الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نخبوية المثقف .. لمصلحة من؟

للمثقفين كغيرهم من الفنانين ومن المبدعين المتفاعلين مع المجتمع على الصعد الإنسانية والفكرية وغيرها، كامل الحرية في اختيار وابتكار إنتاجاتهم بحسب مناسبتها وغرضها وبواعثها، وجميع الظروف المحيطة بمسببات الإلهام البشري والتي تختلف من شخصٍ لآخر. بيد أن الجمهور هو الحلقة الأقوى والأهم في هذه المفارقة، فالمثقف ينعم بالحرية، لكنه يطلب القبول الاجتماعي والحصول على أدوات التأثير المجتمعي كي يشعر بقيمته وبانعكاسات فكره الإيجابية على الجمهور. لكن ماذا عن أولئك الممتلكين لأدواتٍ بلاغيةٍ وفكريةٍ متفوقة على المستوى الاجتماعي السائد، والذين ينتهجون من خلالها منهج الاعتلاء والتعالي على العرف الفكري ومتوسط التناول الثقافي بين أفراد المجتمع؟ يهدفون لتسجيل أسمائهم على لوحة الصفوة النخبوية المرتفعة عالياً في السماء لدرجة يصعب معها رؤية الأرض بوضوح! كمثقف ما المنظور الذي اعتمده لإرساء العلاقة مع المجتمع؟ هل هو التنظير والتأسيس لفكرة العلو وصولاً للابتعاد عن مساحات الفهم والتلقي ومن ثم الاستفادة؟ ونضع عشرة خطوط تحت كلمة «الاستفادة» .. فطالما أنك مثقف نخبوي تنتمي لآفاق فكرية وفنية عليا وتعتنق لغتها وأسلوبها وتتعامل به مع صفوة المثقفين فقط! إذن ما القيمة التي تقدّمها للمجتمع؟ وكيف ستوصل «الفائدة» للجمهور الملتقي لطرحك غير المفهوم بالنسبة له؟ يجب علينا تصحيح المعايير وتوضيح المسالك وتأطير الأهداف العامة لكيلا نبتعد عن مربط الفرس في سلوكنا الثقافي. [email protected]