الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

وصفة صحية تستبق أمراض «التعليم عن بعد» بين الطلبة

وصفة صحية تستبق أمراض «التعليم عن بعد» بين الطلبة
قدم أطباء وتربويون وصفة صحية من مجموعة إجراءات تستبق إصابة الطلبة الدارسين في نظام "التعليم عن بعد" بأمراض جسدية أو نفسية جراء جلوسهم لساعات طويلة أمام أجهزة الحاسوب للدراسة وابتعادهم عن محيطهم الاجتماعي المتمثل بأصدقاء المدرسة.

ورجّح أطباء وأولياء أمور أن الجلوس لفترات طويلة أمام الحاسوب للدراسة والمكوث بشكل شبه دائم في المنزل سينعكس لاحقاً وبشكل سلبي على نمط الحياة الصحي للطلبة، موضحين أن هذا الروتين اليومي للأطفال والشباب قد يتسبب أمراض العيون، زيادة الوزن، الخمول، ناهيك عن العصبية والضغط النفسي والانعزالية.

وتتمثل الإجراءات المطلوبة للحفاظ على التوازن بين صحة الطلبة ودراستهم، الاستمرار في تقديم حصص الرياضة من قبل المدارس أونلاين، إذ تضمن هذه الحصة تأدية الطالب للنشاط البدني بأداء حركات يقدمها معلم الرياضة على الشاشة، ومن الإجراءات أيضاً إعطاء الطالب خلال الحصص فترات زمنية قصيرة جداً للحركة وإبعاد عينيه عن الشاشة، وتنبيه التلاميذ في جميع الحصص إلى ضرورة الجلوس بطريقة سليمة.

وشددوا على دور أولياء الأمور في هذا الجانب، إذ لا بد من إعطاء الطالب مساحة للحركة بعد انتهاء يومه الدراسي على الحاسوب، إما بتشجيعه على ممارسة رياضة معينة أو بأخذه إلى المنتزهات أو الأماكن المفتوحة بشكل عام مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، ما يضمن الصحة الجسدية والنفسية للأبناء.


وأشاروا إلى أن متوسط الساعات التي يقضيها الطالب في استخدام الأجهزة اللوحية في منظومة التعليم عن بعد، بل حتى خلال منظومة التعليم المباشر، يبلغ يومياً نحو 8 ساعات، منها 5 ساعات ونصف الساعة على هيئة حصص دراسية، يضاف إليها ساعات الدراسة والمراجعة والواجبات، هذا إن لم تكن تسليتهم وألعابهم أيضاً تتم عن طريق الأجهزة الإلكترونية.

من جهتها، خصصت وزارة التربية والتعليم 40 دقيقة للحصة الواحدة، تتخللها 5 دقائق يستطيع الطالب خلالها الحركة والابتعاد عن جهازه، مع تخصيص وقت للراحة يستطيع الطالب أيضاً خلاله تناول وجبته.

أوقات للنشاط البدني

وأكدت الإدارية في مدرسة خاصة بالشارقة، فاطمة محمد، أن المدرسة حرصت على وجود حصة النشاط البدني لجذب انتباه الطلاب من صغار السن، وكذلك لعدم شعورهم بالتعب والإعياء والكسل والخمول أمام أجهزة الكمبيوتر.

بدوره، أشار محمد أحمد أمين، إداري بإحدى المدارس الخاصة بالشارقة، إلى أن معظم المدارس ألغت حصة النشاط البدني مع منظومة «التعليم عن بعد»، توفيراً لوقت الأسر والطلاب، وأن إقرارها، من عدمه، كان متروكاً لإدارات المدارس.

عيون مرهقة

وأكد اختصاصي أمراض وجراحة العيون الدكتور إياد جبور، أن التركيز على شاشات الأجهزة اللوحية لفترات طويلة يؤثر بصورة سلبية على العين ويتسبب في جفاف لها، مشيراً إلى أن العين ترمش عادة في الدقيقة الواحدة من 10 إلى 12 مرة وإذا ركز الشخص والأطفال على وجه الخصوص في تلك الأجهزة واندمج معها، تقل عدد الرمشات التي تقوم بدورها بتوزيع الدموع في العين.



وأوضح جبور أن هناك العديد من الإجراءات الواجب اتباعها للطلاب في عمليات التعليم عن بعد وتعرضهم للمشاكل الصحية في العين من أهمها: إبعاد الأجهزة عن العين لمسافات كافية بحيث لا تقل عن 30 سم، أن تكون هناك دقائق فاصلة بين كل جلسة لنحو 5 دقائق بعد قضاء 45 دقيقة مثلاً، علاوة على التقليل من درجة إضاءة الشاشات، وأن تكون الإضاءات، سواء الكهربائية أو ضوء الشمس، كافية في المنزل لإراحة العين، وألا توضع الشاشة في مستوى أعلى من رأس المستخدم، لعدم إجهاد العين أو التسبب في صداع وأرق وإجهاد.

