الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

زحمة كتب

ما الحد الذي يُعد النشر بعده زخماً أدبياً؟ في كتاب «دافنشي» يناقش سيجموند فرويد صفة مبهمة في ليوناردو دافنشي عن كثيرين، وهي عدم إتمامه عدداً كبيراً من لوحاته وأعماله، إضافة إلى بطئه، أو بمعنى آخر ضعف وقلة إنتاجه بالمقارنة بمن عاصروه، خصوصاً مايكل أنجلو المعروف بنشاطه ودأبه في العمل. الغريب أنه يُحكى أن دافنشي تعوّد العمل على سقالته، لا يغادرها لأيام طويلة حتى ينسى مواعيد الطعام والشراب، ثم يعود ينقطع عن العمل لأيام طويلة أيضاً. أُسأل كثيراً من قِبَل زملاء القلم والحرف عن الحد الذي يُعد بعده النشر زخماً. لا شك في أن معايير اليوم مختلفة عن ما قبل خمسين عاماً مثلاً، حين كان الكاتب يفتخر بالتروي والتأني في النشر. الكتابة واللغة حية، تتغير وتتبدل مع الزمن. لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يُطلب من كاتب اليوم المعايير ذاتها التي اتخذها الكتاب قبله في عصر سريع يقوم على سوشيال ميديا وتتبدل فيه الأخبار والأحداث في جزء من الثانية. في الوقت ذاته، من المهلك والمستهلك للكاتب بشكل سلبي كثرة الإنتاج بلا تروي، مثل أن ينشر بشكل شبه سنوي أو أكثر. بعض الأدباء غزير الإنتاج وبعضهم ينتج روائعه التي تفصل بينها سنوات طويلة. تبقى إذاً الفروق فردية بالدرجة الأولى، ويبقى العنصر الأهم والمعيار الأول هو جودة هذا الإنتاج وتفرده. [email protected]