السبت - 12 أكتوبر 2024
السبت - 12 أكتوبر 2024

تبييض الأموال.. لماذا يعتبره العالم جريمة؟ وكيف يحدث؟

تبييض الأموال.. لماذا يعتبره العالم جريمة؟ وكيف يحدث؟

تبييض الأموال

في أسطورة السينما الأمريكية «the god father» نفذ الممثل آل باشتينو أو «مايكل كورليوني» في الجزء الثاني من الثلاثية، عدة إجراءات لإعادة تدوير أرباح تجارة العائلة من الأنشطة غير المشروعة حتى لا تتمكن المباحث الفيدرالية من تتبعها ومصادرتها في النهاية.

تبييض الأموال.. إخفاء الأصل السيئ

كان يلزم عائلة «كورليوني» اتباع عدد من الإجراءات المعقدة، لإخفاء أصل الأموال التي ربحوها من تجارة المخدرات والتهريب، في الحقيقة كانوا يغسلون أموالهم غير المشروعة لتحويلها إلى أموال مشروعة لها أصل واضح ومحدد.

البرنامج العالمي لمكافحة غسيل الأموال التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، قدم تعريفاً محدداً لعملية غسل الأموال أو «تبييض الأموال».

اقرأ أيضاً.. شرطة دبي تنظم دورة حول «مكافحة غسل الأموال والمخاطر المالية»

تبييض الأموال (غسيل الأموال) ما هو؟

بحسب المصدر السابق يمكن تعريف غسيل الأموال بأنها عملية تحويل كميات كبيرة من الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير قانونيّة إلى أموالٍ نظيفةٍ وقابلة للتّداول في النّشاطات العامّة.

وتعرف الأمم المتحدة غسيل الأموال أيضاً بأنه استخدام عدة طرق أو تكتيكات مالية لإخفاء وتغطية المصادر التي يتم من خلالها كسب الأموال غير المشروعة، إذ يمكن استخدام وسائل استثمار غير مشروعة، وتستثمر أرباحها في نشاطات مشروعة وقانونية تدر في النهاية أرباحاً مشروعة وقانونية.

تبييض الأموال.. توسع في الجريمة

يعد غسيل الأموال من الجرائم التي يعاقب عليها القانون بسبب تأثيرها السلبي على اقتصاد الدول. لأن هذه الجريمة تتيح للمجرمين إمكانية التصرف في الأموال المغسولة وتوظيفها في مجموعة من النشاطات العامة عن طريق إخفاء مصادرها غير المشروعة.

كما تساعد تلك الأموال مرتكبي الجرائم في التوسع في أعمالهم غير القانونية والمشبوهة، ما يؤدي لتحقيق المزيد من الأرباح غير المغسولة، لتعاد عملة التبييض مرة تلو الأخرى.

كيف يحدث تبييض الأموال؟

بحسب برنامج الأمم المتحدة، يتم تنفيذ عمليات تبييض الأموال أو غسيلها من خلال 3 مراحل أساسية كالتالي:

الإيداع:

هي المرحلة الأولى من مراحل تبييض الأموال، والذي يعتمد من خلالها مجرمو غسيل الأموال في التخلص من أموالهم عن طريق تحويلها لودائع مصرفية في البنوك والمؤسسات المالية الاستثماريّة المختلفة، ما يؤدي لاختلاطها بأموال أخرى، يتم استبدالها بأموال أخرى نظيفة وقانونية.

التجميع:

ثاني مرحلة تحدث عندما يقوم أصحاب الأموال غير القانونية بتجميعها بعد سحبها من البنوك أو المؤسسات المالية لتنفيذ مجموعة من المشروعات والاستثمارات المالية التي تضمن لهم تغطية كافية للعمليات غير القانونية التي يرتكبونها.

وتساعد تلك المرحلة «التجميع» في توفير التمويه المطلوب لعمليات تبييض الأموال.

الدمج:

أما المرحلةُ الأخيرة من مراحل عملية تبييض الأموال فهي التي يتم من خلالها خلط الأموال غير الشرعية مع الأموال الشرعية الناتجة من المشروعات والاستثمارات التي تم تنفيذها، ليحدث الدمج المالي المطلوب فتختلط الأموال معاً، ويصعب التعرف على مصادرها أو التفرقة بين المشروع منها وغير المشروع.

