الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

السمنة تضعف مناعة الشباب أمام الجوائح.. و62% من السكان يعانون زيادة الوزن

السمنة تضعف مناعة الشباب أمام الجوائح.. و62% من السكان يعانون زيادة الوزن
أكد أطباء ومتخصصون أن السمنة والأمراض المتعلقة بها ترتبط ارتباطاً مباشراً بضعف قدرة الجهاز المناعي في مواجهة الأوبئة، ومنها فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حتى بين الشباب، مشيرين إلى أن تناول الوجبات السريعة، التي تنتشر بين فئات الأعمار الصغيرة أكثر من غيرها، له علاقة مباشرة بانخفاض قدرة الجسم على مقاومة الفيروس عند الإصابة به.

وأوضحوا أن الوجبات السريعة تؤدي إلى زيادة الوزن، خصوصاً حول الخصر، وهذا ما من شأنه أن يؤدي إلى الإصابة بالسكري وأمراض القلب والضغط والسرطانات، وهي أمراض تقلل مناعة الجسم بشدة.

62.1 % ذوو وزن زائد

وكانت هيئة الصحة بدبي قد كشفت عن أن 62.1% من سكان الإمارة يعانون من الوزن الزائد والسمنة، حيث يعاني 20.8% من السمنة المفرطة، فيما يعاني 41.3% من الوزن الزائد، في حين أن 35.8% من البالغين يتمتعون بالوزن الصحي، أما الباقون فكانوا ممن يوصفون بالنحافة وبلغت نسبتهم 2.1%.

وقالت «صحة دبي» في المسح الصحي للسنوات الخمس الأخيرة، والذي صدر منذ أيام وحصلت «الرؤية» على نسخة منه، أن 39.9% من المصابين بالسمنة من الإماراتيين، وأن نسبة 19.2% من الذكور مصابين بالسمنة، في حين أن الباقين غير مصابين بها، وأن نسبة 23.3% من الإناث مصابات بالسمنة، أما بخصوص الوزن الزائد، فقد كان أكثر انتشاراً بين الذكور وبنسبة 45.5% مقابل نسبة 34.4% من الإناث.

وتشير النتائج إلى انتشار سمنة محيط الخصر (السمنة البطنية) بين 39% من المبحوثين، حيث كانت نسبة 26.7% من الذكور في الفئة العمرية (+18) يعانون من السمنة البطنية، في المقابل وُجد أن هذه النسبة كانت بين الإناث 58.8% من الفئة العمرية نفسها، ما يشير إلى أن الإناث اللاتي يعانين من السمنة البطنية، كن أكثر من ضعف الرجال، كذلك ثبت أن الإماراتيين كانوا أكثر إصابة بالسمنة البطنية بنسبة انتشار بلغت 58.1% من المبحوثين الإماراتيين، مقارنة بنسبة 30.3% بين غير الإماراتيين.

ثاني أكبر عامل خطر

وذكرت الهيئة أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع، من عوامل الخطر الرئيسية المسببة للأمراض غير السارية كأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والاضطرابات العضلية والهيكلية ومختلف أنواع السرطان، وأن السمنة ثاني أكبر عوامل الخطر التي يمكن الوقاية منها المرتبطة بأمراض السرطان، وأنه إذا أصيب الأطفال بالسمنة، فإنه من المتوقع استمرارها في الكبر باحتمالات عالية، فضلاً عن زيادة احتمالات الوفاة المبكرة، والعجز، والإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، والتهاب المفاصل وأمراض السرطان.

فئة 30 إلى 44 عاماً

من جهتها، قالت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، في أحدث مسح صحي أعلنته في 2019، أن 27.8% من عينة المبحوثين البالغة 4971 شخصاً عانوا من السمنة المفرطة، وأن القياسات التي أجريت لهم كانت الوزن والطول ومحيط الخصر والورك ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم والهيموغلوبين والغلوكوز، سكر الدم الصائم، الكوليسترول الصائم، مشيرة إلى أن 41.8% من الإماراتيات اللاتي شملهن البحث عانين من السمنة المفرطة، وأن السمنة تنتشر بشكل أعلى في الفئة العمرية من 30 إلى 44 سنة، وأن 67.9% من المبحوثين عانوا من زيادة الوزن.

وأكد دليل المبادئ الوطنية التوجيهية لعلاج حالات كورونا في الدولة، أن السمنة أحد العوامل الرئيسية التي تسبب حدوث مضاعفات خطيرة للمرضى الذين يصابون بكورونا، وأن هذه السمنة المقصودة في الدليل هي لمن يرتفع مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30.

وكشف مؤتمر دبي الدولي السادس للتغذية، عن دراسة علمية استهدفت 2060 شخصاً من مختلف الجنسيات والفئات على مستوى الدولة، لدراسة التغيرات في التغذية ونمط الحياة خلال جائحة كورونا والحجر الصحي في الإمارات، أن السمنة زادت بنسبة 64% من إجمالي المشاركين في الدراسة.

