الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

زكي نسيبة لـ«الرؤية»: زايد صاغ للشباب مستقبلاً عزز الأصالة والمعاصرة

زكي نسيبة لـ«الرؤية»: زايد صاغ للشباب مستقبلاً عزز الأصالة والمعاصرة

زكي أنور نسيبة.

أكد المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة زكي أنور نسيبة، أن إيمان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالعلم والثقافة والمعرفة، وبأنها ركائز أساسية للدولة القوية، فضلاً عن تمتعه بشخصية قيادية- قلّ نظيرها، مكّنته من بناء دولة حديثة نموذجية على مستوى المنطقة والعالم، وصياغة المستقبل الثقافي الهادف.

وأشار في حوار مع «الرؤية»، إلى أنه «رغم ما شيّده الشيخ زايد من مظاهر المدينة الحديثة، إلا أنه ظلّ وفياً لطبيعته البدوية، مُتمسّكاً بعادات وتقاليد المجتمع التي نشأ عليها، ما عزز (فكرة الأصالة والمعاصرة) في نفوس الشباب باعتبارها ثنائية متناغمة، ولا سيما أن الإمارات تملك كنوزاً من التراث تحافظ عليها، بقدر سعيها إلى الانطلاق نحو المستقبل، وهذا ما حفظ التوازن للشخصية الإماراتية».

المستقبل الثقافي

وقال نسيبة إن نشأة الشيخ زايد في مدينة العين ومحيطها الصحراوي انعكست عليه، لتُشكّل منه شخصية حكيمة مرموقة، شغوفة بمعرفة وقائع وتاريخ المنطقة في شبه الجزيرة العربية، فكان محباً للشعر الذي كان أقرب في حكمته ومغزاه إلى ذاته، ليصبح «حكيم العرب»، كما درس القرآن والسيرة النبوية الشريفة وتاريخ القبائل والعرب، وعشق الشعر النبطي وحفظ الكثير منه، علاوة على الشعر الجاهلي والاتباعي (الكلاسيكي)، وكان حافظاً للكثير من أشعار المتنبي وأبي العتاهية.

وأضاف «آمن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان بالعلم والثقافة والمعرفة، واعتبرها ركائز أساسية للدولة القوية، وقد تمتّع، بشخصية قيادية قلّ نظيرها، إذ أخذ على عاتقه بناء دولة حديثة نموذجية على مستوى المنطقة والعالم، وصياغة المستقبل الثقافي الهادف الذي يجمع بين الأصالة والحداثة».



قيم أصيلة

وذكر أن الأثر الثقافي في عهد الشيخ زايد شكّل أحد أهم الإنجازات المُهمّة في بناء الدولة، لإيمانه الراسخ بالدور المُهم للثقافة في التنمية الشاملة، وكانت البداية مع فكرة إنشاء المركز الثقافي والمكتبة الوطنية عام 1971، العام الذي شهد إعلان تأسيس الدولة، وجاءت الفكرة تجسيداً لرؤية المغفور له، ونابعة من حرصه على التعريف بالفن والتراث وتعزيز مشاركة المجتمع في ثقافة الحوار المفتوح، وهو أمر لم يكن قد نشأ مع تأسيس المجمّع الثقافي فحسب، بل ظل موضوعاً دائماً منذ بدايته.

وتابع «أما مجالس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فكانت تُمثّل مدارس خير وعلم وشعر، نهل من معينها الآباء والأجداد، إذ اعتاد على استضافة النخبة من العلماء ورجال الدين والشعراء، فضلاً عن أنه كان شاعراً مُجيداً، وله مساجلات موثقة مع شعراء في الإمارات والخليج، وكان جلياً أن يظهر في هذه المجالس مدى احترامه للعلم والعلماء، وتكريمهم وتقدير جهودهم في نشر الثقافة العربية والإسلامية، حتى انتشرت المجالس الثقافية في عهده في جميع إمارات الدولة، لتكون واجهة للقيم الأصيلة التي أرسى الشيخ قواعدها».

