الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

منتحلو «مخلّص معاملات» يتصيدون ضحاياهم على «سوشيال ميديا»

منتحلو «مخلّص معاملات» يتصيدون ضحاياهم على «سوشيال ميديا»
شكا مستخدمو منصات تواصل اجتماعي تعرضهم للنصب والاحتيال على أيدي أشخاص يدّعون أنهم مندوبو شركات مرخصة في تخليص المعاملات الحكومية بجميع المؤسسات، مقابل مادي بسيط، بعد أن أوهموهم بتخصصهم في إنجاز معاملات تتعلق بإجراءات الإقامات وتراخيص المركبات وعقود إيجار الشقق وتسجيل الأبناء بالمدارس وغيرها.

وأضافوا أنهم اكتشفوا لاحقاً أنهم وقعوا ضحايا لمحتالين استولوا منهم على مبالغ مالية كبيرة، لمعاملات رسمية لم تُنجَز.

وبينما حذّرت وزارة الداخلية من التعامل مع الذين يتحيّنون الفرص للنصب، وآخرها استغلالهم لجائحة فيروس كورونا عبر نشر إعلانات لخدمات تقدَّم للمتأثرين بتبعات الوباء، ومساعدتهم في إنجاز المعاملات، ذكرت شرطة الشارقة أن هذه الأنشطة تزاولها شبكات منظمة، لافتة إلى الجرائم الإلكترونية شكّلت 39% من إجمالي البلاغات المقدمة للإدارات المعنية.


وأكد رأي قانوني أن التهم الموجهة لمرتكبي هذه الجريمة تشمل «النصب والاحتيال» و«انتحال صفة» و«تزوير معلومات» والتي لا تقل عقوبة الحبس فيها عن عامين وغرامة 20 ألف درهم.


تهرب ومماطلة

وقال عبدالرحيم الهرمودي إنه وجد حساباً على تطبيق «تويتر» لشخص يدّعي أنه مندوب معتمد في تخليص المعاملات والأوراق الرسمية في الجهات الحكومية، وأن الخدمات التي يقدمها تتضمن تجديد ملكية المركبات، ودفع المخالفات المسجلة عليها، وكذلك تخليص إجراءات الإقامات الخاصة بالعمال، وإتمام تسجيل ونقل الأطفال في المدارس، بمقابل لا يزيد على 200 درهم عن كل معاملة.

وتابع: تواصلت مع الشخص على رقم الهاتف المنشور في الإعلان، رغبة مني في معرفة تفاصيل أكثر، ثم الاتفاق في حال اقتنعت بإمكاناته، لا سيما أن لديه مكاتب تخليص معاملات في الإمارات وعدد من الدول، إلا أنني تفاجأت بعد تواصلي معه عبر (واتساب) أنه يطلب مني أن أرسل له أوراقي الثبوتية (جواز السفر والهوية الإماراتية) بذريعة «فتح ملف، باعتباري متعاملاً جديداً ودفع مبلغ 2700 درهم، لإدراج اسمي ضمن قاعدة بيانات الشركات الخاصة بهم»، ما جعلني أشك في مصداقيته وأطلب منه تقديم الرخص الرسمية المعتمدة من الجهات ذات الاختصاص، فلم أجد منه إلا التهرب والمماطلة، ما دفعني لوقف التعامل معه».

مستندات مزورة

وقالت روزان حامد أن ظروفها اضطرتها للتعامل مع مكتب تخليص معاملات من الذين ينشرون إعلانات خدماتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طلب منها «المدير» ما قال إنه «100 دولار رسوم فتح ملف» على أن تحول المبلغ على حساب مصرفي في دولة عربية، فوافقت وحولت له المبلغ.

وأردفت بأنه تواصل معها مرة أخرى في أقل من 48 ساعة عبر رسائل «واتساب»، فطلب منها تحويل مبلغ آخر بقيمة 1400 دولار، ليستخرج لها التوكيل المطلوب من الجهات ذات الاختصاص، وكذلك «بطاقة متعامل» لإنهاء الإجراءات الحكومية عبر مندوبيه المرخصين داخل الدولة، وليثبت مصداقيته أرسل لها نسخة عن ترخيص المكتب بالدولة وإقامات الموظفين، وبعد أن حولت له المبلغ المطلوب لم يعد يرد على الاتصالات، ما دفعها إلى تقديم بلاغ لدى الشرطة لتكتشف أن خدماته وهمية وأن المستندات مزورة».

استعادة الأموال

أما عبدالحكيم عبدالعليم، فأشار إلى صعوبة استعادة الأموال المدفوعة لهؤلاء الأشخاص بعد الاستيلاء عليها، لأنهم يزاولون نشاطهم خارج الدولة، وبأسماء ومعلومات وهمية، مبيناً أنه رصد حسابات عدة على «تويتر» و«إنستغرام» بأسماء شركات تخليص معاملات، تؤكد أنها مرخصة وتقدم الخدمات بجميع الدول العربية برسوم مخفضة.

