الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

«مسبار الأمل».. بوابة حقبة جديدة في مسيرة الإمارات نحو الفضاء

«مسبار الأمل».. بوابة حقبة جديدة في مسيرة الإمارات نحو الفضاء

انطلق مسبار الأمل فعلياً نحو المريخ لتصنع دولة الإمارات إنجازاً فضائياً هو الأول من نوعه في المنطقة، بعدما نجحت عملية إطلاق المسبار فجر اليوم الاثنين في الساعة 01:58 بتوقيت الإمارات، من مركز تانيغاشيما للفضاء في اليابان، حيث انفصل مسبار الأمل عن صاروخ الإطلاق بنجاح، واستقبلت محطة التحكم الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في الخوانيج بدبي أول إشارة من المسبار.

وتلقى المسبار أول أمر من المحطة الأرضية، وذلك بفتح الألواح الشمية وتشغيل أنظمة الملاحة الفضائية وإطلاق أنظمة الدفع الصاروخي، فيما يشكل بداية رحلة المسبار إلى المريخ، يتوقع أن تستغرق 7 أشهر، يقطع خلالها 493 مليون كم، بحيث يتوقع أن يصل إلى مدار الكوكب الأحمر في الربع الأول من 2021، بالتزامن مع احتفال دولة الإمارات بذكرى 50 عاماً على إعلان الاتحاد.

وانطلق العد التنازلي للإطلاق في محطة التحكم الأرضية في الخوانيج باللغة العربية، وهي سابقة في تاريخ المهمات الفضائية.

وكانت عملية إطلاق المسبار قد تأجلت مرتين، الأولى في 15 يوليو الجاري والثانية في 17 من الشهر نفسه، لكن تم تأجيل العملية في المرتين بسبب اضطراب الأحوال الجوية في اليابان، مع تشكل سحب ركامية كثيفة وعبور تيارات هوائية متجمدة، ليتم اختيار فجر اليوم 20 يوليو موعداً مثالياً للمضي قدماً في العملية، وذلك قبل إغلاق نافذة الإغلاق المتاحة حتى 3 أغسطس 2020.

ويأتي الإطلاق الناجح لمسبار الأمل تتويجاً لجهود المهندسين والمهندسات من الكوادر الإماراتية العلمية، من وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، سواء أولئك الموجودون بمركز الإطلاق باليابان، أو المتمركزون في محطة التحكم الأرضية بالخوانيج، حيث استطاع الفريق أن ينجز كافة التفاصيل النهائية والاختبارات والتجارب والمهام العلمية المتعلقة بالمسبار في وقت قياسي، مع تسارع العمل على المشروع بالشهور الأخيرة، للتغلب على العوائق اللوجستية والتحديات الفنية التي فرضها وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).



منعطف تاريخي

في هذا الخصوص، قال وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، إن إطلاق مسبار الأمل يشكل منعطفاً تاريخياً في مسيرة الإمارات التنموية، كونه يدشن حقبة جديدة من التفوق العلمي والتكنولوجي في الدولة والعالم العربي، ويرسخ سمعة الإمارات بوصفها الأكثر تطوراً بالمنطقة في علوم الفضاء والصناعات الفضائية.

وأضاف: «مسبار الأمل بلا شك خطوة كبيرة في برنامج الفضاء الإماراتي الطموح. لقد كنا محط أنظار العالم على مدى شهور عدة، حيث انتظر العلماء والخبراء في كل مكان معرفة ما إذا بإمكاننا تحقيق هذا الإنجاز»،

موضحاً: "إنجازنا لا يتمثل فقط في الإطلاق الناجح لمسبار الأمل، وإنما في تأهيل كوادر علمية من أبناء وبنات الوطن للعمل على المشروع، وتصميم وبناء المسبار في 6 سنوات فقط.. وها نحن اليوم ندع إنجازنا يتحدث عنا.".