تهديد الوجبات السريعة



وقال استشاري أمراض السكري والغدد الصماء بدبي الدكتور عبدالرزاق المدني، إن انتشار الوجبات السريعة في الإمارات، وخصوصاً في الأماكن السكنية وفي محطات البترول والتوصيل للمنازل، مشكلات كبيرة للغاية تهدد صحة ملايين السكان من المواطنين والمقيمين، مشيراً إلى خطورة أن يحصل الأطفال على تلك الأطعمة بسبب سهولة الاتصال بالهاتف من دون الحاجة إلى مساعدة الكبار.



وأكد أن «هذا يشجع الأطفال والمراهقين على الأسلوب الصحي الكارثي، لأن هذه الوجبات السريعة تؤدي إلى الإصابة بالسمنة التي تسبب الإصابة بالنوع الثاني من السكري، ولم نكن نرى هذا النوع من السكري إلا لدى من تجاوزوا سن الـ40، أما الآن نراه منتشراً بين الصغار والشباب».

وأوضح أن الوجبات السريعة لها علاقة واضحة بضعف مقاومة الفيروسات التي تصيب الإنسان، حيث تؤدي هذه الوجبات إلى السمنة التي تسبب السكري والسرطانات وأمراض القلب والضغط، وهي أمراض تؤدي بلا شك إلى إضعاف مناعة الإنسان بشكل كبير، ما يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمريض المصاب بكورونا، وهو ما أثبتته معظم الدراسات أن مرضى السمنة والسكري ضمن مقدمة وفيات كورونا.

وأشار إلى أن الحل الأول هو منع التوصيل للمنازل، والحد من عدد محال الوجبات السريعة، وممارسة الرياضة قدر الإمكان، ورفع سعر هذه الوجبات إلى أقصى حد ممكن، مع تخفيض سعر الوجبات الصحية، لافتاً إلى أن مشكلة الوجبات السريعة تتمثل في نسبة دهونها المرتفعة وسعراتها الحرارية العالية ورخص سعرها، ما يجعلها في متناول الجميع.

مضاعفات كورونا

وفي السياق ذاته، قال استشاري الصحة العامة بوزارة الصحة وعضو الفريق الوطني للتوعية بكورونا الدكتور عادل سجواني، إن السمنة مرتبطة بحدوث مضاعفات كورونا بشكل مباشر، حيث تعتبر عامل خطر لمرضى كورونا، خصوصاً السمنة في منطقة البطن والخصر، لأن زيادة السمنة يؤدي إلى أمراض كثيرة من شأنها إضعاف المناعة، من خلال الإصابة بمرض السكري، وأن ارتفاع مستوى السكر في الدم يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بالتهابات الرئتين لدى مرضى كوفيد-19.



وأوضح أن هناك مجموعة من العوامل التي تجعل مريض السكري أكثر عرضة للمضاعفات، منها: انخفاض المناعة ما يعني عدم القدرة على محاربة الفيروس وإمكانية التعرض لالتهابات تضر بأجهزة الجسم الحيوية.

مسببات ارتفاع الوزن

من ناحيتها، قالت اختصاصية التغذية وأنظمة الحمية الغذائية بدبي الدكتورة آهات سجناني، إن جائحة كوفيد-19 ساهمت في زيادة معدلات السمنة في الدولة، ويمكن حساب معظمها من خلال إجراءات الإغلاق العالمية التي قللت من النشاط والحركة في جميع أنحاء العالم وزادت من تناول الطعام بسبب الشعور بعدم الأمان والملل، كما يؤدي نقص المال لدى كثير من الأفراد إلى تناول الأطعمة المصنعة بشكل كبير، ما يؤدي إلى ارتفاع سريع في الوزن.



وحول أهم أسباب السمنة في الإمارات، قالت سجناني إن عوامل النظام الغذائي ونمط الحياة، والوجبات السريعة، والمناسبات الاجتماعية الكثيرة على مدار العام، والكثير من وجبات الغداء والعشاء، والعوامل الوراثية، هي أهم مسببات ارتفاع السمنة في الدولة، موضحة أن هناك 3 أدوية معتمدة لعلاج السمنة في الإمارات، إلا أنه ليس كل شخص مؤهلاً لاستخدام هذه الأدوية، ويمكن فقط للطبيب أن يصف هذه الأدوية إذا كان مؤشر كتلة الجسم يبلغ 30 أو أعلى، أو إذا كان مؤشر كتلة الجسم 27 أو أعلى مصحوباً بأمراض أخرى مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول وتوقف التنفس أثناء النوم.

