الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

زايد .. تباريح في حب المؤسس الباني

ليس لمثلي أن يحكم على الإبداع الشعري الذي يتحلى به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فهو الغني عن التعريف وهو فارس الكلمة والخيل، ونحن إلا تلاميذ في مدرسته الأدبية ننهل منها ما نستطيع، فهو إلى جانب الإبداع والرسم المحترف بالكلمات الضاربة في الأصالة والتراث والأدب، فإنها تحمل بين طياتها القيم الجمالية التي تأسر الألباب وتفرح الفؤاد وتطرب الروح بالألفاظ الجزلة برنين الوزن الشعري على أي بحر كتب، وهو يرسم بكل قصيدة يكتبها لوحة فنية تأخذ متذوقها إلى آفاق رحبة متعددة يراها كل قارئ حسب ما يختلج في نفسه من مشاعر جياشة تؤججها تلك القصيدة، وليس غريباً أنك عندما تعيد قراءتها من جديد تأخذك إلى منحى آخر أكثر جمالية وألقاً دون أن تكون الصورة الأولى مغايرة عما هو الحال، وهو قلما يجتمع في شاعر يوحد بين جمال الكلمة وعراقتها وعمق معانيها في حبكة أدبية توشيها موسيقى تطرب الروح وتشجيها. ومن المعروف عن فارس الكلمة والخيل، عنايته الكبيرة إضافة إلى الجماليات اللفظية، بالبلاغة الأدبية وشمولية المعنى الجزل مع استخدام الكلمات ذات الجرس الموسيقى الشجي في تطويع بارع للكلمات والأوزان والبحور، فالحذاقة التي يبديها في كل مقطوعة وقصيدة يكتبها ليس اختيار الغريب من الألفاظ والحشو، ولكنها الكلمات التي تثير الشجن وتبدي عبقرية الكاتب الذي تعلم أنه لم يصنع تلك القصيدة ولكنه يقرأ عليك أحاسيس روحه بكل بساطة، مما يترك لتلك القصائد المساحة التي تتبوأها في النفوس لتعيش طويلاً فيها. ومن المبهر أن يكون الشعر عاكساً لما للشاعر من خبرة حياتية وأدبية واحتكاك كبير جعله قادراً على أن يصوغ الكلمات المصقولة بالتجربة وبحنكة المعرفة التي تشربها في مجالس الأدب والشعراء والحكماء، وهو ما يتميز به فارس الكلمة والخيل، فمنذ نعومة أظفاره وهو في مجالس الأدب والشعر والحكمة التي اختبرها عن قرب، وبالعناية التي أحاطه بها والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، ثم التحاقه بمدرسة المؤسس القائد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي نهل منه الكثير من المعارف والآداب والتشجيع والنقد الأدبي والشعري، فكان خير تلميذ لأفضل أستاذ، فكان يشرب من معين منبع الأدب والشعر، فكان للشيخ الجليل أبلغ الأثر في نفس الشاعر الفذ، وفي ذلك يقول: أبوية راشد لذي بالدين وصاني وابويه زايد ذي فضله مغطيني وزايد وداده بنى في القلب بنياني وزايد قصيدي وابياتي وتلحيني وزايد أبوية الذي ما ارضى معه ثاني وزايد عيوني وشوفي لي يدليني وزايد اخويه وصديقي وكل خلاني وزايد عضيدي وعزمي ومن يجديني لو توزن الخلق مع زايد بميزاني زايد على الناس راجح بالموازيني وليس غريباً أن من يسعفه الحظ برؤية الشيخ زايد بن سلطان أن يحبه لما تميز به، يرحمه الله، من دماثة وأدب ومحبه واحترام تجبرك أن تقع أسير فضله، فكيف وأنت تلميذه الخاص وابنه ورفيقه وصديقه، وهو ما حاول الشاعر أن يشرحه بكل بيت في كل قصائده التي تحدث فيها عنه، ويعلم القارئ بأن الشاعر مهما وصف فلا يزال هناك الكثير في جعبته ونفسه يود أن يقوله في وصف المعلم الراحل الذي أحب شمائله حتى المغرضين: ضحيت بالعمر إلنا تصرفه تصريف لو شفت طول التعب ضرك ولو سمك حتى الحسود الذي متعود التزييف مدحك لأن ما لقى بك شي ايذمك عظيم في الناس مثلك سيدي ما شيف في طيب نفسك وفي صبرك وفي