الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

إماراتيون يتقاضون 5000 درهم في القطاع الخاص .. و«الموارد البشرية» تبحث رفع الحد الأدنى للرواتب

إماراتيون يتقاضون 5000 درهم في القطاع الخاص .. و«الموارد البشرية» تبحث رفع الحد الأدنى للرواتب
تبحث وزارة الموارد البشرية والتوطين إجراء دراسة مستقبلية لرفع الحد الأدنى لرواتب المواطنين بالقطاع الخاص، بما يحقق مصلحتهم، في ظل وجود مواطنون يعملون برواتب شهرية لا تتعدى 5000 درهم الأمر الذي لا ينسجم مع متطلبات الحياة الحالية.

وأفادت الوزارة بأن الحد الأدنى لرواتب الوظائف التي يحصل عليها المواطنون في مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص وبدوام كامل، لا يقل عن 5000 درهم شهرياً، وهذه الآلية مطبقة بالشواغر المطروحة في المواقع الإلكترونية للمؤسسات الخاصة أو معارض التوظيف.

وذكر مواطنون أن عدم توافر وظائف اضطرهم لقبول عمل برواتب أقل من 5000 درهم بالقطاع الخاص دون أي امتيازات بهدف الحصول على خبرة مهنية.

من جهتهم، شدد خبراء ومستشارو موارد بشرية على ضرورة تعديل الحد الأدنى لرواتب المواطنين في «الخاص» بما يضمن استمرارية خطط وبرامج التوطين، وتوفير فرص وظيفية أكبر، علاوة على تحقيق الأمان الوظيفي وتالياً تقليص قوائم الباحثين عن عمل.

ورأوا أن تعديل الحد الأدنى سيسد الفجوة بين رواتب القطاعين الحكومي والخاص ودعم الحكومة للمؤسسات الخاصة، عبر تقديم تسهيلات لها مثل ترسية مشاريع، وإلغاء أو خفض رسوم مستحقة.

خبرة مستقبلية

وقالت المواطنة خديجة إبراهيم آل علي، إنها تحمل دبلوماً في الإدارة ونظراً لعدم توافر شواغر وظيفية في القطاع الحكومي اضطرت للعمل في أحد مصانع اليخوت بدوام 8 ساعات يومياً وبراتب لا يزيد على 4500 درهم شهرياً، وبعد مرور 3 أعوام طالبت إدارة الشركة التي تعمل فيها بزيادة الراتب فكان الرد بالرفض لعدم وجود اشتراطات في عقد العمل تلزمها بالزيادة بينما أكد لها مسؤولوها أن عملها فرصة لاكتساب خبرة مهنية تضمن لها مستقبلاً الحصول على وظائف برواتب عالية، مشيرة إلى أن الحد الأدنى لرواتب المواطنين في القطاع الخاص يعتبر من أبرز التحديات التي تجعلهم يعزفون عن العمل فيه ما يزيد من قوائم المواطنين الباحثين عن عمل.



إثبات الذات

وأفاد المواطن أحمد الحمادي الذي يحمل البكالوريوس في الإعلام مسار العلاقات العامة بأنه بعد أن فشل في الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي كون التخصص الدراسي الذي يحمله غير مطلوب بسوق العمل على الرغم من أنه التحق بدورات تدريبية وتأهيلية في مجالات عدة منها الإدارة والموارد البشرية وتقنيات الحاسوب، إلا أن المجال الذي كان متاحاً أمامه هو القطاع الخاص بعد أن حصل على وظيفة خدمة المتعاملين براتب 4700 درهم، لدى إحدى المؤسسات الكبرى في هذا القطاع أثناء زيارته لأحد معارض التوظيف.



ولفت إلى أن ما دفعه لقبول هذه الوظيفة هو الحصول على خبرة مهنية تضمن له مستقبلاً وظيفة في القطاع الحكومي براتب عالٍ وكذلك طموحه بزيادة الراتب مستقبلاً في حال تمكن من إثبات ذاته في مجال العمل، إلا أن الواقع لم يكن مطابقاً لطموحه إذ لم تزيد قيمة الراتب على الرغم من مرور 4 أعوام على التحاقه بالوظيفة.