لكن لماذا تجرم دول العالم تبييض الأموال؟

في مارس الماضي أعلن المكتب التنفيذي لمواجهة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في الإمارات، اعتماد مجموعة من الأنظمة التقنية للتصدي للجرائم المالية.

تلك الأنظمة قامت على تلقي وجمع البيانات وفحصها ودراستها ومن ثم تعميمها على السلطات المختصة عند الحاجة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

الآثار السلبية لتبييض الأموال

وبحسب «سكاي نيوز عربية» تمارس دول العالم جميعها تقريباً جهوداً كبيرة ومكثفة للوقوف أمام عمليات تبييض الأموال ومكافحتها لما لها من نتائج سلبية مدمرة.

وفي دراسة سابقة نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين بشأن التأثيرات السلبية لعمليات تبييض الأموال أشارت إلى أن غسيل الأموال يؤدي إلى ظهور أثر سلبي على الاقتصاد الوطني الخاص بكل دولة.

ويحدث ذلك لأن تبييض الأموال يؤدي لتراجع استخدام رؤوس الأموال السليمة الشرعية واستبدالها بأموال غير قانونية يسعى بعض المجرمين في نشرها ضمن السوق، ما يؤدي إلى تراجع معدلات التنمية الاقتصادية والاستثمارات، ما يؤدي بالضرورة لحدوث ضرر جسيم على قيمة العملات المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية.

وأشارت الدراسة إلى أن لتبييض الأموال آثاراً سلبية من الناحية السياسية، لكونه يؤدي لتهديد الاستقرار السياسي للدول بسبب استخدام الأموال المغسولة في تمويل عمليات غير قانونية وإجرامية وأحياناً إرهابية.

كما أن استخدام تلك الأموال يساعد على تفشي الفساد السياسي من خلال الاستعانة بتبييض الأموال ونشره ضمن القطاع الحكوميّ في بعض الدول.

كذلك يؤثر تبييض الأموال على الدول من الناحية الاجتماعية، إذ يسعى منفذو تبييض الأموال إلى نشر أنواع التجارة التي تقدم أفضل مساعدة ممكنة لهم من أجل تبييض أموالهم بسهولة.

وفي رغبة منهم يرفعون وتيرة عمليات تجارة المواد المخدرة على سبيل المثال بصفتها إحدى الوسائل التي تساعد على زيادة الأموال النظيفة، وينتج عن ذلك تدمير كبير في البنية المجتمعية.

2 تريليون دولار سنوياً حجم تجارة تبييض الأموال عالمياً

بحسب جريدة أخبار اليوم المصرية، تشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن الأموال المشبوهة التي يجري تبييضها سنوياً من أرباح عصابات المافيا والجريمة المنظمة تتراوح قيمتها ما بين 800 مليار دولار إلى 2 تريليون دولار سنوياً، أو 8% من إجمالي التجارة العالمية.

أشهر مجرمي تبييض الأموال

ومن أشهر قضايا تبييض الأموال في العالم ما فجره الإعلام الأمريكي مؤخراً ولم تكن صادمة بسبب أرقامها فقط وإنما بسبب هوية المتهم فيها.

كان المتهم في القضية البروفيسور بروس باجلي وعمره 73 عاماً، وهو أستاذ جامعي تخصص في الدراسات الدولية وكان خبيراً في قضايا عصابات الجريمة المنظمة أو كارتلات المخدرات شديدي الخطورة.

المفاجأة اكتملت عندما كشفت التحقيقات أن بروس تورط في واحدة من أكبر عمليات غسيل الأموال الدولية التي تصل قيمتها إلى 2 مليون دولار.

كما كشف المدعي العام بنيويورك، جيفري بيرمان تفاصيل اعترافات البروفيسور أثناء محاكمته ليقر باستخدام حسابات مصرفية باسمه وباسم شركة أنشأها في فلوريدا ليصبح وسيطاً في عمليات تبييض أموال من عائدات رشوة وفساد لرعايا أجانب من فنزويلا في الولايات المتحدة.