عزمك مكانة زايد لا يتكلف الشاعر في وصف محبته للقائد الراحل، فهذا الكتاب الذي يضم في طياته قصائد بعمر القائد لهو تعبير عما يكنه الشاعر لمعلمه ووالده وصديقه، وهو يقر له بفضل العلم والتأديب والرعاية التي أحاطه بها طوال السنين التي قضاها في كنفه وفي مدرسته، فأصبح كوالده فهما بالنسبة له واحد وأقر لهما بالفضل، حيث يقول: خذت من زايد ومن راشد سطور لا المدارس لا الكتب عنها تخبر فكان أن حظي القائد الباني باحترام وتقدير وتبجيل تلميذه النجيب الذي ترسم خطاه ونهل من نهره العذب وتربى على يديه، فقد أسره بصفاته الفريدة التي امتاز بها عمن سواه واستحق أن يكون القدوة للرجال والشباب، على حد سواء، فتمتعه بكل أخلاق الفرسان والصفات الإسلامية البدوية العربية بكامل تفاصيلها، جعلته النبراس الذي ترنو إليه العيون، فمهما تلون الدهر فهو كما هو على سجيته: يتلون الدهر بأشكال وألوان وتتبدل الناس كجلود الثعابيني وزايد مثل ما عرفته شهم ما لأني معدنه صافي الذهب ما فيه تلويني بالصدق والخير والمعروف من كاني والصدق والخير والمعروف هالحيني إن هذا القائد الفذ قد تمكن بفعل مكارم الأخلاق التي كان يتمتع بها من حفر ليس اسمه فقط في قلوب من عاصره، بل الحب في وجدان كل من علم به، فكان مدرسة للإلهام وتأصيل القيم العربية الأصيلة التي جعلته فائق التأثير في من حوله فساروا في فلكه متأثرين بفكره ومتنعمين برعايته واهتمامه بكل تفاصيل حياتهم الصغيرة قبل الكبيرة، والتي جعلت منه أباً للجميع وملاذاً للكل، ومنبعاً للحكمة التي اكتسبها بفعل الخبرة الطويلة والنفس الصافية التي لم تعرف الحقد والكره، فبذل الحب للجميع فسكن قلوب جميع الناس، وكان الشاعر ولا يزال يستشعر المكانة العلية التي احتلها الشيخ زايد من نفسه ومشاعره حتى بعد رحيله، فهو يراه أينما يكون ويزوره في مناماته فيقول وصفاً لذلك: اتستظل باسم زايد كل ليلة وكل ليله في منامي له حضور من أغمض عيني اتتشب الفتيلة واشهده واشاهده ويشع نور من جبينه يشعل الظلما شعيله وهمس صوته لي به تطيب الصدور يا اسم زايد لو لزايد وسيله لو دقيقه بس وحده في الشعور ألمس إيدينه وفي عيني أشيله هو أبوية وخالي وشيخ والعصور وقال: زارني الطيف الذي ما يرحلي صاحي اشوفي وف احلام الرقاد طيف زايد لي بذكرة تكملي راحتى وإن عاد طيفه الخير عاد عايش في خاتطري متأصلي كنه الأنفاس من طول اعتياد من لقا زايد دقايق يذهلي كيف من قضى معه عمر بحياد له بوجداني محل ومنزل فوق ظن الناس قدره والوداد ويعبر الشاعر بكل اقتدار عن المكانة الحقيقية التي يتربع عليها الشيخ زايد بن سلطان في نفسه، ويصور ذلك بأبهى صور الحب الخالص من الولد لوالده وتثميناً لكل ما تعلمه منه طوال فترة الترافق في هذه الحياة، وإقراراً بأن تلك التعليمات والعلوم والمهارات الحياتية التي تعلمها منه، جعلته أسيراً في معروفه، فيصور كل تلك المشاعر الفياضة الصادقة التي تجيش في نفسه بأرق حله، فإن غاب الجسد فلا يزال باقياً في القلب والروح: ضميت طيفك وكنت أنته محل الطيف محلا أني أضم الطيف واضمك لو كان بيني وبينك مثل حد السيف باحط عنقي ع حد السيف واشمك يا بوي يا ضيف ع الرحمن وأغلى ضيف أشوف زولك ولكن ما أقدر ألمك سموك زايد وكان اسمك قصيد وكيف واكرمت شعبك واهديت الوطن دمك ويوم البحر قال انه يشبهك يا حيف له قلت اسكت تأدب واحترم عمك إن المكانة التي يحتلها الشيخ زايد في نفس الشاعر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لهي مكانة علية