الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

رحيل جواهرجي الأغنية السعودية إبراهيم خفاجي

هو الحاضر رغم الغياب، بسمة الأعياد، فرحة الوطن، نغمة الغناء الصحيحة، الشاعر الذي لا يمر يوم من دون أن يردد السعوديون أشعاره، والمبدع الذي احتفى بكلماته وشدا بها أساطين الإبداع والطرب. رددنا معه «من مدة ما جاني خبر»، ولكن الخبر الحزين اليقين جاءنا برحيل جواهرجي الأغنية السعودية الشاعر السعودي الكبير إبراهيم خفاجي عن عمر حافل بالعطاء والإبداع. في كل صباح تتردد كلمات خفاجي بقلوب وحناجر الملايين في النشيد الوطني للسعودية «سارعي للمجد والعلياء مجدي لخالق السماء.. وارفعي الخفاق أخضر يحمل النور المسطر.. رددي الله أكبر يا موطني.. موطني قد عشت فخر المسلمين». كلماته تخرج من القلب فتنسل بهدوء ووداعة إلى القلوب، حروفها صدق ونقاطها إحساس، وجرسها محبة تكفي الكون بأكمله، شاعر لا يكرر نفسه، سعى إلى الخلود، يفخر بكتابة النشيد الوطني السعودي، ونفخر نحن به، إبداعاته وكلماته وأشعاره وسيرته العطرة. سيظل باقياً ما بقيت الكلمة، تشنف آذاننا الأهازيج الحجازية والأغاني السعودية التي كان فارسها، وسفيرها في العالم العربي، إذ غنى له وديع الصافي، علي عبدالستار، صباح، كارم محمود، محمد قنديل، شريفة فاضل. أبدع مع محمد عبده وكتب له مجموعة من أجمل أغنياته مثل «أشوفك كل يوم»، «لنا الله»، «ما في داعي»، «إنتَ محبوبي»، و«ظبي الجنوب». وكان أول تعاون فني بين خفاجي وفنان العرب أغنية: «يا اللي ما فكرت في روحي، يا اللي ما تعطف لنوحي، أنت يحلى لك عذابي في الهوى، وضعفي وجنوحي». وكان مسك الختام بينهما: «كوكب الأرض، عزيز في المسار، وبلاد النور غرة كوكبه، بعث المختار فيها واستدار، هذه هي بلادي، في الحواضر والبوادي، مهبط الوحي الأمين، وأمان الخائفين». والطريف أنه كتب أغنية «من فتونك والدلال» لفنان العرب في خمس دقائق فقط، عندما طلب منه المنتج أغنية وغناها محمد عبده وأصدرها في أسطوانة، في الستينات. وكان يحمل محبة خاصة لمحمد عبده، توازيها محبته للراحل طلال مداح الذي كتب له «كأنك مانت عارفني، كيف أنساك، تعداني وما سلم»، وكان يردد دائماً أن محبة العملاقين الكبيرين واحدة في قلبه، رغم ما كان يتردد عن معزة خاصة لفنان العرب. غنى خفاجي للدانة والصخبة والخماري والطنبور وعرفته دروب مكة وشوارعها، في أحياء (سوق الليل) والشبيكة والنقا والشامية، وكان يردد دوماً أن لا خوف على التراث، لأنه متجدد يتسم بالأصالة. أبدع أوبريت عرائس المملكة في الجنادرية عام 1995، وما زال من أروع ما كتب في تاريخ الجنادرية. كرمته الحكومة السعودية على أعلى المستويات، كما كرمته جامعة الدول العربية ضمن رواد العالم العربي. إبراهيم خفاجي أغنية فرح تستعصي على البكاء والألم رغم معاناة الفراق، وخلود متمثل في الكلمات، عملاق لا تطوى صفحته، لا يطاله النسيان، في وداعه نتساءل «متى ترجع توافيني، وتعانقك عيني ويرتاح السفر»، ولكننا نعرف أنه لن يرجع، وعزاؤنا أن كلماته باقية معنا «ما أوحشك زهر البساتين». إبراهيم خفاجي .. الله يمسيك بالخير، ما ودعت عيني البكا من يوم فرقاك.