الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بشرط.. الحصول على نوبل

في عام 2000 منح نادي الجزيرة في القاهرة - الذي يعتبره كثيرون نادي الأرستقراطية المصرية - العضوية الفخرية للدكتور أحمد زويل.

هنا جاءت المفاجأة، حيث رأى موظفو وزارة الشباب والرياضة المصرية أنه لا يوجد «بند» في اللائحة يسمح بمنح الدكتور زويل العضوية الفخرية دون غيره، وأنه لا بد من نموذج عام حتى يمكن قبوله قانونياً، وهنا كانت المفاجأة الأخرى، حيث لم يجد النادي حلاً سوى أن يضع صياغة قانونية مقبولة كالتالي: «... ويتم منح العضوية الفخرية لنادي الجزيرة لكل من حصل على جائزة نوبل»!

أروي هذه القصة بمناسبة ما أتصوره إصلاحاً واجباً لمنظمة الصحة العالمية، وقد كان من بين ما قلتُه للإعلامية الأستاذة «نوفر رامول» في برنامجها المتميز «قابل للنقاش» على تلفزيون دبي: «إن منصب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يجب ألا يخضع للقواعد الرسمية المعتادة في المنظمات الأخرى، كأنْ يمثل دولة أو أنْ يكون وزيراً سابقاً للصحة في بلاده، بل إنني أذهب إلى التعسّف في الاختيار، وأن يكون أحد شروط الترشيح الحصول على جائزة نوبل في الطب».


إن منظمة الصحة العالمية قد أصبحت في دائرة الضوء بأضعاف كل الأضواء التي أحاطت بـ«مجلس الأمن» طيلة العقود الماضية، فالذين يعرفون الأمم المتحدة ومؤسساتها مجتمعة أقل كثيراً من الذين تعرفوا في عام 2020 على منظمة الصحة العالمية، حيث ينتظر 7 مليارات نسمة إفادتها وبياناتها اليومية ممتلئين بالخوف والأمل.


لقد تأسست المنظمة شأنها شأن أي منظمة سياسية في الأمم المتحدة، حيث إنها تمثل الحكومات، ويأتي مديرها العام بالانتخاب بين ممثلي الحكومات، وهي آلية سياسية تقوم على معطيات الصراع الدولي، وعلى بناء التحالف والتكتل والتصويت، وذلك عبر التفاوض على المزايا والوظائف والتأييد.

لا يمكن أن تكون هذه الفلسفة مقبولة بعد اليوم، ذلك أن جائحة كورونا قد جعلت المنظمة هي الأهم في كل منظمات ووكالات الأمم المتحدة، متجاوزة الجمعية العامة ومجلس الأمن، بل تعمل في أزمة تشمل العالم بأكمله، وقد نجحت في إحدى مراحلها في غلق الكوكب، من طوكيو إلى لوس أنجلوس.. مروراً بقارات العالم الست.

إن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا تفوق إجمالي خسائر الاقتصاد العالمي في كل الحروب التالية للحرب العالمية الثانية، أما الخسائر النفسية فلم يسبق أن مر بها جميع الأحياء في عالم اليوم.

وعلى ذلك، فقد أصبح إصلاح المنظمة واجباً دولياً، حيث يجب الانتقال بها من السياسة إلى الحياة، ومن الدبلوماسية إلى الطب، ومن سطوة الحكومات والجهاز الإداري، إلى سطوة المعرفة والجهاز العلمي.

إن المنظمة تحتاج إلى العلماء لا الوزراء، وإلى الخبراء لا المديرين، إلى الذين يمكنهم البتّ في العلاج واللقاح، والرد على تناقضات العلم وخلافات الدوريات والأبحاث، وإن واحداً من شروط المدير العام أن يكون حائزاً على جائزة نوبل في الطب، ومن هنا نبدأ.