يصورها شعراً وأيما تصوير، ويشرحها بما يتوافق مع أحاسيسه الصادقة تجاه القائد الراحل، وهو ما يجعل من قصائده السهلة الممتنعة الممتعة، ذات رنين موسيقي وأدبي يحظى باحترام المتذوق للكلمة الصادقة، فكل كلماته ما هي إلا تأبين للراحل الكبير، وتأكيد على البقاء على العهد الذي علمه عنه، وتأكيد على عدم نسيان ما تعلمه منه وحفظه، فهو يعيش في كيانه في كل وقت وفي كل زمان، ويستلهم منه خطوات الآتي من الزمان: وزايد الحكمة ومجدي والأمان وزايد العليا ومن فوق الظنون يرسم المنهج بحكمة وإتزان ونقتدي به ونتبعه وخلفه نكون وبالرغم من الغياب فإن الشاعر لا يزال يستحضر وجود القائد الراحل، ويستذكر كل ما تعلمه منه، فهو لا يغيب عنه ولكنه مؤمن بقضاء الله تعالي وقدره، فليس من سبيل إلا الانقياد لأقدار الله، ولكن الشاعر لا يستطيع إلا أن يعيش كل تلك الذكريات الجميلة مع الحبيب القائد ويتخيل وجوده في كل أوقاته: ما أمل أسمك ولا ذكرك يملي استعيده كل حين وكل ساعة وما أصدق وانت ظلك كان ظلي كيف غاب واحسب غيابك إشاعة زايد واسمك على العزة يدلي والمكارم والشهامة والشجاعة ليت أشوفك ليت لو لحظة تحلي يا ملاك وللسما دوم ارتفاعه لك أنا كلي ولشوفك مستخلي ولك بقلبي ألف سمع وألف طاعة أدعي لك كل ما أوقف أصلي تنزل الفردوس وتنال الشفاعة وقال: أكبر فخر للناس أنك من الناس وأكبر فخر للأرش ممشاك فيها بي من غلاك إحساس ما يحده إقياس أغلى من الدنيا ومن هو عليها إسمك مع الأنفاس به نرفع الراس نفس بكل نفوسنا نفتديها تعاليم زايد إن غاب الجسد وعز اللقاء، إلا أن الغياب لن يتمكن من مسح حب القائد من النفوس، ولن يمحي تعليماته ولن تخبو جذوة العمل الصادق الذي أفنى حياته من أجله، ولن يكون الحلم خاصاً به، فقد أصبح الجميع مكلفاً بتحقيقه والسهر على رعايته والانتقال به إلى مراحل جديده من التطور، القائد المؤسس كان قلباً كبيراً حانياً ليس على عائلته والمقربين فحسب، ولكنه قلب استشعر هموم أمته ووقف معها بكل صدق وأمانه دون تردد أو خوف من العواقب، فهو رجل المبادئ والمواقف، فكانت يده تعم البلاد والعباد بالخير دونما تمييز ودونما منّ أو أذى، فكان حقاً أن يطلق عليه فارس الكلمة والخيل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصف (السحابة): يا سحابة قدرها فوق السحاب لا يصيبك باس يا بحر الندى تحت غيثك كل أنواع الشراب الحيا لأهلك وموت لمن عدى عذبه الجارك وللعادي عذاب كم سقيتي المعتدي طعم الردى يا يد فيها الشجاعة ما تهاب كل غالي لاجلها يعله فدى تحملين الضر عنا والصعاب وتدفعين الضيم لين آخر مدى كم مسحتي دمعة تشكي مصاب وكم رحمتى من له الضر اهتدى وعندما يحين الفراق ويحل القضاء، فليس للإنسان إلا التسليم والرضى بما كتب الله، وقد يكون هذا القضاء هو راحة للجسد المنهك في خدمة البلاد والعباد والراحة الأزلية التي سينعم بها برحمة الله كما كان رحيماً بعباده في أرضه، وهنا تزلزل الكلمات الصادقة المحبة للراحل، الوجدان لما تحمله من تعابير بحجم المصاب الجلل، وتشرح الشعور الذي يختلج في نفس الشاعر، فتأتي باكية حزينة وإن كانت تعزي نفسها كمداً على فراق الحبيب: أي خطب حطم الأرض وما هذه الضجة بين الشهب هل مضى عنها الذي تحرسه أم تراها نكبت بالعطب أين منها زايد الخير الذي كان نجما في علو الرتب عربي كان في طلعته خلق الفارس عند الطلب لم يكن زايد فينا واحدا بل هو الأمة حين النوب نم قرير العين بعد التعب يا أبي ألأكبر من بعد أبي أنت ما كنت لشعبي قائدا