الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إخفاء «التجميل الكلي» قبل الزواج يمنح الشريك حق «الطلاق للضرر»

إخفاء «التجميل الكلي» قبل الزواج يمنح الشريك حق «الطلاق للضرر»
أكد قانونيون أن إخفاء الخضوع لعمليات التجميل التي تؤدي إلى تغيير في شكل أحد الزوجين بشكل كلي وليس جزئي أو مؤقت يعد نوعاً من الغش يحق لأي طرف متضرر وفقه طلب الطلاق للضرر أو فسخ العقد، فيما قال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، إنه من الواجب على أي من الراغبين في الزواج أن يبين ما لديه من عمليات تجميل مؤثرة قد تكون سبباً في البصمة الوراثية للطفل، أو كانت ساترة لعيب لو علمه أحدهما لامتنع من إتمام الزواج، فإن كتم الأمر وكان ذلك عيباً في العادة كان لمن خُدع طلب فسخ الخطوبة، ويتحمل الغاش تبعات ذلك،

فسخ العقد

وفي التفاصيل، قال المحامي أحمد أميري: يحكم مسألة عدم إطلاع الزوج زوجه على إجرائه عمليات تجميل سابقة على الزواج المادة 114 من قانون الأحوال الشخصية التي تعطي الحق لكل من الزوجين في طلب التفريق: «إذا حصل تغرير من الزوج الآخر أو بعلمه أدى إلى إبرام عقد الزواج، ويعتبر السكوت عمداً عن واقعة تغريراً، إذا ثبت أن من غُرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة».



وأضاف أنه التغرير في حكم هذه المادة، كما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون، هو أن يخدع أحد الخاطبين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية، تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها. وأشار أميري إلى أنه يعتبر خداعاً كذلك السكوت عمداً عن واقعة أو ملابسة، إذا ثبت أنّ المخدوع ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة، مع اشتراط أن يكون الخداع صادراً من أحد الخاطبين، فإن كان من الولي أو من أجنبي، فيشترط أن يكون هذا الخداع بعلم الخاطب.

وأوضح أن إنزالاً لحكم القانون على هذا الموضوع، فلو ثبت أن الزوج ما كان ليقبل الزواج إذا كان يعلم بواقعة قيام زوجه بإجراء عمليات تجميل، فإنه يثبت له حق طلب التفريق، مع عدم إساءة استخدام هذا الحق بدافع الكيد أو اتخاذ موضوع التجميل حجة لإنهاء العلاقة، فالتجميل -الذي في رأيي- يعتبر السكوت عن إجرائه خداعاً هو الذي يغيّر ملامح الوجه بشكل كبير، خصوصاً أن الذرية التي ستنشأ بينهما لن تحمل الملامح الجديدة للطرف الذي أجرى تغييراً كبيراً في ملامحه، بمعنى أنه يجب أن يبلغ الغش، في التجميل أو في أي أمر آخر، حداً من الجسامة بحيث لو علم به الزوج لما وافق على الزواج، ومن ثم فإن موافقته على الزواج شابها عيب من عيوب الإرادة أفسدت رضاه.

وأشار إلى أنه كما يجب التفريق بين الأمور الجوهرية الحاسمة في قبول طرف بآخر، وبين أمور ليست جوهرية وحاسمة. فعلى سبيل المثال، لو أخفى زوج عن زوجته وجود زوجة أخرى سابقة على ذمته وله منها أولاد، فإن هذه الواقعة تعد جوهرية في قبول أو عدم قبول زوجته به، أما لو أخفى عنها أنه سبق له الزواج والطلاق ولم ينجب من مطلقته، فإن مثل هذا الأمر لا يُعد جوهرياً وتقدير ما هو جوهري من عدمه من سلطة المحكمة في كل الأحوال، مع ملاحظة أن التفريق بسبب التغرير أو الخداع لا يعتبر طلاقاً وإنما فسخاً، وثمة فرق بين الطلاق والفسخ من ناحية الالتزامات المالية، خصوصاً إذا كان الزوج هو المدعي والمحكوم له بالفسخ.