لا بدلات أو امتيازات

وقال عماد اليافعي الذي يحمل شهادة الدبلوم الفني :" أعمل حاليا في قسم المحاسبة بأحد أفرع المتاجر العالمية الكبرى بالدولة، براتب 4470 درهم شهرياً، دون أي بدلات أو امتيازات أخرى، كما أني لا أحصل على تسهيلات من البنوك بخصوص قروض التمويل الشخصي في حال احتجت له، ولا على مزايا التأمين الصحي والإجازات سواء التعويضية أو العرضية، في حين أن بعض الإجازات المرضية تخصم من رصيد الإجازات السنوية".



وأشارت حصة الحاتمي إلى أنها تعمل بقسم إسعاد المتعاملين بإحدى مراكز تقديم الخدمة براتب لا تزيد قيمته على 4500 درهم، وهذا الراتب غير قابل للزيادة التزاماً بالعقد المبرم بين صاحب العمل والموظف، موضحة أن جهة عملها حددت للموظفين مهامهم الوظيفية المطلوبة منهم وفي حال تمكنوا من تخليص عدد من المعاملات غير المجدولة ضمن مهام عملهم يتم منحهم عمولات مالية قد يصل مجموعها الشهري إلى 7 آلاف درهم.

أما منى محمد التي تحمل شهادة الثانوية العامة فتعمل مشرفة في حافلة مدرسية تتبع لإحدى شركات المواصلات الخاصة بعقد خارجي مسجل فيه راتب شهري قيمته 3000 درهم، بينما اضطرت للقبول بهذه الوظيفة كونها المتوافرة أمامها وأيضا من أجل إعالة أسرتها بعد أن ترك زوجها عمله، مشيرة إلى أنها تعمل من الساعة السادسة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر ولا تقتصر مهام عملها على الاشراف على الطلبة داخل الحافلة بل تعمل على تنظيمهم داخل المدارس والمقاصف.

سد الفجوة

وشدد مستشار تنمية بشرية سعيد بالليث الطنيجي، على ضرورة معالجة فوارق الأجور من خلال سد الفجوة، ووضع حد أدنى مناسب لرواتب المواطنين في القطاع الخاص أسوة بالحكومي، بما يضمن توفير الحياة الكريمة لهم، كون القيمة الإجمالية للحد الأدنى لرواتب المواطنين العاملين بالقطاع الخاص لا تزيد على 5000 درهم ودون أي امتيازات في عقد العمل، لافتاً إلى أن القطاع الحكومي في بعض إمارات الدولة قرر الحد الأدنى لرواتب الموظفين المواطنين بـ17500 درهم.



وأشار إلى أن أزمة «كورونا» وما ترتب عليها من توقف مؤقت لاستقدام العمالة الوافدة من دولهم، كشفت أهمية التوطين في القطاع الخاص، فالمواطنون الباحثون عن عمل من أصحاب الشهادات الدراسية المختلفة أبدوا استعدادهم للعمل في المؤسسات الخاصة في حال خصصت لهم رواتب مناسبة، كما أن تعيينهم سيوفر على أصحاب هذه المؤسسات رسوماً عدة مثل عمل الإقامة وتجديدها.

تحقيق التوازن

وناشد مدرب دولي وخبير موارد بشرية كنعان حمد، الجهات المعنية بإعادة النظر في الحد الأدنى لرواتب المواطنين في القطاع الخاص، لضمان تحقيق توازن في السوق، لا سيما أن بعض الموظفين يعزفون عن العمل في هذا القطاع بسبب قلة الرواتب التي ما زال حدها الأدنى لا يزيد على 5000 درهم، في ظل ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة، لافتاً إلى أن عقود العمل قد تكون صورية أحياناً، فإجمالي الراتب المسجل في العقد يصل إلى 5000 درهم، بينما في الواقع لا يتعدى 4000 آلاف درهم فيضطر الموظف للقبول به لاكتساب خبرة تؤهله لوظيفة أفضل.