بل زعيما لجميع العرب صانع المجد وربان العلا وفتى الخير وزاكي النسب ثبت الأرض لنا من بعده جبل المجد فلم تنقلب لقد وصى زايد أبناءه وشعبه بالوطن وبالعمل الصادق الذي سيخلد ذكر من يقوم به، لهذا فإن الشاعر يعلنها أنه حافظ للعهد، مقيم على الدرب الذي عبّده زايد بجهود سني عمره كلها ليصبح الوطن على ما هو عليه اليوم، بل إن الوطن سيسير بكل ثقة نحو المستقبل الذي تخيله زايد في مراحل البناء، وسيكون أبناؤه متلاحمين متفاهمين كتفاً بكتف للدفاع عن حياض الوطن ومكتسباته، فالأمانة في يد أمينة، يد خليفته صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهنا يقول له الشاعر: وعلى نهجة خليفة سار كمل سلكه المحمود وخلى دولته جنه بمعروفة واحسانه وخليفة سيد التدبير والتفكير والمقصود على شعبه وعلى أرضه عيونه دوم سهرانه يحب العدل والإنصاف سيفه ع العدى مجرود وكل الناس في أمره تكون وطوع لبنانه وقال: يا وطنا عشت في عز وشرف يا وطنا ما يصيبك أي خوف العلم في ديرتك بالخير رف حولك جنودك وانصارك صفوف وشعبك الغالي حياته في ترف ما اشتكى شعبك من أمحان وظروف أبشر أنا لك أبد ما نختلف وإننا لاجلك وفي أمرك وقوف بيت متوحد ولايوم ضعف وقلب واحد ما تغيره الظروف أسسك زايد وخلف لك خلف الرجال اللي مثل حز السيوف ويؤكد الشاعر أن الأمانة التي حملها المؤسس الباني لشعبه والقيادة، هي أمانة في الأعناق وستستمر قافلة التنمية والتطور والبناء إلى آفاق أوسع وأرحب يحظى الشعب فيها بالرفاهية والسعادة كما أملها لهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حياته، وهو مع إخوانه وأعوانه سيبذلون الغالي والنفيس من أجل الوطن: على شان الوطن بورود نورد حوضه المورود بحشد احشود سود كبود نحمي ساس بنيانه وتى الراية على الغاية رضايف حبلها مشدود ترفرف في سما العتيا بحفظ الرب سبحانه رفعها لاجلنا زايد أبونا الفارس المعدود وروحة بيننا حية ولو هو غاب جثمانه ومن ودر قديمه تاه في بحر بغير بلود ومن هو عاش في الماضي تجمد وانتهى شانه من الماضي خذ العبرة وحكمة سالفين جدود وعيش الوقت في وقته بقانونه وميزانه وكل عصر وله لبسه وله إنسانه المولود ولي ما يجدد أفكاره تغرب داخل أوطانه ومضخور الليالي البيض ينفع في الليالي السود حساب اللي وراه حساب محسوب فحسبانه إن الإبحار في هذا المجلد المليء بالحب الخالص الصادق من الشاعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لوالده وقائده الراحل، ليملأ النفس فخراً واعتزازاً بهذا الغرس الذي جاد به المغفور له على وطنه ليصنع هذه النوعية من الرجال التي وإن كان الافتخار يحق لها إلا أنها تعيد الفضل لأهله وتستشعر الحب الكبير الذي أحاطه بها المؤسس الباني والذي زرع فيهم الأخوة والمحبة لما سيكون تأثير ذلك في مستقبل الأمة والوطن، فكان أن ألف الله بالنيات الصادقة، القلوب الطاهرة الملتقية في حب الله والوطن والرئيس، فأصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة رئيس الدولة ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي وحكام الإمارات وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، تعيش عصرها الذهبي والذي قال فيه فارس الكلمة والخيل: وهذي الدار محروسة بجيش مدرب ومعدود يقوده الشهم بو خالد وجند تضد عدوانه محمد لي عليه الراي إن حق اللقا معقود ولي العند كل الجند في أمره بميدانه أخويه ونعم بمحمد هيام الناهيات الخود لامثاله وبأمثاله تعيش الدار بطرانه. [email protected]