طلب التفريق

بدوره، أفاد المحامي مصعب النقبي بأنه لو قام الزوج أو الزوجة بعمل عمليات تجميل غيرت الشكل بالكامل ووفق قانون الأحوال الشخصية يجوز لهما طلب التفريق وفق المادة في باب التفريق للعلل التي تبيح للزوج أو الزوجة رفع دعوى التفريق بناء على نص المادة 114 من قانون الأحوال الشخصية: لكل من الزوجين حق طلب التفريق في الحالات الآتية: 1- إذا حصل تغرير من الزوج الآخر أو بعلمه أدى إلى إبرام عقد الزواج، ويعتبر السكوت عمداً عن واقعة تغريراً، إذا ثبت أن من غرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة، ووفق المادة 115 من قانون الأحوال الشخصية يستعان بلجنة طبية مختصة في معرفة العيوب التي يطلب التفريق من أجلها والتفريق في هذا الفصل فسخ، وبحسب المادة 112 فإنه إذا وجد أحد الزوجين في الآخر علة مستحكمة من العلل المنفرة أو المضرة كالجنون والبرص والجذام، أو التي تمنع حصول المتعة الجنسية كالعثة والقرن ونحوهما، جاز له أن يطلب فسخ الزواج سواء أكانت تلك العلة موجودة قبل العقد أم حدثت بعده، ويسقط حقه في الفسخ إذا علم بالعلة قبل العقد أو رضي بها بعده صراحة أو دلالة.



ولفت إلى أنه ووفق المادة 113 إذا كانت العلل المذكورة في المادة (112) من هذا القانون غير قابلة للزوال تفسخ المحكمة الزواج في الحال دون إمهال، وإن كان زوالها ممكناً تؤجل المحكمة القضية مدة مناسبة لا تتجاوز سنة، فإذا لم تزل العلة خلالها وأصر طالب الفسخ فسخت المحكمة الزواج.

المادة

وأضاف النقبي «لو كان أحد الأزواج وقت عقد الزواج يعلم بأن الطرف الآخر قد خضع لعمليات تجميل وكان راضياً عن الأمر ثم رفع دعوى فدعواه غير مقبولة لأن المشرع ذكر التغرير أي عدم علم الطرف الآخر».

قياس الحالة

من جهته، قال المحامي محمد النجار إنه يمكن للقاضي أن يقيس الحالة على المواد القانونية ويقضي بالطلاق والتفريق في حالة إثبات التغرير كما في المادة 112 من قانون الأحوال الشخصية والمادة 214 من قانون الأحوال الشخصية والتي تنص على أنه (لكل من الزوجين حق طلب التفريق في في حال إذا حصل تغرير من الزوج الآخر أو بعلمه أدى إلى إبرام عقد الزواج ويعتبر السكوت عمداً عن واقعة تغريراً، إذا ثبت أن من غرر به ما كان ليبرم عقد الزواج لو علم بتلك الواقعة).



فسخ العقد

بدوره قال المحامي عبدالحميد البلوشي من حق كلا الطرفين طلب الطلاق للضرر في حال ثبت أن أحد الطرفين غش الآخر وغرر به لدفعه للزواج منه لأن هذا يسمى غشاً وتدليساً ويجب ألا تقوم العلاقة الزوجية على هذا الأمر، مشيراً إلى أن الإسلام أباح الرؤية الشرعية وفيها تجب المصارحة.



ونوه بأن التغرير يكون موجباً لفسخ عقد الزواج حسبما نصت عليه المادة (114) من قانون الأحوال الشخصية لو توافرت فيه اشتراطات واضحة، وهي نية الخداع، وعدم علم المغرر به، إذ إن علمه بالتغرير ورضاه على إتمام العقد يسقط حقه في الفسخ.

وأوضح أنه يجب التفريق بين أمرين، الأول إذا أظهر أحد الخاطبين الرجل أو المرأة كمالاً مصطنعاً أخفى به مرضاً أو عيباً مستحكماً تنفر منه النفس عادة، وكان لذلك أثر مباشر في إقبال أي الخاطبين على إبرام عقد الزواج، ومن دونه ما كان ليرضى بها ويبرم العقد، فإن ذلك يعد تغريراً يوجب الفسخ، أما الإجراءات البسيطة كاستخدام المكياج لإخفاء عيوب بسيطة لا تنفر منها النفس عادة، فلا أثر له في عقد الزواج إذ إن طبيعة المرأة وحبها لإبراز جمالها أمر طبيعي ولا بد منه.

