الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

«قرارات عديدة وغياب التنفيذ».. حصاد 25 مؤتمراً دولياً للأمم المتحدة بشأن المناخ

«قرارات عديدة وغياب التنفيذ».. حصاد 25 مؤتمراً دولياً للأمم المتحدة بشأن المناخ

EPA.

عقدت الأمم المتحدة 25 مؤتمراً دولياً، تحت مسمى مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وينعقد مؤتمر جلاسكو ليكون الدورة رقم 26، وذلك عقب توقيع 154 دولة على الاتفاقية المبدئية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ عام 1992، ومنذ عام 1995، تجتمع دول العالم، سنوياً لبحث التغير المناخي، ووفق خبراء في مجال المناخ والبيئة، فإن تلك المؤتمرات وما انبثق عنها من قرارات لم يكن ملزمة للدول الصناعية الكبرى في تولي مسؤوليتها في مكافحة التغير المناخي، وتقديم التمويل للدول النامية لمواجهته، ومحاولة التكيف مع المناخ.

غياب آلية العقاب

يقول خبير تغير المناخ والتنمية المستدامة، منسق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الأسبق لتغير المناخ، الدكتور صابر عثمان: «اتفاق باريس الذي اتخذ في الدورة 21 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ عام 2015، كان أبرز ما عقد من مؤتمرات سابقة للمناخ للأمم المتحدة، وحتى هذه اللحظة، لم تفِ الدول المتقدمة بالتزاماتها في ما يخص بتمويل الدول المتضررة من التغير المناخي، أو نقل التكنولوجيا التي تساهم في مواجهة تغير المناخ، وتقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتساعد في التكيف مع تغير المناخ للدول النامية».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً: «هناك بروتوكول كيوتو الذي وقع عام 1997 في مؤتمر الأطراف، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2005، وانسحبت منه أمريكا قبل دخول حيز التنفيذ، وهو من أبرز ما أبرم في المؤتمرات السابق، لكن الدول المتقدمة لم تفِ بالتزاماتها في تحقيق الأهداف الموضوعة خلاله، حيث كان من المفترض أن تخفض انبعاثاتها بنحو 5.2% مقارنة بانبعاثاتها عام 1990، وهي الدول المعروفة بدول المرفق الأول لاتفاقية تغير المناخ، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية (والتي خرجت من البروتوكول)، والاتحاد الأوروبي، واليابان، وكندا، ونيوزيلندا، وأستراليا».

وأوضح أنه «لا توجد آلية لعقاب الدول غير الملتزمة، وكان هناك فقط آلية للامتثال، لكنها كانت تحت المناقشة ولم تعتمد، كما أن خروج واشنطن من بروتوكول كيوتو أضعفه، كما لم تحقق الدول المتقدمة هذا الهدف خلال فترة الالتزام الأولى للبروتوكول من عام 2008 إلى 2012، ورفضت الدخول في فترة الالتزام الثانية من 2012 إلى 2020».

عدم التزام الدول الصناعية

وتابع عثمان قائلاً: «الدول المتقدمة خفضت انبعاثاتها بالفعل نسبياً من ثاني أكسيد الكربون، لكنها لم تصل للرقم المستهدف، وهو خفض الانبعاثات بنسبة 5.2%، حيث انسحبت كندا واليابان أولاً، وأكدتا عدم استطاعتهما استكمال البروتوكول ثم توالت الانسحابات، لكنها دخلت حيز التنفيذ مرة أخرى عام 2019، بعد استيفاء 142 دولة شروط التصديق، لكن هذا كان بعد انتهاء الفترة التي كان من المفترض أن تلتزم خلالها الدول المتقدمة بتخفيض الانبعاثات، ومن ثم لم يعد له معنى».

