2018-05-27
يقول صديقي ستيف جوبز إن البساطة هي منتهى التطور. ولقد تناولت موضوع البساطة والتبسيط في مناسبات كثيرة، لكنه موضوع يتجدد مع كل تجربة حياتية نمر بها. وهناك الكثير من المشاكل والمعضلات التي بقيت عصية على الحل فترة طويلة؛ ثم كان العلاج هو العودة إلى التفكير البدائي البسيط. وأيضاً فإن المشاكل المعقدة والمتداخلة؛ أفضل حل لها هو تفكيكها وإعادة تركيبها بشكل مختلف. وأحياناً يكمن الحل في توزيع أعباء المشكلة على أكثر من شخص أو جهة.
كل تلك التقنيات والآليات جمعت في مشروع واحد هو قصة شركة إيكيا التي تقدر قيمتها بأكثر من 40 مليار دولار. بدأ السويدي إنفغار كامبراد Ingvar Kamprad شركة IKEA للشراء عبر البريد، لكن في أحد الأيام لم يفلح في وضع منضدته في سيارته الصغيرة؛ فاقترح عليه أحد الأصدقاء أن يفك أرجلها، وعلى الفور خطرت لكامبراد فكرة الأثاث المجمع بشكل مسطح.
صحيح أن تفكيك الأثاث يمكن من حملها في السيارات الشخصية؛ لكن الأهم من ذلك هو أنه أدرك أن 50 في المئة من سعر بيع الأثاث يكمن في تكلفة نقله، لأن قطعة الأثاث تنقل مرتين أو ثلاث مرات حتى تصل إلى العميل. فإذا استطاع أن يختصر الحجم، ويقنع العميل بالنقل والتجميع النهائي؛ فسوف يكون بإمكانه تخفيض التكاليف إلى النصف. وبهذا حصلت الشركة على نقطة تميزها وسط الآلاف من شركات بيع الأثاث.
كما قلت لكم سابقاً؛ فالمؤسسات الناجحة تتخذ قراراتها وفقاً لقيم مؤسسية تساعدها على الرؤية الواضحة في غابة من العوامل والمؤثرات المتشابكة التي تسبب الرؤية الضبابية لمن يفتقد القيم والمبادئ.
في عام 1996 أرادت الشركة بيع كوب خزفي mug بخمس كرونات سويدية أي بدرهمين. ولأن تكلفة النقل تمثل جزءاً كبيراً من السعر؛ وجدت إيكيا طريقة لوضع 864 كوباً في صندوق واحد. لكن التكلفة ما زالت مرتفعة؛ لذا أعيد تصميم الكوب لنقل 1280 كوباً في صندوق واحد. ومن خلال محاولات إعادة التصميم أمكن وضع 2024 كوباً؛ لتنخفض تكلفة الشحن بنسبة 60 في المئة.
كذلك من صور البساطة التي اتبعتها الشركة هي التمركز خارج المدن الكبيرة، ما يمكنها من تأجير مساحات شاسعة بأسعار زهيدة، وحشد الكثير من المنتجات بطريقة عرض يطلق عليها «الطريق الطبيعية الطويلة». حيث يشعر المتسوق كما لو أنه في مدينة للملاهي عبر مختلف الأقسام والبضائع التي تتدرج بانسيابية وفق الحاجات الطبيعية لأغلب العملاء، ووفقاً لتعليمات واضحة وبارزة من دون الحاجة إلى الكثير من موظفي البيع.
كونوا بخير.
[email protected]