2018-06-22
تواجه الإنسان أحياناً مواقف تضعه في حيرة شديدة من أمره، وذلك بسبب احتلال مشاعر متضاربة لقلبه في الآن ذاته، لا يفقه إلى أي منها يميل لتساوي آثارها، كأن يشعر خريج الدراسات الجامعية بالغبطة لحصوله على ثمرة مجهوداته المكللة بالنجاح والتفوق، والحزن في نفس اللحظة لمفارقة زملاء قضى معهم أوقاتاً أكثر مما قضاها مع أسرته.
لا يبدو ما سبق غريباً على أي منا، إذ لا بد وقد صادفه موقف كهذا في مرحلة من مراحل حياته، تبدو في أغلبها لحظات عابرة لا تستمر طويلاً، بيد أن بعضها تسبر أغوار كيان المرء وتستقر في جوارحه طويلاً.
ومن ذلك ما أشعر به حالياً، حيث إنني وبعد رحلة مضنية استمرت أربعة أعوام انتقلتُ أخيراً إلى مسكني الجديد، المخدع الذي راودني كحلم قبل عقد من الزمان بعد نشر اسمي ضمن قائمة الحاصلين على الموافقة المبدئية للحصول على المساعدة السكنية من برنامج الشيخ زايد للإسكان.
وقد رسم خيالي الخصب مختلف التصورات والاحتمالات للمشاعر الجياشة التي ستعتريني في هذه اللحظة الحاسمة، ولكنها لم تستوعب ماهيتها الحقيقية بالفعل، فمشاعر الغبطة الشديدة التي تخيلتها نتيجة انتقالي قد جرفتني بالفعل، ولكنها اختلطت بمشاعر الحزن أيضاً.
كيف لا يولد الحزن في تلك اللحظة وهي تشهد مفارقة المنزل الذي عشتُ فيه طفولتي، المكان الذي يختزل ذكريات جميلة لا تذبل بمرور السنين، ما زالت ضحكاتي تتردد بين جدرانه، وما زلت أراني أصفي الرمل كما تصفي أمي الطحين.
لحظة مفارقة منزلي السابق كانت الأصعب في حياتي كلها، فيداي كانتا لا تقويان على تشغيل المركبة بعد ملئها بآخر الحاجيات التي حملتها بعد شحن الجزء الأكبر قبلها بأسبوع.
الحياة تعج بنقاط تحوّل عديدة، وهذه لعمري من أقساها.
روائي ومتخصص في الإعلام
[email protected]