الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

فأجرك على ربّ النيّات والعطايا

تحدث للمسلمين كافة في كل شهور السنة، انتقالة روحية، تضطرب فيها نفوسهم؛ فتظهر عليهم ملامح اللين ومعدنه الأصيل، أخلاقٌ تشكل إنسانيتهم طيلة عمرهم، وتُشْبعهم بأنماط التعايش مع الآخر، وتصْطبغ بألوان العطاء والرحمة، ويتداخل فيها الإحساس بمشاعر المحرومين؛ ولكن في هذا الشهر الفضيل الأمر مختلف؛ فالخيرات تنحدر من سواعدهم، قبل حلول رمضان، ومن أجل رمضان. نحن أبناء الإمارات ترسم فرشاة العطف والشفقة تفاصيل وجوهنا عند رؤية الآخرين مبتئسين، ولا أدَّعي المبالغة في الأمر؛ لأنني من أهلها؛ ولكن طُبعنا على ذلك، ولا نتخيل أحداً لا يرغد متنعماً في هذا الوقت من الزمن، التي باتت الخيرات تنهمر كالهتان، لسنا منقطعين عن العالمين، ولكن من يعش في كنف دولة اختارت تنعيم شعبها، ورفع مقدراتهم، لترتقي بهم، ليعيش أبناء هذا الوطن في سهولة الحياة، ويرون كم هي الإمارات جميلة، فلا يتصور أبناؤنا إلا الجمال والرخاء، ولا يتخيلون كم من المحتاجين خلف أسوار هذا العالم الرهيب، إلا بالبحث. كل تلك الأمور عندما تنكشف لأبنائنا، تأبى أنفسهم خوفاً من الله تعالى، ورحمة بما سمعوه عن فقير أو مغترب، أو ما رأوه من ضيق حاجة في طعام أو لباس أو ديون؛ أن يقفوا موقفاً سلبياً تجاههم، ولا يرضوا إلا إن تكون لهم الأيادي البيضاء؛ فتمسح على رؤوس الأيتام، وتأخذ بيد المحتاجين؛ لتستريح نفوسهم ويشعرون بالرضا في معايشة الآخرين في مشاعرهم. ولا أدرك مدى كياسة أهل الإمارات، نحو من يستغلهم في فطرتهم تلك لعمل الخير؛ فالتمييز بين الصادقين المحتاجين ومن يدّعون الحاجة، هو أمر ضروري، وبرغم صعوبة التمييز؛ فخروج الصدقات من أهلها بنية حسنة، تكسب الأجر للمتصدِق، سواء كان المحتاج فقيراً أم كان يمثل الحاجة؛ فذنبه على الله تعالى ربّ النيّات والعطايا. [email protected]