الأصالة والمعاصرة

وفي رده على سؤال عن كيفية تعزيز «فكرة الأصالة والمعاصرة» في نفوس الشباب باعتبارها ثنائية لا متناقضة، بل متناغمة، قال نسيبة «آمن الشيخ زايد بأن بناء الإنسان صعب، لكنه هو الثروة الحقيقية، وبأن الإمارات تملك كنوزاً من التراث، تحافظ عليها بقدر سعيها إلى الانطلاق للمستقبل، وهذا ما حفظ التوازن للشخصية الإماراتية».

وأردف قائلاً «قامت مسيرة التنمية الحديثة في فكر الشيخ زايد وفق مبدأ مفاده بأن الحداثة يمكن أن تتمّ مع الحفاظ على التراث، فرغم ما حقّقه، رحمه الله، من تحديث وتطوير وتنمية، غير أنه ظلّ متمسكاً بالتراث وشجّع على النهوض به، وكان يؤكد دائماً على أن نسيج البناء العصري في الإمارات تترابط فيه التقاليد مع التحديث بمتانة ووفاق، وهكذا تمكنت الإمارات في عهده من كسب رهان التوازن بين الأصالة والمعاصرة».

وأضاف «أيقن زايد بأن أهم الوسائل التي تساعد على تعزيز فكرة ترابط الأصالة بالحداثة تكمن في طرق عرض تراثنا، وتضمينه في المناهج المختلفة بالشكل الذي يتناسب مع مستويات الطلبة وقدراتهم الإدراكية، إذ يعتبر أحد أهم المصادر المادية للشعوب التي تعبر عن النشاط الإنساني الثقافي والاجتماعي، كما أنه مصدر للمعلومات التي تسهم في إعطائنا القدرة على استعادة ما فقد منها، ويسهم التراث أيضاً في حلّ عدد كبير من المشكلات التي تواجهنا، وهو من أهم مصادر الإحساس بالجمال ويسهم في الإشباع العاطفي، حيث إنه يربط الماضي بالحاضر».



دور ملهم

وعن دور الشيخ زايد في عمل معادلة متوازنة بين التراث والحداثة، قال المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة «كان اهتمام المغفور له الشيخ زايد بالثقافة عنواناً شاملاً لكلّ مكوّنات الثقافة المادية والمعنوية.. ومن ذلك اهتمامه الخاص بالتراث، باعتباره مكوّناً رئيسياً من مُكوّنات الهوية الوطنية، لذا أنشأ مؤسسات خاصّة تُعنى بهذه المهمة مثل (نادي تراث الإمارات) عام 1993، و(قرى التراث) التي شكّلت منذ تأسيسها رافداً مهماً للتراث الإماراتي، وتعريف المواطنين والزائرين على شكل الحياة الشعبية، فنونها وحرفها، وكلّ ما تختزنه من قيم وعادات وتقاليد ظلّت راسخة لليوم».

وأكد أن حبّ الشيخ زايد للتراث وتمسّكه به انعكس على مظاهر عدّة، من بينها تمسّكه بالزي الوطني للإمارات، وحرصه على ارتدائه في كلّ مكان يذهب إليه، داخل الدولة وخارجها، لإدراكه أن هذا الزي هو جزء من الهوية الوطنية وأحد مكوّناتها.

وزاد «أما المجلس العربي، الذي يُعدّ من أبرز مظاهر الحياة الاجتماعية بالمنطقة، باعتباره ملتقىً يومياً لأهل (الفريج) أو المنطقة، ليتباحثوا في شؤونهم ويتبادلوا الحديث والمعارف والعلوم وإلقاء الأشعار، فقد ظلّ حاضراً في الدولة بعد قيام الاتحاد، وظلّ مجلس الشيخ زايد مفتوحاً باستمرار أمام الجميع من مُختلف الفئات والجنسيات».



حِرف تقليدية

وبحسب نسيبة، أولى الشيخ زايد، رحمه الله، اهتماماً كبيراً بالصناعات والحرف التقليدية، وكان يحرص على استمرارها والنهوض بها، وتوفير إطار يضمّ العاملين فيها، مثل إنشاء (مركز الصناعات التقليدية والحرف اليدوية) في الاتحاد النسائي العام في أبوظبي، الذي يجمع عدداً كبيراً من النساء (حاميات التراث) اللاتي يُمارسن الحرف اليدوية التقليدية، ويُشاركن في مختلف الفعاليات الثقافية المحلية والعالمية للتعريف بتراث الإمارات.

