2018-06-05
لم يعد خافياً على أحد قوة تأثير مواقع التواصل التي قد تكون عاملاً فاعلاً في الضغط الجماهيري، ولهذا كان لا بد على الحكومات ذات الأداء غير المقنع لشعوبها أن تتنبه إلى هذه المسألة، وتبدأ إصلاح ذاتها وأدائها، قبل أن يأتيها طوفان المد الشعبي الذي تبدأ شرارته غالباً في مواقع التواصل، ثم تنتقل إلى الشارع، وعندها يتصدر القمع واجهة الحلول، ويكون الإصلاح في آخرها، فتلك الحكومات لا تتعامل مع الشعوب من باب لكونها تعمل لإسعاده ورفاهيته، بل من باب لكونها وصية عليه يجب ألا يرى سوى ما تريد أن يراه.
ومن ذلك ما يحدث في إيران حالياً، إذ أسهم استخدام العمال لتطبيق «تيليغرام» في تصعيد إضراباتهم في محافظات عدة، ما أدى إلى ارتباك الحكومة، فما كان من القضاء الإيراني إلا إصدار توجيه للمواطنين بالانسحاب من التطبيق، ومن لا يفعل فإنه سيكون تحت طائلة المحاسبة جنائياً.
أيضاً، هل يجدي حجب حكومة إيران - عن طريق القضاء - تطبيق «تيليغرام» بتهمة التحريض على أعمال الشغب في حل المشكلة أم يزيدها تأزماً علماً بأنها تدرك قدرة الجماهير على اختراق الحجب؟ وهل دعوة الناس ـ بتعميم نائب الرئيس - إلى استخدام تطبيقات محلية بديلة سوف تجد قبولاً لديهم وهم يعرفون مدى الرقابة الصارمة على المحتويات المحلية من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة؟ بالتأكيد كل ذلك إن ساعد على التهدئة حيناً فهو لن يفيد في المستقبل القريب.
النظام الإيراني وما يشابهه من أنظمة استبدادية ما زالوا يصرون على العيش خارج ركب الحضارة، وما زالوا غير مدركين لأهمية بناء الإنسان وتوفير متطلبات العيش الكريم له، وهو لبّ المعادلة التي تقود إلى الرقي والتقدم.
[email protected]