الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

معلمون في مدارس خاصة براتب شهري 2000 درهم فقط

يتقاضى معلمون في مدارس خاصة بإمارتي الشارقة وعجمان رواتب شهرية تبلغ 2000 درهم فقط، استناداً على قانون التعليم الخاص الصادر عام 1999 بأن لا يقل الحد الأدنى لرواتب المعلمين عن ذلك المبلغ.

وأبدى معلمون استياءهم من ضآلة رواتبهم التي لا تحقق لهم مستوى معيشة مناسب، فالسقف الأعلى لها لا يزيد على 7 آلاف درهم بينما يبلغ حدها الأدنى 2000 درهم، وبلا أي امتيازات مهنية، موضحين أن الجهد الذي يبذلونه لا يتوافق والأجور التي يتقاضونها، إذ لا يقل مجموع الحصص الشهرية التي يقدمونها عن 120 حصة وبالتالي فإن أجر الواحدة منها لا يزيد على نحو 16.6 درهم وفق الحد الأدنى، مطالبين الجهات المعنية بحل هذه الإشكالية القائمة منذ أكثر من 10 أعوام.

وحذرت هيئة المعرفة والتنمية البشرية من تأثيرات سلبية لضآلة راتب المعلم على العملية التعليمية والمستوى الدراسي للطالب بخسارة الكوادر التعليمية المميزة، فيما رأت وزارة التربية والتعليم أن عقد العمل يكون بالتراضي بين الطرفين وليس لها صلاحيات التدخل.

من جهتها، طرحت اللجنة التربية والتعليم والثقافة والشباب والإعلام بالمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة أخيراً، مقترحاً لرفع الحد الأدنى لأجور المعلمين في المدارس الخاصة بالإمارة بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف الحياة، بينما أكدت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، رفض كل الطلبات المقدمة إليها من مؤسسات تعليمية في الإمارة، لتخفيض أجور الهيئات التدريسية لديها خلال العام الدراسي الحالي.

ويبلغ عدد المدارس الخاصة في الدولة 643 مدرسة مُسجل في قاعدة بياناتها 50 ألفاً و869 معلماً.

لا امتيازات مهنية

وقالت المعلمة كفاح علي إنها تتقاضى راتب 3900 درهم بعد مرور أكثر من 12 عاماً من العمل بدأت فيه براتب 2000 درهم، أي أن الزيادة السنوية للأجر لم تتجاوز 158 درهماً، بينما لا تمنح المدارس الخاصة لمعلميها أي امتيازات مهنية كإجازات مدفوعة الأجر أو تأمين صحي أو بدلات لتذاكر السفر أو لطبيعة العمل.

وأضافت: أما مقياس الزيادات في الرواتب فيختلف من مدرسة لأخرى وفق اعتبارات عدة أهمها الطاقة الاستيعابية لكل مدرسة وإجمالي قيمة إيراداتها السنوية، فضلاً عن موقعها الجغرافي والمنطقة التعليمية بالدولة التابعة لها التي تحدد اختلاف مستوى معيشة الفرد من إمارة لأخرى".

وتابعت: «زيادة الراتب داخل المدرسة يعتمد على صافي الربح الذي تحققه بعد طرح النفقات من الإيرادات، وكذلك عدد الطلبة المسجلين كل عام، وعدد الفصول الدراسية والحصص الأسبوعية الملقاة على عاتق المعلم».

وقالت علي: «شعوري بالإحباط وبعدم التقدير دفعاني لترك عملي قبل نحو عام لأني أدركت أن محصلة ما تتقاضها المدرسة من الطلبة المسجلين لديها لا تتناسب وأجورنا الضئيلة التي لا تغطي غلاء المعيشة وارتفاع تكاليفها».

الحلقة الأضعف

وذكر عبدالله مازن (معلم بإحدى مدارس الشارقة الخاصة) أن الجهد الذي يبذله المعلمون والمتمثل في إعطاء الدروس ووضع أسئلة الامتحانات ورصد الدرجات ومتابعة مستوى الطلبة لا يتناسب مع الرواتب التي يتقاضونها، ففيما لا يقل مجموع الحصص الشهرية التي يقدمونها عن 120 حصة أي بواقع 6 حصص يومياً، فإن قيمة الحد الأدنى لرواتبهم الإجمالية هي 2000 درهم أي أن قيمة الحصة الواحدة 16.6 درهم، وهذه الإشكالية ما زالت قائمة منذ أعوام ولم توجد حلول مناسبة لها.