التزام أخلاقي

من جانبه، قال المستشار القانوني مراد عطعوط: «أرى أن المصارحة يجب أن تكون إلزامية في حال العمليات المرضية كاستئصال كلية أو رحم أو عمليات تؤثر بشكل كبير على الجسم وليس فقط عمليات التجميل التي عموماً لا تؤثر على العلاقة بل أعتبرها نوعاً من التحسين ويفضل إعلام الزوج كنوع من تبادل الثقة وليس كإلزام قانوني فقط لحماية العلاقة الزوجية مستقبلاً».



البصمة الوراثية

من جهته، قال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، إنه من الواجب على أي من الراغبين في الزواج أن يبين ما لديه من عمليات تجميل مؤثرة قد تكون سبباً في البصمة الوراثية للطفل، أو كانت ساترة لعيب لو علمه أحدهما لامتنع من إتمام الزواج، فإن كتم الأمر وكان ذلك عيباً في العادة كان لمن خُدع طلب فسخ الخطوبة، ويتحمل الغاش تبعات ذلك، وهذا ما نصت عليه المادة رقم 20 من قانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية والتي نصت على أنه إذا اشترط أحد الزوجين في الآخر وصفاً معيناً فتبين خلافه كان للمشترط طلب فسخ الزواج، ومن لوازم الفسخ أنه يرجع بكل ما بذله من غرم، من أجل الزواج.



الوضوح والشفافية

بدوره، أكد أستاذ علم الاجتماع التطبيقي في جامعة الشارقة، الأستاذ الدكتور أحمد فلاح العموش على أن الحياة الزوجية تؤسس على الوضوح والشفافية لا على التغرير الذي يؤدي إلى سوء العلاقة وسرعة الانفصال، فضلاً عن المشكلات القضائية والعداوة الأسرية، وفي علم النفس يشكل الإنسان الصورة الأولى للآخر في أول لقاء له، ومع تقدم الحياة والعمر تبقى الصورة الأولى في الذاكرة، وعليه يجب أن يقوم عقد الزواج على الثقة والاحترام والمصارحة منذ اللحظة الأولى كي لا تتزعزع ثقة أي من الزوجين بالآخر ويتهمه بالكذب والخداع.

بين مؤيد ومعارض

وتفاوتت آراء أشخاص التقتهم «الرؤية» حول إلزامية إعلام الآخر من عدمه حول ما خضع له كل طرف من عمليات تجميل قبل عقد الزواج، إذ اعتبر البعض أن حياة الشخص قبل الزواج ملكه ولا تخص الآخر، في حين اعتبر آخرون أن العقد مبني على الثقة ويجب المصارحة.

شأن خاص

وقالت الدكتورة دعاء ضرغام: «إن ما قامت به المرأة أو الرجل قبل انعقاد الزواج هو شأن خاص بكل منهم وليس من الضرورة إعلام الآخر، وقناعتي أن كل طرف لا يمتلك الآخر بل يكمله لأن كلاً من الرجل أو المرأة يمتلك جسده فقط وليس له أي شأن بالآخر ولكن بعد الزواج تختلف الأمور ومن حق الرجل معرفة ما ستقدم عليه المرأة من عمليات تجميلية أو طبية وليس ما قامت به سابقاً وبالعكس».



وأضافت أن إقدام الرجل على الزواج من امرأة يجب أن يبنى على تفاهم وإعجاب بالروح وليس فقط الجسد وأن يحترم القرار الذي أقدمت عليه سابقاً قبل أن تتعرف عليه.

أمر شخصي وليس مصارحة

أما السيدة بسمة حسني قالت: أنا شخصياً أجد هذا الأمر شخصياً جداً قبل الزواج، ولا يدخل في باب المصارحة وليس من الضرورة تقديم تقرير عن المرحلة التي كانت قبل عقد الزواج لكلا الطرفين، ولكن بعد الزواج يجب أن يصارح كل شخص الطرف الآخر في كل خطوة وموافقته، وأرى أن الزوج أو الزوجة يجب ألا يتدخل بأي إجراء تم قبل الزواج وهذا السلوك يتبعه زوجي أيضاً وهو من غرس هذه القناعة لدي".



لا مانع من إعلام الزوج

بدورها قالت الدكتورة مريم حديد إن الأمر شخصي والقرار يتبع للشخص دون غيره وبالنسبة لي لا مانع من إعلام الزوج بما قمت به سابقاً أو ما أريده لاحقاً، فهذا أمر طبيعي، ولكن هناك الكثير من أفراد المجتمع لا يفكرون بالطريقة ذاتها، مثلاً أعرف سيدة صديقة لي كانت تضع العدسات الطبية لتصحيح النظر طوال الوقت ومن ثم قررت أن تقوم بعملية ليزر لتصحيح النظر فاتهمها الزوج بغدره وبالكذب عليه.



