الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

جهات تدعم السياسة الوطنية لذوي التوحد بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل

جهات تدعم السياسة الوطنية لذوي التوحد بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل
أكدت جهات حكومية متخصصة بالدولة حرصها على توفير كل آليات الدعم لتمكين ذوي اضطراب طيف التوحد من تطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم بهدف تحضيرهم للانتقال إلى سوق العمل، عبر منظومة متكاملة من الخدمات التي تقدِّم لهم تعليماً نوعياً وبرامج تدريبية مهنية.

وذكرت أنها تحرص على تسخير إمكاناتها كافة لدعم «السياسة الوطنية لذوي اضطراب التوحد» التي اعتمدها مجلس الوزراء أخيراً، برؤية «متّحدون من أجل التوحد»، عبر توظيف عشرات الأشخاص من ذوي التوحد وتوفير وسائل التعليم التربوي والمعرفي، معززة التواصل السلوكي والتأهيل، وبرامج متخصصة لاكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم، ونقلهم من مرحلة التعليم الأكاديمي للمعرفة المهنية، والتعرف على بيئة وواقع العمل.

والتقت «الرؤية» ببعض ذوي اضطراب طيف التوحد، ممن اجتازوا إعاقاتهم وأثبتوا نجاحهم المهني بعد حصولهم على فرص وظيفية في مجالات مختلفة.

التأهيل الوظيفي

وأكدت مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي لـ«الرؤية» أن المؤسسات والمراكز التعليمية والتأهيلية بالمدينة خرّجت العشرات من الطلبة من ذوي الهمم واضطراب طيف التوحد، الذين حققوا النجاح بالتخصصات الجامعية المختلفة، والتحقوا عقب التخرج أو التأهيل بوظائف ثابتة تتلاءم مع مؤهلاتهم، مؤكدة «الحرص على متابعة طلبة المدينة بعد تخرجهم من المعاهد والمدارس، بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل باستحقاق، ودمجهم بالمجتمع».

وتابعت: «نجحنا بواسطة مركز مسارات للتطوير والتمكين في توفير فرص عمل للطلبة الخريجين مع ضمان استمرارهم في العمل عبر المتابعة اللاحقة لهم، إذ بلغ إجمالي عدد الذين تم توظيفهم 378 شخصاً، يشكل ذوو التوحد نسبة لا تقل عن 40% من العدد الكلي».

مهارات إدارية

من جانبه، أخضع مركز مسارات أكثر من 170 شخصاً من ذوي اضطراب طيف التوحد، لبرنامج تدريب وتأهيل مهني في عدد من الجهات الحكومية بالإمارة، بهدف تطوير المهارات الإدارية والوظيفية لهم ودمجهم في المجتمع، وتهيئتهم للعمل وشغل وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم.

وقال مسؤول المركز سعيد بطي حديد، إن المركز يتولى تدريب ذوي الهمم من أصحاب التحديات المختلفةـ بما فيهم ذوو اضطراب طيف التوحد، على المهارات المهنية المختلفة بهدف تأهيلهم لدخول سوق العمل بعد التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص التي تضمن توفير فرص وظيفية لهم.

وأوضح أن المركز يقدم لطلبته حزمة من البرامج التدريبية ضمن قسمين: الأول يقدم للطلبة المسجلين بالمركز الخدمات المهنية، متمثلة في ورش محمية ومخصصة لتدريبهم على المهارات والحرف اليدوية المختلفة وعلى المهارات الإدارية، مثل ورش التغذية والأشغال اليدوية والخياطة والخزف والزراعة، إلى جانب ورش الحاسوب والنجارة والنحاس والموزاييك.

