الجمعة - 07 فبراير 2025
الجمعة - 07 فبراير 2025

أجب بنعم (أولى)

لم يتميّز بطبعة الصلاة على جبينه، ولا بالمسبحة المُذابة في يمينه، ولكنه تميّز بحق تقواه وبقوة دينه، وبمعاملته الطيبة الحَسَنة، وبدفع السيئة بالحَسَنة، وبالمجادلة بالحُسنى، فقد كان يتمتع بأساسٍ صلب في خِطاباته، وبثباتٍ ترتكز عليه نقاشاته، محاولاً بشتى الجهود تنقية عقول الشباب، وتصفية شوائب القلوب والألباب، كما لو كان بُستاني يستخدم نافخة الهواء لتنظيف الممر من أوراق الشجر الميتة، ولذلك أحبه الصديق واحترمه العدو. إن التفكّر في خلق الله عبادة، والجهل بما خلق الله إبادة، ففي الأولى توبة ورجوع وإنابة، وفي الثانية جحودٌ ونكرانٌ وكآبة، حيث يتفكّر الإنسان في بديع صُنع الخالق، وبذلك يتحرّر الفؤاد من الشك العالق، فمن طرق هذا الباب رأى في كل شيءٍ آية، وجُعِلت الجنة في قلبه أسمى غاية، ليسارع في فعل الطاعات، ومجاهدة النفس والشهوات، بالمحافظة على الفرائض والخشوع في العبادات، وترك شتى النقائض ومساوئ العادات، والابتعاد عن المعاصي والذنوب والكبائر، والاقتراب من السنن والمناسك والشعائر، فالحقيقة أن العقل من دون تفكّر جنونٌ مُبين، والتفكّر من دونِ عقل جنونٌ مُهين، أما باتفاقهما واتحادهما معاً فهذا عين اليقين. إن الحلال بيّن والحرام بيّن، والمشتبهات سؤالٌ بين نعم (أو لا)، ولهذا التقوى جوابٌ أحق و(أولى)! أليس كذلك؟ [email protected]