2018-05-30
«لم تكن لدينا رؤية واسعة إلى حد كافٍ لمسؤليتنا» .. هذا ما قاله مارك زوكربرغ أمام البرلمان الأوروبي وهو يعتذر عن تسرب بيانات 78 مليون مستخدم لأكبر موقع تواصل اجتماعي في العالم «فيسبوك» لأغراض كثيرة لا يقل أهمية عنها غرض اقتطاع حصة الأسد من سوق تنمو قبل أن يرتد طرف القارئ إليه في هذه اللحظات، إذ إنها، أي السوق الرقمية، تتغذى حد التخمة بفضل البيانات الضخمة جداً جداً، والتي نضخها نحن المستخدمين وتقدر بخمسة تريليون غيغا بايت كل يومين بما سيصل إلى 44 زيتابايت بحلول 2020.
هذه الثروة الرقمية الجديدة هي ما تتسابق الدول الكبرى على استثمارها بما يخدم توجهاتها الاقتصادية الجديدة، ويعزز تنافسية كبيرة باتت تزاحم فيه الشركات العملاقة، أو لنقل تحاول إيجاد حل وسط خصوصاً بعد الفضائح الكبيرة التي هزت الصالح العام وآخرها فضيحة الفيسبوك.
وبين الابتكار والاحتكار تقف حكومات العالم موقفاً تثار حوله تساؤلات كبرى آخرها موقف الرئيس الفرنسي ماكرون الذي قرر مصافحة زوكربرغ، فيما يشبه محاولة جادة لتنظيم العلاقات والرهان على قيمة الابتكار مقابل محاولة فك الاحتكار غير المشروع على البيانات الضخمة وإدارة أزمات اختراق الخصوصية وتدفق الأخبار المزيفة عبر المنصات الرقمية.
رهان بعيد المدى مع ما يصاحبه من تحديات أولها كسب ولاء المستخدم وثقة الحكومات نفسها، هذا الرهان هو ما يجب أن يفكر به العالم ضمن هذا التنافس المتصاعد بين أقطاب العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومن أجل فك هذا الحصار لا بد من الابتكار، إذ بهذه الطريقة وحدها تكمن الفرص الجديدة لتشغيل الموارد البشرية واستثمار عقولها والاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي وإيجاد حلول جذرية لمشاكل الصحة والبيئة والآفات والأوبئة وربما الحروب.
تساؤل مهم آخر نطرحه عن موقع وموقف الدول العربية من كل ذلك، وإذا ما كانت الخطط القادمة للدخول في هذه المنافسة مبنية على تحقيق المعادلة بين المزيد من الابتكار والتحرر، وبين حقوق الصالح العام وقيمه واحتياجاته.
لا شك في أن حرية التعبير وخصوصية المستخدم والتوقف عن إساءة استخدام الأخبار ونشر المزيف منها هي ضرورات لا تعني الشركات مزودة الخدمة فقط وإنما المستخدم نفسه بالدرجة الأولى، ولربما يطرح ذلك فكرة تتعلق بإيجاد قاعدة ينطلق منها وعي عالمي أشبه بتربية إعلامية للأفراد والمجتمعات تعينهم على حفظ حقوقهم واحترام حقوق غيرهم.
[email protected]