الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

"اكسبو".. تاريخ يروي قصة صناعة القوة الناعمة للدول الكبرى

"اكسبو".. تاريخ يروي قصة صناعة القوة الناعمة للدول الكبرى

حت دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون أول دولة عربية وشرق أوسطية في إبهار العالم من خلال إكسبو دبي 2020 - وام

لم يكن هدف بريطانيا من معرض إكسبو الأول في لندن عام 1851 عرض أحدث ما وصلت إليه الثورة الصناعية فقط، فرغم أن المعرض حقق عائدات مادية فلكية بمقياس ذاك الوقت بلغت 183 ألف جنية استرليني، وزيارة 6 ملايين زائر شكلوا ثلث الشعب البريطاني آنذاك، إلا أن الدولة العظمى في ذلك الزمان كان لها هدف آخر هو إطلاع وإبهار شعوب العالم بالعمارة البريطانية، ولذلك أقامت الحكومة البريطانية على يد المهندس المعماري العبقري جوزيف باكستون، قصر الكريستال، خصيصاً ليكون مقراً لأول إكسبو في التاريخ، وهو القصر الذي تغنى به الشعراء والكتاب والروائيون بعد ذلك، وتم استنساخه في دول أخرى منها أستراليا.

وبعد مرور نحو 170 عاماً على إكسبو لندن نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون أول دولة عربية وشرق أوسطية في إبهار العالم من خلال إكسبو دبي 2020، ليس فقط من خلال مشاركة 192 دولة، وتوقعات بزيارة 25 مليون زائر، وعائدات تتجاوز 33 مليار دولار، وفق شبكة بي بي سي، لكن أيضاً من خلال رسم صورة ذهنية ونمطية جديدة عن الإمارات والعرب، فنجاح الإمارات في افتتاح أكبر حدث بعد جائحة كورونا شكل نموذجاً في تحدي كل المستحيلات، وخلقَ مشهداً إماراتياً لم يعرفه العالم إلا في الدول العظمى والكبرى فقط.

تاريخ إكسبو يقول إنه يحط رحاله فقط في الدول صاحبة الإنجاز والقادرة على العطاء، ومن يقرأ التفاصيل يتأكد له أن الإمارات جسدت الفلسفة التي يقوم عليها إكسبو، وهي دعوة لشراكة حضارية إنسانية تسمو فوق كل الخلافات والاختلافات، فإذا كان معرض إكسبو الثالث الذي استضافته باريس عام 1867 شهد أول حضور لأجنحة الدول الأخرى، فإن إكسبو دبي 2020 يقام على أرض الإمارات التي تستضيف أكثر من 200 جنسية من كل اللغات والأديان والثقافات وتقف على مسافة واحدة من الجميع دون تفرقة على أساس اللون أو الجنس أو الدين، فكيف جسدت معارض إكسبو منذ «إكسبو الأول» عام 1851 حتى إكسبو دبي 2020 القيم الثقافية والحضارية، والخصائص الخاصة التي تميز كل مدينة وشعب يستضيف إكسبو؟ وكيف يمكن البناء على تلك «الرافعة الناعمة» لتعزيز التواصل والتعاون والتشارك بين شعوب العالم؟

قوة الأمل

القاسم المشترك في جميع معارض إكسبو على مدار نحو 170 عاماً أنها ترفع معنى واحداً وهو «اسمعوا منا بعد ما سمعتم عنا»، فعندما يزور معرض إكسبو دبي 2020، ما يقرب من 25 مليون زائر، فإن هؤلاء سوف ينقلون صورة عن الإمارات الجديدة، و«الإمارات المبدعة» التي استطاعت أن تكون في غضون 5 عقود قبلة للإنسانية، وقلعة للإبداع والابتكار، فكل إماراتي يحكي قصة إنسانية عمادها النجاح والإصرار على الإنجاز وقهر المستحيل، وسوف ينقل كل من يزور إكسبو دبي 2020، لكل من يعرفهم أن مصدر الدخل الأول في الإمارات هو «قوة الأمل» التي يتمتع بها شعبها، فالإمارات أصبحت نموذجاً عالمياً في «تصنيع الأمل» وبناء المستقبل.

أكثر من المال والتكنولوجيا

إذا كان إكسبو لندن 1851، روج وسوق للعمارة البريطانية، وإكسبو دبي 2020، رسم صورة نمطية جديدة للإمارات والعرب، فإن ما بينهما من معارض إكسبو قدمت للبشرية أكثر بكثير من التكنولوجيا والاختراعات والمكاسب المادية، وهي أن معارض إكسبو حفرت مكاناً ومكانة لكل شعب ومدينة في ذاكرة البشرية، فالعالم يتذكر أول بث حي مباشر للتلفزيون في معرض إكسبو نيويورك 1939، وهو ما رسخ صورة نيويورك كمدينة رائدة في صناعة الإعلام طوال ما يقرب من قرن مضى، وعندما ترى برج إيفل تعرف أنك في باريس وهو العنوان الشامخ لـ«إكسبو باريس 1889»، وحتى اليوم ما زال برج إيفل عنواناً لشموخ وعظمة الثقافة الفرنسية، ولا تنسى البشرية ألكسندر جراهام بيل، الذي عرض أول هاتف في العالم في عام 1876 في إكسبو فيلادلفيا الذي رسخ مكانة هذه المدينة في ذاكرة الشعوب، من خلال هذا الإنجاز الحضاري، كما حفر إكسبو سياتل 1962 كمرادف للحضارة التي تقوم على المباني العملاقة والشاهقة منذ عرض إكسبو سياتل عام 1962 برج «إبرة الفضاء»، وهو المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 185 متراً، ويضم مطعما على قمته، ولا يزال يزين أفق المدينة حتى اليوم، كما ارتبطت الصورة الذهنية عن عبقرية اليابان في التكنولوجيا منذ أن عرض «إكسبو أوساكا 1970» أول مكالمة من تليفون متحرك، والمؤكد أن الجميع كباراً وصغاراً يشعرون بامتنان لـ«إكسبو سانت لويس 1904»، لأنهم تعرفوا من خلاله لأول مرة على الآيس كريم. وذلك وفق ما جاء في موقع «إكسبو دبي 2020».