وتابع: «حين بدأت إدارات المدارس الخاصة بتطبيق نظام التعليم عن بعد كنا الحلقة الأضعف إذ خيرتنا بين ترك العمل أو تخفيض رواتبنا، على الرغم من أنها انتهجت سياسة توفير النفقات خلال الأزمة عبر دمج الفصول الدراسية بالحصص الإلكترونية الذي وفر عليها عدد المعلمين ما دفعها للاستغناء عن بعضهم، الأمر الذي لا يتوافق مع حججها المتكررة بأن الرسوم التي تتقاضاها من الطلبة لا تمكنها من رفع رواتب المعلمين».

نظام «المياومة»

وأكدت نصراء عوض (معلمة اللغة العربية بإحدى المدارس الخاصة بعجمان) أن الإجازة الصيفية ومدتها شهران تكون غير مدفوعة الأجر، ما يؤدي لتراكم التزامات مالية كثيرة، مضيفة «لا يزيد راتبي على 2500 درهم وفي حال اضطررت لأخذ إجازة طارئة فيتم اقتطاع أيامها من إجمالي الراتب الشهري، وفق شروط عقد العمل المحسوب بنظام "المياومة" التي تصل قيمتها إلى 113 درهماً.

وأضافت: مع بدء تطبيق نظام التعلم عن البعد زاد العبء علينا أكثر من السابق، عبر متابعة عدد أكبر من الطلبة نتيجة دمج الفصول ذات المستوى الدراسي الواحد، والتأكد من حضورهم الحصص، والاتصال بالأمهات لتسليم واجبات أبنائهن الطلبة، في حين بقيت رواتبنا كما هي بل أضحت مهددة بالتخفيض".

انعكاسات سلبية

وقالت هيئة المعرفة والتنمية البشرية إن تدني رواتب المعلمين بالمدارس الخاصة أسهم في عدم قدرتها على تحقيق الاستقرار النفسي لطلبتها بسبب توجه عدد كبير من معلميها للعمل بمهن أخرى أو لإعطاء دروس خصوصية دخلها أكبر من رواتبهم الشهرية.

وأكدت «ما لا يقل عن 30% من المدارس الخاصة تخسر كادرها التعليمي لأن رواتبهم لم تحقق لهم الحد الأدنى المرضي من المعيشة»، محذرة من تأثيرات سلبية لضآلة راتب المعلم على العملية التعليمية والمستوى الدراسي للطالب، فالمعلم يبقى مشغول البال لتوفير الأساسيات الضرورية لحياته، فضلاً عن إحساسه المستمر بالإحباط لأن الجهد الذي يبذله غير مساوٍ للأجر الذي يحصل عليه"

عقود تراض

وأفادت وزارة التربية والتعليم بأن رواتب معظم معلمي المدارس الخاصة تتراوح بين 2000 و8000 درهم، والاتفاق بينهم يكون وفق عقود تراض، وليس للوزارة صلاحيات تحديد قيمة هذه الرواتب، لافتة إلى أن معظم المدارس تمنح كادرها التعليمي خصماً تصل نسبته لــ80% على رسوم دراسة أبنائهم المسجلين لديها الأمر الذي يشجعهم على استمرار العمل فيها.

مقترح برلماني

وطرحت لجنة التربية والتعليم والثقافة والشباب والإعلام بالمجلس الاستشاري لإمارة الشارقة أخيراً، مقترحاً لرفع الحد الأدنى لأجور المعلمين في المدارس الخاصة بالإمارة بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف الحياة للنهوض بالعملية التعليمية ومساعدة المعلمين على التفرغ لتطوير مستوياتهم وأنفسهم.

واستند المقترح الذي جرى تقديمه لهيئة الشارقة للتعليم الخاص على دراسة القيمة السوقية للحد الأدنى لمعيشة الفرد وأهمية تحقيق النسبة والتناسب بين رواتب المعلمين في القطاعين الحكومي والخاص، وأن رفع قيمة رواتب معلمي القطاع الخاص سيسهم بشكل فاعل في توفير فرص وظيفية للمواطنين في هذا القطاع مستقبلاً".

إلغاء رخصة

وأكدت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، رفض كل الطلبات المقدمة إليها من مؤسسات تعليمية في الإمارة، لتخفيض أجور الهيئات التدريسية لديها خلال العام الدراسي الحالي، بسبب تداعيات الظروف الراهنة، وذلك حفاظاً على استمرارية جودة التعليم والتعلم، مشددة أنه في حال حدوث عدم التزام من المدارس، فإنها ستتخذ الإجراءات القانونية التي قد تصل لإلغاء رخصة المؤسسة التعليمية الخاصة.