السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صناعة الغاز في جنوب الولايات المتحدة تقضم مساحات من المناطق الساحلية

صناعة الغاز في جنوب الولايات المتحدة تقضم مساحات من المناطق الساحلية

«يأخذون منّا حياتنا»، واقفاً أمام مدخل منزله في لويزيانا، يشير ترافيس داردار إلى محطة ضخمة لتصدير الغاز، موضحاً أن محطة أخرى قد تقام قربها قريباً، ما سيرغم صيّاد السمك على وقف نشاطه والرحيل.

يقول ترافيس إن هذا المشروع «أسوأ من إعصار» إذ إن السكان «يستطيعون إعادة إعمار» منازلهم بعد مرور العاصفة، معتبراً أنه ضحية جانبية لتطور صناعة الغاز في الولايات المتحدة في ظل أزمة الغاز الروسي التي جعلت منها أولوية.

وأضاف «إذا شيّدت (المحطة الثانية) عندها لن يعود من الممكن العودة إلى الوراء».

وتشهد هذه المناطق الساحلية الواقعة بين ولايتي تكساس ولويزيانا مؤخراً مشاريع متزايدة لإقامة محطات لتصدير الغاز الطبيعي المسال، وتقضم هذه المباني الضخمة المشيّدة على قواعد إسمنتية شيئاً فشيئاً المساحات الطبيعية، مثيرة استياء السكان الذين يعتبرونها ملوّثة للغاية.

ولن تبعد المحطة المزمع إنشاؤها قرب منزل ترافيس داردار وزوجته نيكول سوى بضع مئات الأمتار عنهما، ولن يعود أمامهما خيار سوى الرحيل على أمل أن يتمكنا من بيع أرضهما بسعر معقول.

وثمة مشروع آخر من المقرر تنفيذه في المكان الذي يقصدانه لصيد الروبيان والمحار، ما قد يرغم الزوجان على التخلي أيضاً عن نشاطهما في المنطقة.

وقال ترافيس بحسرة «لا ندري ماذا سنفعل بعد ذلك، كل ما نعرفه أنه لا يمكننا العيش هنا».

أوكرانيا

تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مارس بعد بضعة أسابيع من بدء الحرب في أوكرانيا، بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال لأوروبا لمساعدتها على الحد من اعتمادها على الغاز الروسي.

وبحسب أرقام مركز الغاز الطبيعي المسال الذي يضم جميع شركات هذا القطاع، تم تصدير 44,6 مليار متر مكعب منذ بداية العام 2022 مقابل 26 مليار متر مكعب في 2020.

وتضم المنطقة وحدها 5 من محطات التصدير الأمريكية السبعة الناشطة، و22 من المشاريع الـ24 المطروحة للسلطات.

ويشدد تشارلي ريدل المدير التنفيذي لمركز الغاز الطبيعي المسال على أن هذا النشاط يُكسب المنطقة «وظائف كثيرة».

وأوضح أنه ما دام أن مشاريع إقامة المحطات تراعي المعايير البيئية، يتحتم على الحكومة «الموافقة عليها بدون إبطاء».

ضجيج ونور وتلوث

لكنّ جون آلير، أحد سكان المنطقة يؤكد أن هذه المشاريع تعني «التضحية» بسواحل لويزيانا وتكساس.

ويقول جالساً في مركبه وهو يشير إلى المحطة الجديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال على مقربة من منزله «لديكم الضجيج والنور وتلوث الهواء وعشرات الهكتارات من المستنقعات المصبوبة بالإسمنت».

ويراقب جون ألير الأمواج التي تثيرها ناقلات الميثان الضخمة والتي تؤدي إلى تآكل الساحل، والوحل الناتج عن عمليات التجريف التي تترسب على الشواطئ.

ويخشى تداعيات كل ذلك على الحياة البرية، لا سيما أن المشروع المقرر في الأرض المحاذية لأملاكه يقع في مستنقع يؤوي نوعاً من الطيور المهددة بالانقراض.

تقول كيلسي كراين المكلفة في السياسات العامة بجمعية إيرثووركس «من المشين أن نرى هذه الإدارة (إدارة جو بايدن)... التي كانت تقول إن ثمة وضعاً طارئاً على صعيد المناخ، توافق على هذا النوع من المنشآت».

شقوق

في الجانب المقابل من نهر سابين في ولاية تكساس، تنتصب عدة منشآت بتروكيميائية في مدينة بورت أرثر.

قرب محطة «شينيير إينرجي» التي دفعت العام الماضي غرامة قاربت 1,5 مليون دولار بسبب شقوق في خزاناتها، يقود الناشط جون بيرد «جولة سامّة» على المنطقة برفقة جمعيات مدافعة عن البيئة.

وفي يونيو، تسبب انفجار في موقع إلى الجنوب بإغلاق محطة فريبورت للغاز الطبيعي المسال بصورة مؤقتة، مذكراً السكان بالمخاطر المحدقة بالمنطقة المحيطة بها.

غير أن جون بيرد الذي يترأس شبكة بورت آرثر للعمل المجتمعي يندد كذلك بالتأثيرات طويلة الأمد على صحة السكان المنحدرين بمعظمهم من أقليات.

وغالبية سكان بورت آرثر من السود والمنحدرين من أمريكا اللاتينية، ويعيش ربعهم دون عتبة الفقر، وفق مكتب التعداد السكاني الأمريكي.

وتسجل المنطقة معدل وفيات بسبب السرطان أعلى بـ25% من باقي الولاية، بحسب سجل تكساس للسرطان.

ويستبعد جون بيرد أن يكون الصناعيون اختاروا المنطقة من باب الصدفة، ويقول «إنهم يتوجهون إلى حيث يواجهون أقل قدر من المقاومة، مناطق الفقراء، أولئك الذين لا وصول لهم إلى محامين ولا يحظون بالتعليم أو المعرفة».