الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المنهج الرياضي في القرآن الكريم

تأتي عملية إبراز النتائج رياضياً أو حسابياً «mathematically analysis» خطوة رابعة من خطوات البحث العلمي في علم الجيمورفولوجي. وهنا يجدر القول إن المنهجية الرياضية في العلوم لم تظهر إلا في منتصف القرن العشرين. فحتى ذلك الوقت كان البحث العلمي يقوم على المنهج الاستقرائي. وبالرغم من حداثة المنهج الرياضي في العلوم الطبيعية والبشرية، إلا أن قواعده أرسيت في كتابنا الكريم منذ أكثر من 14 قرناً وليس منذ القرن الماضي فقط، فلقد جيء على ذكره في سورتي الإسراء آية 12 ويونس آية 5:«لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ»، التي نزلت في موقعين مختلفين بنفس الترتيب مما يثبت أهميته، فلو كان القصد من الآية هو عد السنين أو حساب السنين لتقدم الحساب على السنين، لأنه حسب التدرج المنطقي لمعرفة الإنسان هو تعلمه العد أولاً ومن ثم يتعلم السنين «التاريخ»، أو لما نزلت بنفس الترتيب في آيتين مختلفتين، ففي البحث العلمي نكتب أولاً عن التسلسل والتعاقب «chronology» للأحداث الجيمورفولوجية، ومن ثم نحللها رياضياً عند تحليل نتائج الدراسة. ولأن الظواهر الجيمورفولوجية تتكون في أوقات تتراوح من دقائق حتى سنين، اختلف حساب «التاريخ» فيهما، ففي الآية 12 من سورة الإسراء: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا»، اختصر التاريخ على عدد الأيام فقط، فربما اختصت هذه الآية بالظواهر التي تتكون وتتطور بين الدقائق والأيام، أو على الدراسات التفصيلية للظواهر اليومية كالمد والجزر، وهذا ما توضحه تتمة الآية الكريمة: «وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا». أما في الآية 5 من سورة يونس: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، في هذه الآية حساب التاريخ بالأشهر وفقاً لمنازل القمر، ووفقاً لتغير فصول السنة خلال مرور الأشهر، أي حساب التاريخ بالسنين أيضاً، وذكر الشمس في هذه الآية يؤكد هذا، فمنازل الأرض حول الشمس تحدث بالأعوام، وهذا ينعكس على دراسة الظواهر الجيمورفولوجية كبيرة الحجم التي تتكون في عشرات أو مئات الآلاف من السنين، وتتمة الآية بقوله تعالى: «يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، أي أن تفصيل الظواهر هنا للمختصين بها، أي ربط الرياضيات والتاريخ الجيولوجي الجيمورفولوجي chronology بعلماء هذه العلوم. رئيسة الجمعية الجغرافية الإماراتية [email protected]