تكاليف العلاج

وعن متوسط ​​الكلفة السنوية لعلاج مرضى السمنة إذا تسببت السمنة في أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، أوضحت أن الدراسات في الولايات المتحدة، تؤكد أن السمنة ترفع تكاليف الرعاية الطبية السنوية بنحو 3500 دولار للفرد (13 ألف درهم)، وهي الكلفة نفسها في الإمارات.

وأبانت سجناني أن هناك معايير محددة يحتاجها الأفراد، ليكونوا مؤهلين لإجراء جراحة السمنة، فمن المحتمل أن يكون الفرد الذي يبلغ مؤشر كتلة جسمه 40 قد جرب إجراءات النظام الغذائي ونمط الحياة لفقدان الوزن ولم ينجح في ذلك، وإذا حاول الأفراد وجربوا جميع التدابير لتغيير النظام الغذائي ونمط الحياة وفشلوا، تصبح جراحة السمنة هي الخيار الوحيد الذي يمكن لشركات التأمين التفكير في تغطيته لمنع المزيد من المضاعفات المرتبطة بالسمنة، وإذا لم يجرب الفرد إجراءات النظام الغذائي ونمط الحياة، فيجب تجربتها أولاً قبل التفكير في جراحة السمنة كخيار أخير.

حلول

وقالت إن الإمارات تبذل قصارى جهدها للحفاظ على لياقة مواطنيها والمقيمين فيها، ومنها تحدي دبي للياقة الذي يجب التشجيع على المشاركة فيه.

ووفقاً لسنجاني، تتمثل الحلول الأخرى الممكنة لتقليل معدلات السمنة في تعزيز الصحة والرفاهية بطرق يمكن القيام بها بسهولة دون جعلها مرهقة للغاية للأفراد، مثل فترات راحة قصيرة تصل إلى 10 دقائق من المشي لتحريك الجسم، كما يجب جعل بدائل الأطعمة الصحية، إلزامية في قوائم المطاعم، لضمان أن يكون لدى الناس دائماً خيار الاختيار الصحي.

دور الجينات

من جانبه، قال مادز بو لارسن، نائب الرئيس والمدير العام لشركة نوڤو نورديسك، وهي إحدى أشهر الشركات المتخصصة في أدوية السكري والسمنة بالإمارات، إن الأسباب الرئيسية للسمنة في الإمارات تتمثل في الدراسات الحديثة التي تؤكد أن الجينات تساهم بنسبة 40-70% في حدوث البدانة، ولا سيما مع اكتشاف العديد من الجينات المرتبطة بشدّة بالبدانة، حيث يسهم وجود هذه الجينات في تطوّر المرض بشكل كبير، وذلك بالتضافر مع العوامل البيئية مثل النمط الغذائي، والذي يعتبر من الأسباب الخارجية الرئيسية للبدانة في الإمارات.



وتابع: تعتبر الإمارات دولة غنية يحصل غالبية الأشخاص فيها على دخل عالٍ، وتتوفر أمامهم جميع أنواع المأكولات، بما في ذلك الأطعمة السريعة الغنية بالدهون، والمشروبات الغازية الغنية بالسعرات الحرارية، والتي تتوفر بكثرة في الدولة، وقد يؤدي توفر الأطعمة الغنية بالدهون وقدرة الناس على تحمّل كلفتها، إلى التحوّل نحو هذه الأنماط الغذائية بشكل كبير، حيث أصبح تناول الأطعمة الغنية بالدهون والمشروبات الغازية الغنية بالسعرات الحرارية، جزءاً أساسياً من أسلوب الحياة في الدولة.

وأضاف أن تكاليف الرعاية الصحية لعلاج اختلاطات البدانة قاربت 8.9 مليار درهم إماراتي في عام 2017، وفقاً للبيانات العالمية حول التكاليف المترتبة على ارتفاع مؤشر كتلة الجسم في الفترة من 2014 إلى 2025، مبيناً أن الحلول الفعالة للحد من السمنة تتمثل في: تغيير نمط الحياة (النظام الغذائي والتمارين الرياضية والتعديلات السلوكية) والعلاج الدوائي والتداخلات الجراحية التي يتم تحديدها بناءً على مؤشر كتلة جسم المريض ومحيط الخصر والاختلاطات الناجمة عن البدانة.

وأكد أنه لا يوجد حل بسيط أو وحيد للوقاية من البدانة، فهي مشكلة معقدة ويجب أن يكون هناك منهجية متعددة الجوانب في التعامل معها، ويجب على صناع القرارات والمنظمات الحكومية والمحلية وقادة الأعمال والمجتمع والمدارس ومختصِّي رعاية الأطفال والرعاية الصحية والأفراد، توحيد جهودهم لتوفير بيئة تدعم أسلوب الحياة الصحي، وهناك عدة طرق يمكن من خلالها للمنظمات الحكومية والمحلية، أن توفر بيئة داعمة لتعزيز سلوكيات الحياة الصحية التي من شأنها الوقاية من البدانة.