وأضاف: «أمّا النوع الآخر من البرامج التي يقدمها المركز فهي الأكاديمية التي تقدم للطلبة من أصحاب الهمم في مركز مسارات، وهي برامج من خارج المدينة مثل دورات سكرتارية وكمبيوتر وبرامج علاقات عامة وإتيكيت، ولغة إنجليزية للطلبة من ذوي القدرات الاستثنائية، مبيناً أن التدريب الخارجي يهدف لإعدادهم نفسياً واجتماعياً ومساعدتهم على التكيف وسط أقرانهم الأصحاء».

المواءمات المطلوبة

وكانت وزارة التربية والتعليم قد ذكرت على حسابها الرسمي بـ«تويتر» أخيراً، أن عدد الطلبة ذوي التوحد المدمجين بالمدارس الحكومية في الدولة وصل إلى 300 طالب وطالبة، و598 في التعليم الخاص.

‏وأشارت إلى أن الطلبة المسجلين بمستويات أداء مرتفعة يمكنهم استكمال دراستهم في المرحلة الثانوية، ثم الالتحاق بالمعاهد ومؤسسات التعليم العالي، إضافة إلى قدراتهم على اجتياز التخصص مع توفير المواءمات المطلوبة من المؤسسة، أما الطلبة ذوو الأداء المنخفض من هذه الفئة فيمكنهم الالتحاق ببرامج ومسارات التأهيل المهني والتطبيقي، بهدف تأهيلهم للالتحاق بسوق العمل بعد التنسيق مع جهات التوظيف التي توفر لكل منهم فرصة عمل تتناسب مع مؤهلاته العلمية وإمكاناته الذاتية.

منظومة متكاملة

واعتمد مجلس الوزراء في منتصف أبريل الماضي، «السياسة الوطنية لذوي اضطراب التوحد» برؤية «متّحدون من أجل التوحد»، والتي تشكل منظومة متكاملة من الإجراءات والمعايير الموحّدة لتقديم خدمات أكثر سهولة لذوي التوحد وأولياء أمورهم، إلى جانب تأهيل ورفع كفاءة الكوادر المختصة العاملة في المراكز المتخصصة، وكذلك تسهيل دمج ذوي التوحد في التعليم العام والخاص وضمان إشراكهم في مختلف المجالات.



وأبرز هذه المبادرات هي استحداث برامج متخصصة في مجال التوحد تشمل الدبلومات المهنية المتخصصة والبرنامج التدريبي للمعلمين، سياسة التعليم الدامج، تقديم الخدمات المساندة للطلبة ذوي التوحد من خلال الشراكات، إضافة إلى برنامج التأهيل المهني لهم، وكذلك التمكين الوظيفي الذي يضمن لهم مصدر دخل ثابت.

واقع العمل

من ناحيتها، أكدت وزارة تنمية المجتمع أنها تحرص على دعم فئة اضطراب طيف التوحد البالغ عددهم 3227 شخصاً ويشكلون نسبة 12% من مجموع أصحاب الهمم، عبر برامجها ومبادراتها التي تعمل على تنفيذها بهدف تأهيل وتمكين هذه الفئة بمختلف المراحل العمرية، إذ خصصت أقساماً لهم بجميع مراكز أصحاب الهمم، إضافة إلى تأسيس مراكز متخصصة للتوحد، مجهزة بأحدث وسائل التعليم التربوي والمعرفي، والتواصل السلوكي والتأهيل، تسهل الدمج في المجتمع وتوفر فرص وظيفية مناسبة لهم، عبر برامج متخصصة تعمل على اكتشاف قدراتهم وإمكاناتهم من أجل نقلهم من مرحلة التعليم الأكاديمي إلى المعرفة المهنية، والتعرف على بيئة وواقع العمل.

وأكدت أن «منصة توظيف أصحاب الهمم» التي أطلقتها الوزارة قبل نحو 3 أعوام وفرت 147 فرصة عمل في القطاعين الحكومي والخاص، يشكل التوحد منها ما لا يقل عن 25%.

