الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

اختصار رحلة التنمية

تختصر حزمة المحفزات الاقتصادية التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، زمن رحلة الوصول إلى الصفوف الأولى لواجهات المال والأعمال الدولية عبر تفجير طاقات التنمية وتسريع مراحل النمو. وهذا التسريع لا يسمح لأبوظبي فقط بأن تكون متقدمة خطوات عن أقرب العواصم المنافسة لها، وإنما يجعلها أيضاً تستبق التحديات وتقفز على الزمن. وهناك مجموعة من الملامح الواضحة التي ترسم معاً الخطوط العريضة لفلسفة أبوظبي في التنمية، وتشكل نسقاً متميزاً في الاستثمار، فعلى الرغم من أن المحفزات تمنح أهمية قصوى للمشروعات الاستراتيجية، لكنها لا تغفل في الوقت ذاته الدور الحيوي الذي تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل المصدر الأكبر للتوظيف والنمو. وفي الوقت الذي تطور فيه الحزمة كفاءة العمل الحكومي وترفع جهوزية المؤسسات الحكومية، فإنها تضع ذلك في خدمة القطاع الخاص، متجاوزة بذلك عقوداً من مسلمات التنمية في مختلف أنحاء العالم، والتي كانت تضع القطاع الخاص في مؤخرة ركب التنمية. وتعكس حزمة المحفزات إدراكاً عميقاً وفهماً ذكياً للدروس المتراكمة لتجارب التنمية الدولية على مدار عقود. وأول هذه الدروس أن التنمية لا يمكن أن تقوم دون الاستناد إلى قطاع زراعي قوي، وكل الدراسات التي أجريت تربط بين معدل النمو في القطاع الزراعي وبين معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي. وثاني هذه الدروس هي أن الاقتصاد المحلي في عصر العولمة لا يمكن أن ينمو بمنأى عن الاقتصاد العالمي، وهذه العلاقة قدر ما توفره من تحديات بقدر ما تطرحه من فرص. ويرتبط بهذا الدرس درس آخر يتمثل في أن التوسع في التصدير يرتبط ارتباطاً مباشراً بتحقيق معدلات نمو قوية، ولا سيما إذا توافرت سياسات محفزة مثل قوة النظام المصرفي ووجود بنية لوجستية متطورة وسعر صرف مرن. وأخيراً وليس آخراً، فإن جميع خطط التنمية تضع نصب أعينها معدلات النمو السكاني وانعكاسات ذلك على الاقتصاد المحلي وقدرته على تلبية احتياجات السكان، وهذه النقطة تبدو واضحة في ذهن صانع القرار. وتثبت تجارب التنمية الرائدة في العالم أن التخطيط الاقتصادي السليم أهم للتنمية من توافر الموارد الطبيعية. فكوريا الجنوبية وسنغافورة لم تمتلكا من قبل موارد طبيعية ضخمة تمكنهما من تحقيق طفرة في التنمية الاقتصادية، ولكنهما استطاعتا تحقيق ذلك عن طريق بناء اقتصاد المعرفة، والتخصيص الكفء للموارد، وهذا ما تفعله أبوظبي أيضاً. [email protected]