الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أول باحثة إماراتية في «بلازميد الحمض النووي»: اللقاح الجيني لا يؤثر على معلوماتنا الوراثية

أول باحثة إماراتية في «بلازميد الحمض النووي»: اللقاح الجيني لا يؤثر على معلوماتنا الوراثية
أكدت الباحثة الإماراتية فاطمة الملا، أول باحثة في مجال لقاح بلازميد الحمض النووي، أن تلقّي التطعيم ضد فيروس كورونا أمر ضروري، يحمل بين ثناياه السلامة للمجتمع وللأفراد، مؤكدة أن مخاطر عدم تلقّي اللقاح أكبر بكثير من مخاطر تلقيه، إن وجدت، وأن الثقة بالشركات المنتجة للقاح كبيرة جداً، فهي شركات لها سمعة تعمل على أبحاث خاصة على عائلة كورونا لفترة تمتد لعشرات السنين.

وذكرت، في حوار مع صحيفة «الرؤية»، أن الفيروس مدمر للجهاز المناعي، وإلى الآن لم تكتشف كل الأضرار التي يخلفها على مناعة الإنسان، لافتة إلى أنها تعمل حالياً مع خبراء ومهندسين في القسم المتقدم لعلوم الهندسة البيوكيميائية بجامعة كلية لندن على صناعة هذا المفاعل الحيوي الذي سيكون الأول من نوعه لإنتاج اللقاحات.

وتالياً نص الحوار:



ما الفرق بين المناعة الطبيعية والمناعة المكتسبة؟

المناعة الطبيعية هي المناعة التي ينشئها الجسم بشكل طبيعي، أما المكتسبة فتنتج عبر التلقيح والتطعيم، في حال دخل الفيروس بعد التلقيح بفيروس مضعف أو ميت، يتعرف عليه جهاز المناعة وينشط الخلايا البيضاء للدفاع عن الجسم ويثبط نشاط أي جسم غريب.

هل من فارق بين الأجسام المضادة الناتجة في كلتا الحالتين؟

المناعة الطبيعية تتكون في الجسم عندما ينتج جهاز المناعة أجساماً مضادة متنوعة ومختلفة عند الإصابة بالمرض، ليس فقط من أجل فيروس واحد، بل أي فيروس يهاجم الجسم مستقبلاً، أما الأجسام المضادة التي تنتج عند التلقيح فتكون مخصصة لمعالجة إصابة معينة. والفرق أيضاً أن الإيجابية الناتجة في التطعيم والمناعة تكون أقوى بسبب التركيز العالي للفيروسات التي تحقن بالجسم.

هل المخاوف من أخذ لقاح ضد كورونا مبررة؟



مهما كانت المخاوف من اللقاحات لن تكون أكثر من أضرار الفيروس.

أنت أول إماراتية تتخصص في مجال الفيروسات وتعمل على تطوير لقاح من بلازميد الحمض الوراثي، كيف ترين هذا الإنجاز؟

لم يكن هذا المجال معروفاً لعوام الناس في بداية دراستي، وقبل الجائحة كنت أجد صعوبة في شرح بحثي لغير المتخصصين. الآن الجميع على دراية باللقاحات الجينية التي رُخصت لأول مرة لاستخدامها على البشر في لقاح شركة فايزر للوقاية من الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19. وأنا في فريق أبحاث تطوير هذا النوع من اللقاحات منذ سنوات، لقد استخلصت بلازميد الحمض الوراثي بنسبة نقاوة تفوق 90%، علماً أن نسبة 80% تعتبر كافية للسماح باستخدام اللقاح من منظمة الصحة العالمية.



هل يؤثر اللقاح الجيني على معلوماتنا الوراثية؟

إن ما يسمى بـ«الحمض النووي الريبوزي الرسول أو «mRNA» المستخدم في اللقاح الجيني مثل مادرنا وفايزر وغيرها، عندما يدخل الجسم فإنه ينسخ من نفسه هذه النسخة التي تعطي التعليمات لتكوين نوع من البروتين يحاكي البروتين الموجود على الغلاف التاجي للفيروس، والذي يساعد على ارتباط فيروس كورونا بالخلايا البشرية في الجهاز التنفسي، وبالتالي هذا مهم في عملية الإصابة، عندما يتكون هذا البروتين في الجسم يقوم الجسم إثرها بإنتاج أجسام مضادة وتعمل الخلايا على تفعيلها في حال الإصابة الفعلية قبل تداعي المرض، وهذا يحدث في جدار الخلية وليس نواتها، وبالتالي لا يؤثر على المعلومات الوراثية، عدا عن أن mrna جسم غريب يدخل للجسم، سيتم التخلص منه من قبل مقاومة الجسم مستقبلاً.

ما المخاوف من تلقي اللقاحات وما المناعة غير المرغوبة التي قد تنتج عن اللقاحات الفيروسية؟



تفاوتت الآراء حول تلقي اللقاحات الفيروسية والجينية، أي أن من أخذ اللقاح الفيروسي خاف من عودة الفيروس للنشاط بعد دخوله الجسم، أما من أخذ اللقاح الجيني فكانت مخاوفه أن يؤثر اللقاح على المعلومات الوراثية للجسم «دي إن أيه».

الشق الأول الخاص باللقاحات الفيروسية نقول إن آلية هذه اللقاحات قديمة وتستخدم في كل السنوات السابقة، أما اللقاحات الجينية فهي لقاحات حديثة ولكنها لأول مرة تصرح للاستخدام على البشر.