دور محوري

من جهتها، أكدت دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي أنه وفي إطار حرصها المستمر على تطبيق استراتيجية شاملة لطلبة اضطراب طيف التوحد بعمر 15 سنة فما فوق، وفرت تدريباً مهنياً ضمن 8 مسارات تخصصية، إلى جانب تزويدهم بفرص العمل المستقبلية، لتمكينهم وضمان استقلاليتهم وقدرتهم على العمل، عبر معهد الكرامة للتدريب التابع لها والمجهز بأحدث المناهج والأدوات والمرافق المتطورة، ما يضمن تطوير قدرات الطلبة وصقل مهاراتهم وتحضيرهم للانتقال إلى سوق العمل.

وأوضحت أن المعهد يزوّد الطلبة الذين تخرجوا من المدارس التابعة للدائرة بفرص التدريب المهني التي ستمكنهم من بناء حياتهم باستقلالية ولعب دورٍ محوري في نهضة المجتمع الدامج بجميع قطاعاته، فيما تشمل المسارات الثمانية التطبيقات الميكانيكية والكهربائية، والزراعة المائية والهوائية، والطهي والضيافة، والفنون الإبداعية، وإدارة الأعمال واستوديو إنتاج الفيديو، ومركز الطباعة والتصميم، وإنتاج الألعاب والرياضات الإلكترونية.

الوظائف الروتينية

وقالت مديرة مركز الإمارات للتوحد أمل جلال صبري، أنها اكتشفت بعد ولادة ابنها «عمرو» أنه من ذوي التوحد، ما جعلها تسافر للولايات المتحدة الأمريكية لتلتحق بالمدارس المختصة التي اكتسبت منها المعرفة عن البرامج العلاجية والتعليمية للأطفال ذوي التوحد، ما مكنها من وضع خطة فردية لابنها، قبل أن تقرر إنشاء مركز خاص للتوحد مزود بكافة الوسائط التعليمية، يقدم الخدمات العلاجية والتشخيصية والتعليمية لذوي اضطراب التوحد مثل الكشف المبكر عن الإعاقة، وتقديم الخدمات التأهيلية والتربوية والعلاجية.



وذكرت أنها تمكنت من تأهيل ابنها للدمج في المجتمع وتحقيق النجاح المتمثل في التخرج من المدارس الحكومية بنسبة 77%، ويعمل حالياً موظفاً بالمركز، ويؤدي مهامه بدقة وعلى أكمل وجه، منوهة بأهمية الدمج والتأهيل لهذه الفئة في دخولهم سوق العمل، فيما تكون الوظائف ذات الأداء الروتيني هي المناسبة لهم كونهم يتقنون أداءها، كما يمكنهم العمل لساعات متواصلة دون الإحساس بالوقت، مؤكدة أن فئة التوحد هم أشخاص فعالون ومنتجون بالمجتمع.

حرفية عالية

وتمكن عبدالعزيز الياسي (30 عاماً) من تحدي اضطراب طيف التوحد والحصول على فرصة عمل في أحد بنوك الدولة، مظهراً حرفية عالية في التعامل مع الشيكات المالية والحسابات البنكية والأرقام، بعد أن التحق بأحد المراكز المتخصصة وخضع لدورات تعليمية وتأهيلية، إلى جانب حصوله على ميداليات ذهبية في بطولات رياضية عدة.



تحدي الإعاقة

أما معاذ حسين، من ذوي التوحد، فتحدى إعاقته وتعلم التحدث بثلاث لغات، إلى جانب إجادته لاستخدام الحاسب الآلي وتشكيل نماذج مختلفة بالصلصال، بعد أن خضع لدورات تعليمية وتأهيلية بمركز الشارقة للتوحد، عبر التعلم بالموسيقى التي أصبحت وسطاً تعليمياً غنياً لتدريبه، وأسهمت بتقليل تحدياته السلوكية وتطوير التواصل والتفاعل الاجتماعي لديه.





ونظم المركز أكثر من معرض للمنتجات التي أبدعها حسين وأشاد بها جميع من شاهدها وأصبحت مصدر دخل له.