آثار تدل على عملية

ويرى الدكتور محمد الفيومي أنه من المفروض أن تعلم السيدة المقدمة على الزواج شريك حياتها المستقبلي بما خضعت له من عمليات جراحية كبيرة كتكبير الصدر أو المؤخرة أو قص المعدة كنوع من الصدق والأمانة، لافتاً إلى أنه بعض العمليات تترك آثارها على الجسم كعمليات شد الصدر ورفعه أو شد البطن، فهي عمليات تترك آثاراً وتكون واضحة وعليه يجب على المرأة أن تعلم الرجل قبل الزواج كي لا يتفاجأ لاحقاً، أما البوتكس والفلر فهذا تغيير بسيط ومؤقت وليس كالعمليات الكبيرة التي تغير الشكل لذك يجب أن يكون هناك صراحة بين الأطراف.



الثقة والاستمرارية

من جانبه، أفاد استشاري الجراحة الدكتور تامر فادي بأنه من حق الزوج أو الزوجة معرفة ما قام به الطرف الآخر قبل الزواج أو بعده ليس كاشتراط قانوني ملزم ولكن كمبدأ لأن عقد الزواج يشترط الثقة والاستمرارية ليس فقط في عمليات التجميل بل في الحياة، وما يشترط بشكل رسمي معرفة الزوج في العمل الجراحي هي العمليات المتعلقة بالإنجاب كربط الأنابيب أو استئصال الرحم وأيضاً من حق كل طرف أن يعلم الوضع الصحي للآخر في حال كان يعاني من أمراض طبية كالصرع أو السرطان أو الأمراض التحسسية أو عدم القدرة على الزواج وتوجهه للارتباط كحالة اجتماعية فقط وغيرها حتى وإن كان لا يعاني من أية أعراض.



وأضاف: «عمليات التجميل ليست حقن بوتكس أو فلر بل هي العمليات الكبيرة التي تتضمن تغيير الشكل كوضع حشوات لتكبير الثدي أو تغيير الأنف أو شد البطن أو شد الوجه، ولكننا يجب أن نعلم أن بعض الأشخاص يقدمون على التجميل لعلاج تشوه أو عيب خلقي وليس لمجرد التحسين أو التباهي ومن الطبيعي ألا يعيش الشخص مع التشوه طوال عمره وبالتالي يجب مصارحة الطرف الآخر كجانب أخلاقي في الدرجة الأولى ولا أعتبره إلزامياً».

غش يتطلب التعويض

وتقول السيدة ولاء أحمد إن عمليات التجميل باتت موضة العصر وأعتقد أنه من حق كلا الطرفين أن يعلم الآخر بالعمليات التي خضع لها قبل عقد القران خاصة لو كانت العملية تغييراً في الشكل فقط لكن الجينات ستنتقل للأبناء كشكل الأنف أو السمنة أو التشوهات الخلقية، ولكن بعض النساء أو الرجال بعد التجميل يخفون الأرشيف السابق والصور ولا يبقى ما يدل على حقيقتهم السابقة وقد يعتبر هذا نوعاً من الغش ومن حق كلا الطرفين طلب التعويض وهذا حصل في دول أخرى عندما تزوج رجل آسيوي امرأة جميلة وأنجبت أولاداً اعتبرهم الأب دون مستوى جمال والديهم وبحث في تاريخ الأم ليكتشف أنها نتاج عمليات تجميل غيرت شكلها وطلب التعويض.



من جهتها، تقول السيدة «ن-ق» إنها خضعت لعملية تجميلية قبل الزواج وعند ارتباطها صارحت الزوج لكنه لم يبدِ أي انزعاج بل احترم مصارحتها له بكل ود.

أما الطبيبة «ر-ح» فتقول إنها خضعت لعملية تجميلية في مناطق حساسة بسبب تشوه خلقي ولدت به وتؤكد أن هذا الأمر خاص بها وليس من الضرورة إعلام الزوج لأن الموضوع يحرجها ويضعف ثقتها وتفضل أن يبقى سراً دون البوح به وليس من حق أحد معرفة أدق تفاصيلها الشخصية في حياة الآخر لأن الزواج احترام وليس استباحة مساحة الآخر.