واستطرد قائلاً: «مؤتمر كوبنهاغن عام 2009، كان علامة من العلامات المهمة، وتمخض عن اتفاق كوبنهاغن والذي شمل قرارات خاصة بتمويل الدول المتضررة من التغير المناخي، وتمويل الدول المتقدمة للدول النامية المتضررة من تغير المناخ بـ100 مليار دولار حتى 2020، بجانب خفض الانبعاثات، وتعهدت الدول الصناعية الكبرى بتوفير التمويل، لكنها لم تقدم سوى تمويلات هزيلة».

أسباب عدم الالتزام

وأوضح منسق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الأسبق لتغير المناخ أن عدم الالتزام بالقرارات السابقة لمؤتمرات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة، يعود لعدة أسباب؛ أهمها أن أمريكا غير مؤمنة ومقتنعة بأهمية هذه القضية، بدليل انسحابها من بروتوكول كيوتو، وانسحابها من اتفاق باريس، خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم عودتها مرة أخرى بعد تولي الرئيس جو بايدن، إلا أن ذلك التقاعس الذي جاء من أكبر دولة في نسبة الانبعاثات، جعل دول أخرى تتقاعس.

وأردف قائلاً: «ثاني هذه الأسباب هو التنافس بين الدول المتقدمة والدول الناشئة، ما يجعلهم يلقون الأعباء على بعضهم البعض، دون تحمل المسؤولية عن تغير المناخ، ومن ضمن الأسباب أيضاً التنمية الاقتصادية ورغبة كل دولة في تحقيق تنمية اقتصادية والعيش برفاهية، دون الاهتمام بأن ذلك سيتسبب في إحداث خلل بمناخ الكرة الأرضية».

وأشار عثمان إلى أن الدول العربية تبذل مجهوداً في مكافحة التغير المناخي، وتطلق مبادرات عديدة، آخرها مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها المملكة العربية السعودية، لافتاً إلى أن جهود الدول العربية طبقاً للمعطيات، هائلة في مواجهة التغير المناخي.

أول اتفاقية ملزمة

أما الأمين العام لخبراء البيئة العرب، الدكتور مجدي علام، فيقول: «منذ عام 1992 والعالم يعقد سنوياً المؤتمر الدولي للمناخ، في البداية كان بروتوكول كيوتو، وكل عام كان يتم إضافة بند جديد، لكن الاتفاقية لم تعد دولية ومعترف بها من الأمم المتحدة، إلا في مؤتمر باريس، وهي اتفاقية باريس عام 2015، وأعلنت لأول مرة أنها أصبحت اتفاقية، وكل ما سبقها مجرد بروتوكول، غير ملزم مثل بروتوكول كيوتو».

وأضاف لـ«الرؤية» قائلاً: «حتى هذه اللحظة فإن هناك خلافات بين الدول الصناعية الكبرى، وبين الدول النامية، حيث ترى الأخيرة أنه على الدول المتقدمة أن تقوم بمسؤوليتها، بينما لا تقوم الدول المتقدمة إلا بالضئيل منها».

مسؤولية الدول المتقدمة

وتابع: «الدول المتقدمة هي المستفيدة، وهي التي تسببت في تغير المناخ، وعليها أن تمول الدول النامية لكي تتكيف مع المناخ، لكن الدول المتقدمة ترفض إعطاء منح لمكافحة تغير المناخ، وتريد أن تقدم أموالها في هيئة قروض، وهذا ما يجعل هناك خلافات حادة في مؤتمرات المناخ».

واستطرد قائلاً: «الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يحاول حث الدول الصناعية على تقديم التمويل، وكانت هناك محاولات لكي يكون هناك صندوق أخضر، وصندوق لمرفق البيئة العالمي، لكنها لم يتم تفعيل ذلك، وظل التمويل ضعيفاً للغاية حتى اللحظة، رغم أن أوروبا مسؤولة عن 40% من غازات الاحتباس الحراري، وأمريكا 25%، والصين 14%، ودول مجموعة العشرين مجتمعة مسؤولة عن أكثر من 80% من الانبعاثات، فيما لا تتجاوز الانبعاثات من الدول الأفريقية 3% فقط».