2018-05-10
هذه المرة أصبح صندوق إيداع الرسائل على وشك الرحيل بسبب هجمة التقنية وشراسة (الإيميل)، لكن لا أحد سيتذكره برسالة، مفارقة موجعة عندما يشعر صندوق الرسائل بالوحدة، بعدما كانت صورته الذهنية مرتبطة بالحمامة رمز المحبة والسلام، الآن أصبح هذا الطائر المكتئب الحزين يقف على ناصيته، طائرٌ لا تكاد ترى بصيص حياة في هيئته، وكأنه محشوّ بالخيبات، لا رغبة له بالرفرفة أو الطيران، أو أي شيء، ولهذا كل شيء مرتبط بالناس ويموت برحيلهم، البيوت تموت عندما يرحل ساكنيها، مثلما صناديق البريد تذبل وتجف حتى تموت عندما تفتقد لمسات أيدي الناس، وعرقهم، وأسرارهم التي تختبئ بين السطور متللة بهيبة ووقار رائحة الورق، قبل أن يبهت لونه الأحمر ويقترب كثيراً من ألوان الحياد، حتى أنه اقترب كثيراً من تلك اللحظة التي يفقد فيها اسمه، فالصندوق هو الذي يحتوي على شيء ما، وهكذا صندوق الرسائل عندما لا يكون هو المكان المناسب لاحتواء رسالة، يكون مجرد مكان طارئ تحط عليه الطيور الحزينة، لكنه مع ذلك لا يمكن أن يكون غصن شجرة.
فهيد العديم