التركيز على الحركة

اختصاصي الأطفال في عجمان، الدكتور أبوبكر عبدالله عمر، أكد على أهمية الحركة بصورة مستمر للأطفال والفتية خلال منظومة التعليم عن بعد، لما له من آثار نفسية وصحية جيدة عليهم، وهو ما يقلل من تعرضهم للإرهاق أو الخمول أو الكسل أو الملل أيضاً.

وقال إن هناك زيادة ملحوظة في أوزان الأطفال لسلوكيات التغذية والسلوكيات الحياتية التي فرضتها الظروف الحالية، وعلى الأسر الانتباه للأمر وتداركه، ووضع الحلول لعلاجه.

دور أولياء الأمور

من جانبها، أكدت الاختصاصية النفسية والاجتماعية نعيمة الناخي، أن «كوفيد-19»، ظرف طارئ على العالم أجمع وأنه فصل بالفعل بين زمنين، وأن الإمارات تعاملت مع الوباء بحكمة وإجراءات سديدة، وخاصة في مسألة التعليم، فأوجدت له بدائل وحلولاً.

وقالت إن المشكلات النفسية والمجتمعية التي ظهرت من قلق وتوتر، كانت نتاجاً طبيعياً للبعض، ولكن هناك من تعامل مع الأمر بصورة مختلفة وتعايش بشكل جيد، محافظاً على كيان الأسرة والمجتمع.

وأفادت بأن أولياء الأمور يتحملون مسؤولية كبيرة في الحالة النفسية والاجتماعية لأبنائهم، في أهمية القرب منهم والنقاش والتحاور فيما بينهم والخروج والتنزه، وفق الإجراءات الاحترازية وألا يفاقموا من الأزمات والوباء أو يزيدوا من الحالة المرضية والخوف والتوتر والقلق والقطيعة الاجتماعية.

وزن زائد

وقالت رولا ريا، ولية أمر طالب في مدرسة خاصة بالشارقة، إن هناك الكثير من الضغوط الصحية والتغيرات زادت على الجميع خلال الفترة الماضية في ظل انتشار وباء «كوفيد-19»، فبعد إقرار منظومة التعليم عن بعد، أصبح البقاء في المنزل ملازماً للغالبية، وقل النشاط البدني، حتى في حده الأدنى المتمثل في الخروج من المنزل بالصورة التي كانت في السابق.

وأضافت: بالفعل زاد وزن الأطفال، من قلة الحركة والنشاط البدني، وبات أكثرهم يشعر بالكسل والخمول، وأدرك الجميع أن المدرسة والأصدقاء والحياة التعليمية في السابق كانت ضرورية لصقل شخصية الأبناء اجتماعياً ونفسياً، والجميع أصبح يتمنى عودة الأبناء للدراسة المباشرة.

إرهاق عصبي

أما دعاء اللامي، فأكدت أن الدوام المباشر أمر فضّلته الأغلبية، إلا أن الإجراءات الاحترازية تتطلب بقاء الأبناء معظم الوقت في المنزل، الأمر الذي يستدعي دراستهم عن بعد.

وذكر حاتم مصطفى، ولي أمر، أنه يعمل على تنظيم أوقات الجلوس أمام الحواسيب لطفلته لتدارك الأمور الصحية السيئة، وأثرها السلبي لاحقاً، إذ قد يصبح الطفل في حالة شبه إدمان على تلك الأجهزة ويقبل عليها بصورة قد تصل لأكثر من 10 ساعات يومياً.



زيارة طبيب

بدوره، أكد صلاح مبروك، ولي أمر، أنه عاش تجربة شخصية مع ابنه في الصف الأول، وكيف شعر بسعادة غامرة عندما ذهب به للمدرسة للتعليم المباشر الأيام الماضية، إذ فرح الطفل بالمكان ولقاء الأصدقاء ومعلمته، وكذلك بالخروج من المنزل للفضاء المدرسي، مبيناً أن نفسية الطفل تغيرت أيضاً بعد أن كان مستواه التحصيلي في التعليم عن بعد غير جيد ومشتت الذهن، إضافة إلى ما يعتريه من كسل وخمول.



وأشار إلى أنه سبق أن زار طبيب العيون لأكثر من مرة خلال الفترة الماضية بعد مشاكل صحية تعرضت لها ابنته، الأمر الذي عزاه الطبيب إلى إرهاق تتعرض له العين من الأجهزة اللوحية والتعليم عن بعد.

وذكر أنه يحاول تنظيم الوقت مع أبنائه من خلال الخروج والنوم الكافي وتعويضهم عن الفترات الكبيرة التي يقضونها أمام الأجهزة اللوحية من تعليم وألعاب.