وشدد على ضرورة دعم المواطنين في القطاع الخاص كونهم في حاجة ملحة إلى تعديل أوضاعهم، لضمان استمرارية خطط وبرامج التوطين، ولن يتحقق هذا الهدف إلا برفع الحد الأدنى لرواتبهم وإلزام المؤسسات بتنفيذه ضمن أحد البنود الرئيسة لعقد العمل، كما أن على الحكومة دعم هذا القطاع عبر تقديم تسهيلات له مثل ترسية مشاريع، وإلغاء أو خفض رسوم مستحقة على مؤسساته، بهدف سد الفجوة في الرواتب بينه والحكومي.

ولفت إلى أن وجود فوارق بين رواتب وامتيازات المواطنين العاملين في القطاع الحكومي، ونظرائهم في القطاع الخاص، علاوة على شعور هؤلاء المواطنين بعدم الأمان في العمل الخاص، خصوصاً فيما يتعلق بالثبات الوظيفي.

نسبة وتناسب

ورأى متخصص في التنمية البشرية سلطان كراني، ضرورة تطبيق اشتراطات على القطاع الخاص بهدف توظيف المواطنين برواتب جيدة تضمن لهم الحياة الكريمة في ظل غلاء المعيشة، عبر تحقيق النسبة والتناسب بين دخل المؤسسة وراتب الموظفين فيها، بالإضافة إلى خلق عوامل تحفيز للمواطنين على استمرار العمل بمؤسسات القطاع الخاص على الرغم من قلة قيمة الرواتب فيها من خلال تخصيص عمولة نسبة من أرباح المؤسسة للفئة المتميزة من الموظفين لحثهم على رفع مستويات أداءهم والسعي لتحقيق التميز، ما يحقق الفائدة لكلا الطرفين.



ولفت إلى أهمية أن تقدر شركات ومؤسسات القطاع الخاص الدعم والتسهيلات المقدمة لها من الحكومة، وأن تسعى باستمرار لرد جزء من الجميل لها عبر رفع نسبة المواطنين في هيكلها التنظيمي ورفع قيمة الحد الأدنى لرواتبهم والتي يجب أن تكون ضمن المعدل المقبول الذي يراوح بين 15 ألفاً و20 ألف درهم.

مؤشرات التضخم

بدورها، أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين أنها تسعى لتحقيق التوازن في سوق العمل، والربط بين قيمة الأجور وواقع القيمة الشرائية على السلع الأساسية بالدولة، علاوة على أنها تقدم حوافز عدة للمنشآت التي تسهم في تعزيز التوطين من خلال نادي شركاء التوطين، بالإضافة إلى تشجيعها للمواطنين الباحثين عن عمل على القبول بوظائف القطاع الخاص عبر تأهيلهم وإلحاقهم بدورات تدريبية واستمرار المتابعة اللاحقة لهم بعد التوظيف للوقوف على أي إشكالية قد تصادفهم والعمل على حلها، كما تسعى لحصولهم على الحوافز والمكافآت المالية من جهات عملهم لتحسين دخولهم.

وأكدت أنها تبحث إجراء دراسة مستقبلية لرفع الحد الأدنى لرواتب المواطنين بالقطاع الخاص، بما يتناسب مع ارتفاع أسعار السلع ومؤشرات التضخم ويحقق مصلحة المواطنين.

وأوضحت أن لصاحب المنشأة والباحث عن عمل الحرية في اختيار صاحب العمل، ونوعية العمل واختيار الموظف الذي يعمل لديه، وتحديد الأجر الذي يتفقان عليه دون تدخل الوزارة كون هذا الاتفاق يقوم على أمور عدة أبرزها العرض والطلب وعدد سنوات الخبرة المهنية وتفاوت مستويات المهارات في المتقدمين للوظيفة.

مراجعة مستمرة

وأكد تقرير صادر من وزارة الموارد البشرية والتوطين أن تحديد قيمة الحد الأدنى للأجر ومدى كفايته لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية، يتطلب مراجعة مستمرة لقيمة هذا الحد بما يتناسب مع متغيرات سوق العمل وتكاليف المعيشة المتغيرة، مع مراعاة قدرة أصحاب العمل على الدفع، لا سيما أن رفع الحد الأدنى لرواتب المواطنين سيشمل جميع الفئات والمستويات الوظيفية من العاملين بهذا القطاع.