الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

سكان القرية المدفونة للرؤية: لم نغادر بسبب الجن

سكان القرية المدفونة للرؤية: لم نغادر بسبب الجن

القرية المدفونة - الرؤية.

كشفت دائرة التخطيط والمساحة بالشارقة عن أن السبب الرئيس لعدم إزالة بيوت القرية المدفونة، التي كانت تعرف سابقاً باسم قرية «الغريفة» هو تعذر وصول الجرافات إليها في ذلك الوقت نظراً لوقوعها في منطقة صحراوية تحيط بها الرمال من جميع الجهات، ولعدم وجود طرق ممهدة أو شوارع مرصوفة تسهل وصول الجرافات إليها فتُركت بيوتها على حالها ولم تتم إزالتها.

دعت مؤسسة الشارقة للفنون أفراد المجتمع لتقديم جميع المواد البصرية والأدبية والصوتية التي تتعلق بتاريخ «القرية المدفونة» وذلك في إطار مشروع بحثي تعمل المؤسسة على تنفيذه بهدف توثيق التاريخ العمراني والإنساني للقرية، وتأمل المؤسسة عبر التعاون المثمر لأفراد المجتمع بإنشاء أرشيف كبير من تاريخ التراث في إمارة الشارقة.

وأكدت أنها تبحث عن أي مواد متعلقة بتاريخ القرية وذكريات السكان السابقين، تتضمن المواد المقدمة ذكريات مكتوبة أو مسجلة، صوراً فوتوغرافية، مخططات معمارية، أو أية معلومات أو مواد أخرى ذات صلة، والتي يمكن تسليمها عبر الموقع الإلكتروني للمؤسسة.




نفى سكان القرية السابقون الذين التقتهم «الرؤية» ما يتردد على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود جن سكن القرية ودفع بأهلها لمغادرتها، وأن منح الحكومة منازل جديدة لهم دفعهم لمغادرتها على الرغم من أنهم أقاموا فيها لعقدين من الزمن وتربطهم بها ذكريات جميلة ومترسخة في أذهانهم كأصالة أبناء البادية وارتباطهم برمالها.

وكشفت جولة ميدانية لــ«الرؤية» في أنحاء القرية أنها أضحت مزاراً للسياح ولعشاق التصوير من كافة دول العالم، كما يقصدها مصممو الأزياء لتصوير مجموعات تصاميمهم بين كثبانها الرملية.

رحلنا منذ 20 عاماً

وقال أبوخلفان وهو أحد سكان القرية السابقين إنهم تركوا منازلهم وهجروا قريتهم قبل نحو 20 عاماً، وتحديداً في عام 1999، حين وفرت لهم الحكومة منازل جديدة في منطقة قريبة، كما دفعت لهم تعويضات مالية بمبالغ مجزية نظير إزالة بيوتهم القديمة وتم إعلامهم بهذا الأمر سابقاً.



وتابع: «تربطنا بقريتنا القديمة ذكريات لا تنسى إذ سكنتها مع أهلي حين كنت طفلاً صغيراً لا يتعدى عمري 9 أعوام، وقضيت فيها أوقاتاً تأبى الذاكرة أن تغيّبها في طي النسيان، فالكثبان الرملية المحيطة بالقرية والسكك بين البيوت هي ذاكرة مشتركة بيني وإخوتي وأصدقاء الحي».

وأضاف أبو خلفان: «حين سكنا القرية المدفونة في عام 1982، بعد أن بدأ تشييدها في أواخر السبعينات، كانت بيوتها في ذلك الوقت بمنأى عن الكثبان الرملية على الرغم من أنها تقع على مجرى الرياح الشرقية التي لا تتوقف طوال أشهر الصيف إذ تحيط بها الرياح من 4 جهات، إلا أننا تفاجأنا بعد أن هجرناها بنحو 10 أعوام بزحف كميات كبيرة من الرمال الناعمة إلى داخل البيوت وعلى جوانب الجدران الخارجية، ومع مرور السنوات زادت كميات هذه الرمال فأصبحت تغطي مساحات كبيرة من القرية إلا أنها لم تدفن ملامح البيوت التي بقيت صامدة في معركتها مع الرمال»، نافياً ما يتم تداوله بأن سكان القرية هجروها بسبب وجود جن فيها.

الرمال لم تدفن الذكريات

بدورها أكدت فاطمة الكتبي من السكان السابقين للقرية المدفونة «قضيت أجمل أعوام عمري في هذه القرية التي تمتاز بالهدوء والبعد عن ضجيج المدينة، ونظراً لأنها كانت تقع في وسط منطقة صحراوية كان يتعذر على الحافلات المدرسية الوصول إلينا لنقل أبنائنا لمدارسهم على الرغم من قيام الجهات الحكومية بتسوية الطرق المؤدية للقرية، ما كان يضطرنا إلى إيصالهم بأنفسنا لمدارسهم الواقعة في ذات المنطقة»، لافتة إلى أن الحكومة وفرت لسكان القرية منازل جديدة في منطقة حيوية تتوافر فيها كافة الخدمات الرئيسة بسهولة.

وقالت «لا نزال نتردد على قريتنا القديمة على الرغم من أن كميات كبيرة من الرمال دفنت جزءاً من معالم القرية إلا أنها لم تدفن ذكرياتنا التي تحتضنها جدران البيوت الشاهدة على مرورنا فيها، إذ امتازت هذه القرية بالقرب بين بيوت سكانها، ما يؤكد وجود تواصل دائم بينهم».

وتابعت «كنا نصحو كل صباح على سماع آذان ديوك القرية وعلى رائحة خبز الرقاق الذي تعده ربات البيوت داخل المطابخ القريبة من السكن الرئيسي داخل الأفنية، فيما كان رجال القرية يتجمعون على رؤوس الكثبان الرملية القريبة من منازلهم في المساء لتناول وجبة العشاء وكل واحد منهم يحضر معه طبقاً لوجبة غذائية مختلفة، وبعد الانتهاء من تناول الطعام يؤدون الصلاة مصطفين في خط مستقيم على رؤوس هذه الكثبان».

يشار إلى أن القرية المدفونة التي كانت سابقاً تعرف باسم «الغريفة» تقع على بعد 2 كم جنوب غربي منطقة المدام بالشارقة، على طول الطريق الواصل بين دبي وحتا، وتتألّف من صفين من المنازل المتطابقة ومن مسجد في نهاية الطريق، وسكانها السابقون جميعهم ينتمون لقبيلة بني كتب.