2018-05-08
أكد خبراء مشاركون في الندوة الـ 49 التي نظمها الثلاثاء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول «الإرهاب في المنطقة» أن الاستراتيجية الإماراتية المتكاملة في مواجهة الإرهاب أنموذج يحتذى. وخلُص المشاركون في الندوة إلى أن أي استراتيجية ناجحة للقضاء على ظاهرة الإرهاب ينبغي أن تعمل على القضاء على مسبباتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مشيرين إلى أنه لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إذا لم تعالج أسبابها، والعمل في الوقت ذاته على تعزيز القدرات في مجال الأمن السيبراني وتحصين الشباب وعدم تركهم فريسة للجماعات والتنظيمات الإرهابية. كما ثمّنوا دور دولة الإمارات العربية المتحدة في محاربة الإرهاب، جازمين بأن الإمارات مؤهلة وقادرة على لعب دور كبير في دعم الاستقرار في المنطقة، والقضايا التي تعزز من جهود مكافحة التطرف والإرهاب. وتناولت الندوة تطور ظاهرة الإرهاب في المنطقة في الأعوام الأخيرة، وآليات مواجهتها، لا سيما بعد الخسائر التي مُني بها تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق، وتوجهه إلى مناطق جديدة لتعزيز نفوذه فيها. وافتتح المدير العام للمركز الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي فعاليات الندوة، بحضور لفيف من الدبلوماسيين والعسكريين والباحثين والأكاديميين والكتّاب والصحافيين ورجال الإعلام. وأشار السويدي إلى أن الإرهاب يعتبر «صندوق شرور» هذا العصر لأن أخطاره لا تتوقف عند قتل الأبرياء الذين حرَّم الله قتلهم إلا بالحق، أو تدمير الممتلكات، وإشاعة الخراب والدمار في العالم، وإنما تمتد إلى كل شيء على وجه الأرض تقريباً، بدءاً من البيئة، مروراً بالاقتصاد والسياسة والأمن، وانتهاء بالثقافة ومنظومة القيم. وتطرق السويدي إلى تجربة الإمارات في مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن الإمارات أدركت مبكراً خطورة هذه الظاهرة، وسعت إلى مواجهتها وفق استراتيجية متكاملة الأركان ما ساعدها في أن تكون نموذجاً يحتذى في ذلك، حيث بذلت جهوداً مشهودة في مجال مكافحة الإرهاب ودعم جهود القضاء عليه، وكانت لها مساهماتها البارزة على الصعيدين الإقليمي والدولي. وسلط الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة في القوات المسلحة الباكستانية الجنرال جهانجير كارامات الضوء على مخاطر ظاهرة الإرهاب والجماعات المتطرفة على الاستقرار في منطقة جنوب شرق آسيا، مشيراً إلى أن التهديد الإرهابي تحول في الآونة الأخيرة إلى تهديد لا مركزي يصعب التنبؤ به. وبيّن الجنرال جهانجير كارامات أن الجماعات والتنظيمات الإرهابية تسعى دوماً إلى استغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الهشة وبعض المظالم في بعض الدول في تجنيد عناصر جديدة لها، لافتاً إلى أن هذه التنظيمات تركز على مناطق النزاعات والصراعات التي تغيب فيها السلطة المركزية للانتشار وتعزيز النفوذ. وتحدثت سفيرة باكستان السابقة في الجمهورية اللبنانية رنا رحيم عن الأسباب السياسية لصعود الإرهاب في المنطقة. وتطرقت إلى بعض الجماعات التي تم تصنيفها إرهابية من قبل بعض الدول، ومنها جماعة الإخوان المسلمين التي انتقلت من جمعية خيرية إلى حركة سياسية؛ والقاعدة التي نشأت في سياق الحركة الجهادية ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان، وتحولت بعد الانسحاب إلى تنظيم مسلح أخذ يتوسع في الخارج، مستغلاً مسألة الوجود الغربي في المنطقة، وتنظيم داعش الذي مثل ظهوره نقطة تحول في تاريخ الحركة الإرهابية بسبب حجم العنف الذي ارتكبه. كما تناولت رحيم أحداث ما يسمى «الربيع العربي» الذي أدى إلى تقويض الاستقرار السياسي، وأسهم في تفاقم ظاهرة الإرهاب في المنطقة؛ ثم تطرقت إلى دور الثورة الإيرانية «عملت إيران على تصدير الثورة وإنشاء إمبراطورية فارسية في المنطقة، فقامت بتأسيس أذرع لها، مثل حزب الله في لبنان». ولفتت إلى استغلال إيران مسألة محاربة الإرهاب وتنظيم داعش على وجه التحديد من أجل تنفيذ مخططها في السيطرة، بينما كانت تسهل مرور عناصر داعش إلى دول أخرى «كل هذا خلق فوضى وانقساماً كبيراً في المنطقة».