وأشار الفلاسي إلى أن أحد أهم أهداف مشروع «مسبار الأمل» هو تطوير برنامج فضائي وطني قوي، وبناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، والتأسيس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء لتوسيع نطاق الفوائد، وتعزيز جهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء لتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأكد أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ حقق بالفعل عدداً من أهدافه، أبرزها زيادة الوعي بأهمية الفضاء وعلومه، ما من شأنه زيادة اهتمام الطلبة بالانخراط في هذا القطاع الحيوي سريع النمو، والاستفادة من المساقات التعليمية التي توفرها حالياً 3 من الجامعات في الدولة، كما أن هناك 3 جامعات أخرى في الطريق إلى استحداث مساقات وبرامج أكاديمية مرتبطة بالقطاع الفضائي، ويوجد حالياً في الدولة 5 مراكز بحثية متخصصة بعلوم الفضاء، والأكثر من ذلك أن الإمارات أصبح لديها كوادر وطنية مؤهلة لقيادة القطاع الفضائي، متمثلة في 200 مهندس ومهندسة عملوا على مدار السنوات الست الماضية على تطوير مسبار الأمل، بالتعاون مع الشركاء العلميين للمشروع واكتسبوا خبرات ومعارف، يمكنهم نقلها ومشاركتها مع أقرانهم من أبناء وبنات الوطن.

من جانبها، هنأت وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة وقائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» سارة الأميري، القيادة الرشيدة وأعضاء فريق عمل المسبار ووكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء على هذا النجاح المبهر.

وقالت: «الإطلاق الناجح لمسبار الأمل يعد تتويجاً لجهود مهندسينا الذين عملوا على هذا المشروع، وجعلوه مرتكز أحلامهم وطموحاتهم، تقف وراءهم قيادة آمنت بشبابها ودعمتهم ووفرت لهم كل الإمكانات والموارد كي يعملوا ويطورا ويتميزوا ويتفوقوا».

وأكدت الأميري أن «مسبار الأمل يضيف بُعداً مهماً إلى أنشطة القطاع الفضائي الإماراتي رغم حداثة عهده»، لافتة إلى أن «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يضمن للدولة مكانة رائدة ضمن نادي الدول صاحبة الإنجازات الفضائية، وهو نادٍ نخبوي متاح للدول التي تعانق طموحاتها السماء كدولتنا».

صناعة المستقبل

بدوره، قال رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء حمد عبيد المنصوري: «الإطلاق الناجح لمسبار الأمل يرسخ المكانة التي استحقتها دولة الإمارات إقليمياً وعالمياً خلال فترة وجيزة بخطوات متتالية جعلت منها لاعباً رئيسياً في علوم الفضاء في المنطقة».

وأكد أن «مسبار الأمل وغيره من المشاريع الفضائية المستقبلية تستهدف ترسيخ مكانة الدولة على خريطة العلم والتقدم والازدهار، بفضل الدعم المتواصل واللامحدود من القيادة الحكيمة الساعية إلى الاستثمار في صناعة مستقبل أفضل لشعبها وتمكين أبنائها وبناتها».

من ناحيته، قال مدير عام وكالة الإمارات للفضاء الدكتور محمد ناصر الأحبابي: «من خلال انطلاق مسبار الأمل في رحلته التاريخية إلى المريخ، فإننا نعيش حدثاً مهماً سيكتبه التاريخ بحروف مضيئة ضمن قصة الإمارات الملهمة كدولة لا تعرف المستحيل.. دولة حققت خلال 5 عقود من نشأتها منجزات ثقافية وعلمية واقتصادية وإنسانية جعلتها نموذجاً تنموياً جديراً بأن يُحاكى وأن تُستنسخ تجربتها.. وها هو مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ يأتي بمثابة العنوان الأبرز في سجل إنجازاتها.. لكننا لن نتوقف بعد هذا الإنجاز، ذلك أنه لا سقف لطموحاتنا وتطلعاتنا».

وأشار إلى أن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ والإطلاق الناجح لمسبار الأمل في رحلته التاريخية إلى الكوكب الأحمر، يعد نقطة تحول في خطط التنوع الاقتصادي التي تنفذها الدولة منذ سنوات، استعداداً لاقتصاد ما بعد النفط القائم على المعرفة والابتكار، إذ إن الإمارات تمكنت منذ تأسيس وكالة الإمارات للفضاء من استحداث قطاع فضائي يتمتع بأفضل بنية تحتية وبيئة تشريعية في المنطقة، ما يجعله جاذباً للاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية.