وتطرق إلى أن الوالد المؤسس أراد أن يكون الإنسان الإماراتي عملياً، مثابراً وأخلاقياً، يتمتع بكفاءات عدة، فعمل على إحياء التراث على مستوى اللغة والأدب والمصنوعات والحرف والعمارة، والعادات والتقاليد، وأنماط الحياة المختلفة، ودعم الفعاليات، والأنشطة والمشاريع والبرامج التراثية، وبالتالي دعم عمليات الاستكشاف عن آثار الدولة، وكان يزور المواقع الأثرية، لرغبته في تقديم أدلة عملية على حضارات الإمارات القديمة، بما يسهم في بناء الإنسان الإماراتي، وتعريفه بحضارات وطنه القديمة، حتى يتحصل على قوة معنوية ومعرفية، تساعده على صنع حياة معاصرة عظيمة.

معسكرات ثقافية

ولفت إلى وجود المُعسكرات التراثية الثقافية التي باتت أكاديمياتٍ حقيقة تعلّم الأجيال، وتُلبّي حاجة الشباب في مواصلة مهمة حفظ الموروث بإتاحة الفرصة لهم لينهلوا من تجارب الخبراء ميدانياً وتأهيلهم حسب خطوات مدروسة، كما تحثّ الطلاب على الاهتمام بدراستهم وتحصيلهم العلمي.

رياضات تراثية

وقال «رغم كلّ ما حقّقه، طيّب الله ثراه، من إنجازات وما شيّده من مظاهر المدينة الحديثة، ظلّ الشيخ زايد وفياً لطبيعته البدوية، مُتمسّكاً بعادات وتقاليد المجتمع التي نشأ عليها وشكّلت جزءاً رئيسياً من شخصيته، ولعل اهتمامه بعالم الرياضات التراثية جاء بعد أن أدرك بفكره النافذ ورؤيته المستقبلية أهمية دور الشباب في عالم الرياضة، وأن بناء تلك العلاقة المتينة سيُسهم في تنمية الإنسان وقدرته على الاستمرار والنجاح والنهوض والتطور من أجل بلاده، والحفاظ على هويته الأصيلة التي نفتخر بتفرّدها بين بقية شعوب العالم.



الاستعداد للخمسين

ووفقاً لنسيبة، تدخل دولة الإمارات إلى الخمسين عاماً المقبلة، بمنظومة من القيم والمبادئ الإيجابية، والتي ترسخت برؤية القيادة الرشيدة الداعمة والقيم المستمدة من فكر الوالد المؤسس، والتي تعكس هوية الشخصية الإماراتية المرتبطة بأرضها، والمحافظة على عاداتها وتقاليدها وهويتها، والمؤمنة بقيم التسامح والسلام والتعايش.

وشدد على أن هوية الإمارات الراسخة تتميّز بمجموعة من القيم والمبادئ المُستمدّة من نهج مؤسس الدولة، ويأتي الإعلان عن «عام الاستعداد للخمسين» بهدف إشراك الفئات المجتمعية كافة في صياغة شكل الحياة في دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة، عبر الاستلهام من موروث الشيخ زايد من القيم والمبادئ التي شكّلت الأساس الصلب الذي نهضت عليه الإمارات.



زعيم عالمي

وأكد أن الشيخ زايد «رحمه الله» كان زعيماً من طراز عالمي، استطاع تغيير مسار التاريخ في المنطقة والعالم بأسره، وترك تراثاً إنسانياً رائعاً في الانفتاح والتسامح والدعوة إلى الحوار بين الشعوب والأديان والحضارات ونبذ التعصّب والعنف.

وأضاف أنه، طيّب الله ثراه، وضع أسس النهضة الحديثة التي تقوم قيادة الإمارات الرشيدة بالبناء عليها، بغية الارتقاء بالدولة إلى المكانة التي تستحقّها على خريطة الدول المُتقدّمة، بصفتها واحدة من أفضل دول العالم على النحو الذي تُجسدّه «مئوية الإمارات 2071»، عبر العمل على تجهيز جيل يحمل راية المستقبل، يتمتّع بأعلى المستويات العلمية ويتحلّى بأسمى القيم والمبادئ الأخلاقية يُسهم في رفع مكانة الدولة للمنافسة ضمن أفضل دول العالم.