وأرجع الأسباب الرئيسية لتواصل البعض معهم والاستفادة من الخدمات المزعومة التي يقدمونها إلى المقابل المادي المخفض، مقارنة بالمقابل المادي المتعارف عليه في مجال تخليص المعاملات، إضافة إلى قرارات أزمة «كورونا» وما نتج عنها من تبعات تقييد الحركة ونقل الأبناء بين المدارس وتخفيض رواتب بعض معيلي الأسر وانتقالهم من سكن لآخر، اضطر البعض لمنح ثقته بأصحاب هذه الحسابات التي يلجأ أصحابها إلى إرسال بطاقات العمل الخاصة بهم لمن يتواصل معهم تعزيزاً لمصداقيتهم.

دوريات إلكترونية

بدورها، حذّرت القيادة العامة لشرطة الشارقة أفراد المجتمع من التعامل مع الحسابات غير الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الإفصاح عن المعلومات الشخصية، لأن ضعاف النفوس يستخدمونها لابتزاز ضحاياهم بغرض الحصول على الأموال، مشيرة إلى أن الجرائم الإلكترونية شكلت 39% من إجمالي البلاغات المقدمة للإدارات المعنية التي تستقبل مالا يقل عن 19 بلاغ شهرياً.

وذكرت أن معظم هؤلاء الأشخاص ينتمون لشبكات احتيال منظمة تتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي مكاناً لمزاولة نشاطها، وتستهدف ضحاياها من الأسر وفئة الشباب بدول الخليج خصوصاً، والبلدان العربية عموماً.

وشدّدت على ضرورة التحقق من الهوية الحقيقة لأصحاب الإعلانات قبل التعامل معهم، وعدم الانخداع للعناوين الجاذبة وعدم إرسال أي وثيقة رسمية لهم تحوي على معلومات شخصية، مؤكدة أنه إذا كان المحتالون خارج الدولة فإن الإدارات المعنية تتولى التواصل معهم عبر القنوات الرسمية، مثل الشرطة الدولية «الإنتربول» التي تتولى تتبع المتهمين لضبطهم ومقاضاتهم، بخلاف الاعتقاد السائد عند بعض الضحايا بعدم الإبلاغ عن المتهمين خارج الدولة لاستحالة ضبطهم، كما استحدثت دوريات إلكترونية للقضاء على جرائم تقنية المعلومات، عبر رصد الحسابات المشبوهة والوهمية لمنتحلي الشخصيات.

جرائم بأشكال مختلفة

من جانبها، أكدت وزارة الداخلية أن أشكال جرائم النصب والاحتيال الإلكتروني أضحت تتطور باستمرار وتتخذ أشكال مختلفة، إذ ينتهز المحتالون المناسبات والأحداث العالمية المختلفة للنصب، وكان آخرها استغلالهم لفيروس كورونا عبر نشر إعلانات لخدمات تهم المتأثرين بتبعات الوباء ومساعدتهم على إنجاز المعاملات الرسمية، لافتة إلى ضرورة أن يُحكِّم المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي عقولهم، قبل التواصل مع هذه الحسابات، أو التجاوب مع المحتالين، الذين يطلبون منهم أموالاً نظير خدمات، وعليهم اللجوء إلى الجهات المعنية عندما يتعرضون لأي حالة من النصب والاحتيال الإلكتروني، لتتمكن السلطات المختصة في الدولة من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هؤلاء المحتالين.

وأشارت إلى أنه في حال كانت عملية النصب والاحتيال من قبل موظفي إحدى الشركات المرخصة فإن المسؤولية «تضامنية» تقع على جهة العمل والموظفين أي أن الجهتين تتحملان التعويض للضحايا عن الضرر الواقع عليهم.

انتحال شخصية

وقال الباحث القانوني والمحامي خالد المازمي إن الأشخاص غير المرخصين الذين ينتحلون صفة مندوبي تخليص معاملات هدفهم الحصول على المستندات والبيانات الشخصية للمتعاملين واستخدامها لارتكاب جرائم عدة مثل «انتحال صفة» وتزوير معاملات لخدمة مصالحهم مثل استخراج بطاقات «اتصالات» بأسماء أصحاب المستندات وبيعها لأشخاص قد يكونون ضمن المطلوبين قانونياً، ما يورط أصحاب هذه البيانات.

وأشار إلى أنه في حال كان هدفهم هو الاستيلاء على أموال الآخرين عبر الاحتيال، فإن العقوبة تكون وفق المادة 399 من قانون العقوبات الاتحادي «بالحبس أو بالغرامة، وتكون ظرفاً مشدداً بالحبس مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة التي لا تزيد على 20 ألف درهم».

وتابع «في حال تولى هؤلاء الأشخاص إفشاء المعلومات، فيُعاقبون بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن 20 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفق ما نصت عليه المادة 379 من ذات القانون».

وقال: «أما المسؤولية المدنية فتكون بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية بحسب المادة 282 من القانون المدني التي تؤكد أن كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر».