السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

هل انتهت فرص الحوار الدولي؟

لا وقت الآن للحوار في أي شيء، كل دول العالم غارقة في أزماتها ولا أحد لديه وقت لكي يسمع الآخرين، لأن القوى الكبرى تصفي حسابات داخلية وخارجية وكل طرف يسعى لآن يخرج بشيء بعد أن تهدأ العواصف.

إن أمريكا الدولة والقوة والشعب تعيش أسوأ حالاتها ما بين الانقسام الداخلي والحرب الأهلية، والفشل في علاج مئات الآلاف من المصابين بهذا الشبح المخيف كورونا.

هناك جبهات كثيرة من العقلاء في المجتمع الأمريكي يطالبون بالعودة إلى الداخل، لآن الشعب الأمريكي أولى بأمواله وأبنائه، ولآن أمريكا دفعت أمولاً طائلة في حروب لم تضف لها شيئاً، ولآن ما تعانيه أمريكا الآن من الظروف الصعبة يحتاج إلى مراجعة كل الأشياء، ولآن هناك انتخابات جديدة وصراع على السلطة.


كل هذه الأسباب سوف تأخذ أمريكا بعيداً عن كل ما يدور من صراعات ومعارك خارج حدودها، فالعالم يشتعل وهناك من يحاول أن يقتطع شيئاً من الغنيمة، وإن الصين تراهن على أن ترث الدور الأمريكي كقوة عظمى وربما حققت هذا الهدف، وعلى الجانب الآخر فإن روسيا لن تترك الساحة ولديها الآن فرصة كبيرة ما بين سوريا وليبيا ومياه المتوسط، وقبل هذا هي في حاجة لأن تنافس بقوة في تجارة السلاح التي احتكرتها أمريكا سنوات طويلة، حيث تتصور روسيا أنها ستكون شريكاً في إدارة شؤون العالم مرة أخرى وأن الاتحاد السوفيتي لم يمت.


وهناك مناطق أخرى سوف تهدأ قليلاً، فالعداء مع إيران ينبغي ألا يطول، خاصة أن أسباب الصراع في الخليج أو العراق أو حتى لبنان لم تعد تحرك خيال القرار الأمريكي.

وإذا كانت إيران قد رضخت قليلاً أمام ظروف المقاطعة والعقوبات وكورونا، فإن شبح الأتراك بدأ يطل من جديد بأطماع توسعية واضحة وصريحة.

قلت لا أحد الآن لديه وقت للحوار وربما أتاح هذا المناخ فرصاً لبعض القوى الصغيرة أن تطفو على السطح وتتصور أن لها دوراً كما يحدث الآن في سرك المؤامرات بين تركيا وقطر، وما يجري في ليبيا، حيث لا أحد يسمع إنها حوارات صامتة حتى لو استخدمت الحرب وسيلة.

إن اشتعال الموقف في البحر المتوسط لا تحركه أموال قطر وأحلام أردوغان، ولكن الاتحاد الأوروبي منقسم على نفسه ولن يجد أحداً يسمعه الآن أو يوحد صفوفه، لأن الحسابات تغيرت ففرنسا وإيطاليا واليونان ترفض الألاعيب التركية رغم أن أموال قطر وبترول ليبيا لا تستغني عنهما هذه الدول.

إن المطلوب الآن أن يقف كل طرف مع نفسه، فليست هناك قوى دولية يمكن أن تضع الموازين أو تتدخل لحسم المواقف وإعادة الحقوق، فالجميع غارق في أزماته ومعاركه وديونه من الكبار إلى الصغار، وقد يتصور البعض في هذا المناخ أنه يستطيع أن يحصل على شيء من الغنيمة رغم أنها ملوثة.