ولفت الأحبابي إلى تطور قطاع الفضاء بالإمارات في سنوات محدودة، ليشمل حالياً: 10 أقمار اصطناعية مدارية، و8 أقمار اصطناعية جديدة قيد التطوير، كما استثمرت الدولة 6 مليارات دولار (نحو 22 مليار درهم) بقطاع الفضاء، وهناك أكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية داخل الدولة، بما في ذلك شركات عالمية وشركات ناشئة، وأصبح قطاع الفضاء بالدولة يضم أكثر من 3100 موظف، 34% منهم نساء.



لا شيء مستحيل

إلى ذلك، أكد مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء يوسف حمد الشيباني، أن نجاح انطلاق مسبار الأمل يدشن حقبة جديدة في مجال استكشاف الفضاء الخارجي على مستوى دول المنطقة، حقبة تقودها دولة الإمارات التي تفتح أياديها لكل المواهب والخبرات والطاقات العلمية العربية، كي تكون جزءاً من الطموح الإماراتي الفضائي.

وتابع: «ما سيقدمه مسبار الأمل للبشرية سيشكل ثروة علمية هائلة، تتيح للمجتمع العلمي العالمي قراءة تفصيلية لمناخ الكوكب الأحمر بما يسهم في فهم ما تعرض له على مدى تاريخه من تغيرات مناخية، لمساعدة العلماء على استقصاء إمكانية الحياة على المريخ، وفي الوقت نفسه مقارنة القراءات المناخية المريخية مع الظروف المناخية على الأرض، كي نكون أقدر على التعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية التي قد يواجهها كوكبنا الأم».

فريق مسبار الأمل

هذا وأشرف فريق من المهندسين والفنيين من الكوادر الإماراتية الشابة على التجهيزات النهائية في مركز الإطلاق باليابان قبيل إقلاع المسبار إلى الفضاء، ويضم الفريق الذي تقوده سارة الأميري، كلاً من: نائب مدير المشروع ومدير فريق تطوير المسبار وقائد فريق العمل في اليابان سهيل الظفري المهيري، ومدير فريق الإطلاق عمر الشحي، ومدير المخاطر محسن العوضي، ومهندس الأنظمة الحرارية يوسف الشحي، ومهندس أنظمة الاتصالات خليفة المهيري، ومهندس أنظمة الطاقة عيسى المهيري، ومهندس الأنظمة الميكانيكية أحمد اليماحي، ومهندس الأنظمة الميكانيكية محمود العوضي، ومهندس أنظمة الدعم الأرضي محمد العامري.

كما يضم فريق العمليات والتحكم الأرضي المسؤول عن متابعة مسبار الأمل من المحطة الأرضية بمركز محمد بن راشد للفضاء في الخوانيج بدبي، نخبة من الكفاءات الوطنية في قطاع التحكم الفضائي.

ويتألف الفريق، بقيادة مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ عمران شرف، من: نائب مدير المشروع مسؤول إدارة العمليات والتحكم بمسبار الأمل المهندس زكريا الشامسي، ومسؤول التحكم الملاحي وقائد فريق تطوير النموذج الهندسي لنظام مسبار الأمل المهندس علي السويدي، ورئيس قسم العمليات الفضائية بالوكالة ومسؤول التحكم الملاحي بالمحطة الأرضية لمسبار الأمل المهندس محمد البلوشي، ورئيس تطوير برمجيات العمليات الفضائية المهندس محمود الناصر، ومهندس أنظمة بمركز محمد بن راشد للفضاء وقائد فريقي تصميم المهمة والملاحة في الفضاء العميق لمسبار الأمل المهندس عمر عبدالرحمن حسين، وأخصائي أول أنظمة وبرامج بوكالة الإمارات للفضاء ومسؤول تحكم بالأوامر في مشروع مسبار الأمل المهندس مبارك محمد الأحبابي، ومطور برمجيات العمليات بمشروع مسبار الأمل المهندس حمد الحزامي، ومدير عمليات المهمة المهندس ماجد اللوغاني، مهندس أول وحدة عمليات الأقمار الاصطناعية ومسؤول التحكم الملاحي في مشروع مسبار الأمل المهندس أحمد ولي.

اقرأ أيضاً: مسبار الأمل.. من الألف إلى الياء