الاحد - 16 مارس 2025
الاحد - 16 مارس 2025

ميزان القوى في الشرق الأوسط .. تحولات جذرية

المتغيرات الإقليمية في المنطقة العربية تحديداً والشرق الأوسط عموماً أسهمت في إعادة تشكيل مفهوم ميزان القوى الإقليمية، ولا سيما مع بداية الثورات العربية، حيث غيّر مفهوم الثورات الكثير من المكانة السياسية والنفوذ الذي كانت تحظى به دول عدة تعرضت لتحولات إجبارية إما بالثورة أو بتغيير مواقفها السياسية لمصلحة تحولات إقليمية مقبلة. التهديدات القائمة في المنطقة لعبت دوراً بارزاً في خلط الأوراق فيما يخص ميزان القوى، وهذا ينبئ عن ولادة خريطة جديدة في المنطقة ترسم بدقة توزيع الأدوار من جديد، لأنه لا بد من تخفيف كمية التهديدات التي تعاني منها المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، فالصراعات الداخلية القائمة في دول عربية مثل سوريا واليمن وليبيا مؤهلة أيضاً للتدوير في مواقع أخرى في حالة التباطؤ في تحديد النسخة النهائية للقوى في المنطقة. مواجهة المشكلات الكبرى كالقضاء على الإرهاب والقضاء على هشاشة الأنظمة في كثير من الدول العربية التي تعاني من حروب أهلية، وفهم منطلقات النظام العالمي الجديد للمنطقة، وتخفيف التوتر في منطقة المقدمة بين القوى الفاعلة في المنطقة، كل هذه المعطيات تتطلب مواجهة فعلية لفهم الصورة الواقعية للمنطقة وقواها المؤثرة. أزمة السنوات الثماني الماضية أسهمت في الانفرادية في ميزان القوى في المنطقة، ما دفع بإيران إلى التعجيل في استكمال مشروعها الطائفي، وقد كان التسارع الإيراني يسابق الزمن في سوريا والعراق واليمن، وأصبحت الآثار السلبية لهذا التصعيد الإيراني يمكن الإحساس بها، الاستراتيجية الإيرانية التي كانت تحاول استغلال مرحلة ما بعد عام 2011، هي من قطع الطريق على كل محاولات التقارب في المنطقة، ولا سيما بعد الاتفاق الأمريكي الذي وقع في عهد أوباما. إن انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من الاتفاقية هومحاولة جادة لوقف التوغل الإيراني في المنطقة، وهذا ما سوف يعيد تراتبية ميزان القوى في المنطقة ليس لمصلحة دولة بعينها، ولكن لمصلحة تحالفات نشهد نشأتها بشكل تدريجي، ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لم يعد قادراً على تحمل عنق زجاجة لا يمر من خلاله سوى دولة أو دولتين، المنطقة تتهيأ لميزان قوى تلعب فيه التحالفات الإقليمية بين الدول الفاعلة دوراً كبيراً، فزمن الانفرادية في ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط يتغير إلى مفهوم تشاركي وخيارات تعاون ليس لها بديل لكي تستمر المنطقة في المحافظة على وجودها. [email protected]