني سامح شوقي ضرورة قيام الأسرة بواجبها تجاه أصحاب الهمم، بتعويدهم على عدم التعاطي مع الغرباء وأن يقولوا «لا» لكل ما يطلبونه منهم، كذلك يجب تعليمهم الإفصاح لوالديهم عن كل ما يتعرضون له، تجنباً لوقوعهم في شباك عديمي الضمير.

ولفت إلى أن بعض القضايا التي كان فيها المجني عليهم من أصحاب الهمم، استمر تداولها لأعوام بالمحاكم نتيجة نقصان الأدلة، أو عدم اكتمال إجراءات التحقيق، ما يؤكد ضرورة توفير وسائل تواصل تناسب إعاقتهم.

بيانات 500 شخص

من جانبها، أكدت شرطة الشارقة أنها تطبق إجراءات أمنية عدة، لتحقيق التواصل الفاعل مع ذوي الهمم المتقدمين ببلاغات عند تعرضهم لأي إيذاء أو اعتداء أو عند ورود بلاغات ضدهم، بهدف حفظ حقوقهم وتسريع إجراءات التحقيق معهم، لافتة إلى تأهيل وتدريب الموظفين من الشرطة على لغة الإشارة، ومهارات التواصل مع ذوي الهمم، كما يوجد مختصون للتعامل مع هذه الفئة بجميع مراكز شرطة الإمارة.

وأكدت أن البلاغات المسجلة من أشخاص عاديين ضد أصحاب الهمم بمراكز شرطة الإمارة، تكاد تكون نادرة، ولكن المسجلة من قبلهم في حق آخرين أكثر.

وأشارت إلى أنها، وبالتعاون مع الجهات المعنية بالإمارة، أدرجت بيانات 500 شخص من ذوي الهمم، خصوصاً أصحاب الإعاقات السمعية والبصرية والحركية، في قاعدة بيانات رقم الهاتف الخاص لتواصلهم مع غرفة العمليات المركزية للشرطة، لتسهل عليهم الإبلاغ عن أي حالة طارئة يتعرضون لها، أو يشهدون عليها، سواء مرورية أو جنائية.

نسبة البلاغات الأمنية

من جانبها، أكدت الجهات ذات الاختصاص بإمارة الشارقة، من بينها الشرطة والمحاكم والنيابة، أن نسبة البلاغات الأمنية الواردة التي كان ذوو الهمم طرفاً فيها وتم التعامل معها، سواء بتحويلها للنيابة والمحكمة، أو التي انتهت بمجرد وصولها إلى مراكز الشرطة، وصلت إلى 34% من إجمالي البلاغات العامة التي يتم التعامل معها.