الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بوصلة

صغيرة الحَجم عظيمة الفائدة، أَرى أنّ هذا وصفٌ ملائم لأداة البوصلة، وكذلك الحال معنا بني البَشر، فما نحن إلا بوصلات نعملُ على خدمةِ وإرشاد وإلهام بعضنا البعض، مهما اختلفتْ مواقعُنا وإمكاناتُنا، بل يمكن أن يدلّنا كثيرون على ما يفيدُنا ويُسعدنا، ومع ذلك لم يَسبق لنا التواصلُ معهم، أو مقابلتهم شخصياً. لدى كلّ شخص بوصلة داخلية، توجّهه في دروب الحياة المتنوعة، فإما أن ترفعه إلى قمم النجاح والطموح أو تهوي به في قاعِ الفشل والخذلان، ومكونات البوصلة الداخلية للإنسان هي مجموع القِيم والمبادئ والأخلاق التي تربّى عليها، أو اكتسبَها مِن محيطه الاجتماعي وتجاربه الشخصية؛ فصارت دُستوراً لحياته، ومنهجاً لا يحيدُ عنه. كما تحتاج البوصلةُ العادية إلى الضبط والصيانة أحياناً؛ فإنّ البوصلةَ الذاتية للمرء لا تستغني عن الصيانةِ الدورية والتحديث المستمر، حتى يتجنب الطُّرُقَ العسيرةَ والأنواءَ المهلكة في رحلة العُمر، وتهبّ على أشرعةِ سفينته رياحُ الطمأنينة؛ فتمضي في هدوء وثبات، لتأخذه إلى جُزر الأحلام، وينتهي المشوارُ بسُرور، مثلما جرى التخطيطُ له سابقاً. يا رفيق الحرف، ‏احرص على رفقة الإنسان الذي يكُون بوصلةً للجَمال؛ فهو يملأُ دنياك سعادة، ويجعلك تَرى أروعَ ما فيك وفي الحيَاة، إذا مشيتَ معه؛ أخَذك لأجملِ الأماكن، وإذا التفتَ؛ لا تقعُ عينُه إلا على مناظرِ الدهشة، وإذا تكلّم؛ سمعتَ منه أبلَغ كلام، وإنْ صَمَتَ؛ كان ساحراً حتى في صَمتِه. [email protected]