اللقاحات الجينية خرجت بنتائج أكدت أنها أكثر أمناً من اللقاحات الفيروسية لأنها لا تحتوي على مكونات الفيروس، سواء مضعف أو مقتول أو جزء منه، واللقاحات الفيروسية في نظر العلماء أقل أمناً من اللقاحات الجينية.

وأوضّح هنا أن المناعة نوعان، الأول مرغوب به، تقوم بإنتاج أجسام مضادة طبيعية وتقوم بردة فعل مناعية يحتفظ بها الجسم في ذاكرة الخلية، أما المناعة غير المرغوب بها فتنتج أجساماً مضادة تهاجم مكونات اللقاح نفسه والعلاج، وكأنها تلغي مفعول العلاج ولن يستفيد منه الجسم أبداً ومن الممكن أن تضر الصحة.

ما رأيك بما وصلت إليه الدولة من تطور في قطاع صناعة الأدوية واللقاحات؟



أرى أن دولتي سباقة في كل المجالات وفي تطور مستمر ولكن هذا التطور في مجال صناعة الأدوية واللقاحات بطيء، ونحن بحاجة إلى أن يكون لنا سوق محلي خاص لنقلل من ميزانية الدولة في عملية استيراد الأدوية من الخارج.

هناك تساؤلات تناولت الفرق بين ترخيص الطوارئ والاعتماد الكامل للقاحات في صلاحيتها للاستخدام، ما ردك؟

الترخيص الطارئ هو ترخيص خاص يمنح من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لأحد المنتجات الطبية في وضع طارئ، وقد يكون وباء مثل أزمة كورونا «وباء ناتج عن فيروس» أو في حالات حرب بيولوجية، وبالنسبة إلى كوفيد-19 فالكثير من المنتجات والأجهزة والمختبرات والعقاقير واللقاحات حصلت على ترخيص طارئ، ثم الاعتماد النهائي، في حين أن بعض الأدوية سحبت من السوق لضررها على بعض مرضى القلب.

أما لو سألنا عن الأساسيات التي تعتمدها لجنة التحكيم في منظمة الصحة العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية لترخيص دواء بشكل طارئ، فأول نقطة بالنسبة للقاحات أن تكون الفوائد المتوقعة تفوق المخاطر المحتملة.

ثانياً: أن تثبت الشركة المصنعة للدواء للجنة التحكيم في إدارة الغذاء والدواء أن اللقاح فعال بنسبة 50% على الأقل في تقليل الإصابة، وبالنسبة للجودة هي معايير مختبرية يتم الوقوف عليها، منها كمية إنتاج البلازما ونسبة نقاوة اللقاح وكفاءة اللقاح، وبالنسبة لسلامة اللقاحات كي تعبر لمرحلة الاعتماد فيجب إنهاء 3 مراحل في التجارب، وأن تقدم الجهات المسؤولة تقارير مثبتة في التجارب السريرية، وأن تكون المستندات تثبت أن اللقاح آمن على الأقل لنصف نسبة الأشخاص في الدراسة ولشهرين بعد التطعيم.

هل ترخيص الطوارئ ترخيص دائم؟



لا، هو ترخيص طوارئ وبمجرد رفع أزمة الطوارئ عن العالم تعتبر اللقاحات غير سارية المفعول، ويجب على الشركات المصنعة أن تكمل الإجراءات الطبيعية الصارمة للحصول على الاعتماد النهائي وتستمر ببيع منتجاتها.

ما سبب توجهك لاختيار هذا التخصص الجامعي؟

أحببت علم الجينات والعلوم الوراثية، وكيف أن هذه المركبات الصغيرة "DNA" التي لا ترى بالعين المجردة لها كل هذا التأثير على حياتنا ومستقبلنا، نشأ لدي الشغف والفضول العلمي لدراسة تخصص التقنيات الحيوية لمرحلة البكالوريوس، أعددت رسالة الماجستير في فيروس التهاب الكبد c، ما نمّى لدي الشغف بمواصلة دراستي في مجال الفيروسات وتطوير اللقاحات في مرحلة الدكتوراه.

كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على توجهات فاطمة الملا البحثية؟

أقوم بتطوير لقاح بلازميد الحمض الوراثي وأرغب في تجربته على فيروس SARS-COV2. وأتمنى أن يتسنى لي الوقت لنشر ورقة علمية بهذا الخصوص.

واللقاح الذي طورته يحتاج إلى مفاعل حيوي خاص لنستطيع إنتاج اللقاح على المستوى الصناعي الكبير وليس فقط المختبري، وأعمل حالياً مع خبراء ومهندسين في القسم المتقدم لعلوم الهندسة البيوكيميائية في جامعة كلية لندن على صناعة هذا المفاعل الحيوي الذي سيكون الأول من نوعه

** فاطمة الملا في سطور

أول باحثة إماراتية في مجال لقاح بلازميد الحمض الوراثي حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال عام 2018 من جامعة «غلاسكو» في المملكة المتحدة وماجستير في التقنيات الحيوية عام 2017 من ذات الجامعة وبكالوريوس التقنيات الحيوية مع مرتبة الشرف عام 2016 من جامعة الشارقة، مؤسسة جمعية الطلبة الإماراتيين في كلية لندن الجامعية وأستاذ مساعد وباحثة دكتوراه في الكلية ذاتها.