الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عن الجيمورفولوجيا والنشأة الآخرة

في الفصل الأخير من مناهج البحث العلمي في علم الجيمورفولوجي أو علم أشكال سطح الأرض، سأعرفكم بالمعنى الحرفي والمعنى التقني لهذا العلم، فكلمة جيومورفولوجي «Geomorphology» مصطلح علمي مركب، مشتق من ثلاث كلمات يونانية قديمة، المقطع الأول Geo يعني أرض، والثاني morph يعني شكل، والثالث logy يعني علم، والثلاث مقاطع مجتمعة تعني علم أشكال سطح الأرض، ويختص هذا العلم بدراسة مظاهر سطح الأرض التي تتكون بفعل العوامل الباطنية للأرض مثل الحركات الأرضية كالالتواءات والانكسارات، والزلازل والبراكين، التي تتزحزح بسببها القارات، فتكون المحيطات والجبال، أو الأشكال الأرضية التي تتكون بفعل العمليات الخارجية التي تتضمن «الرياح»، التي تنتج عنها الكثبان الرملية، و«المطرالماء» الذي تنتج عنه المصاطب (المدرجات) النهرية والمراوح الفيضية (أشكال مخروطية، تتكون عند مخارج الأودية الجافة)، و«الأمواج والتيارات البحرية» التي تنتج عنها الأخوار والسبخات، إضافة «للرطوبة والحرارة» التي تنتج عنها عمليات التجويه، أي عمليات التحلل الكيميائي والتكسر الفيزيائي التي تحدث للصخور فتكون الكهوف، وهذه الظواهر جميعاً درجت على سبيل المثال وليس الحصر. قام علم الجيموفولوجيا كبقية العلوم التطبيقية على مناهج البحث العلمي القديمة، قبل أن تدرج الطرق الحديثة في البحوث الخاصة به، أهم تلك المناهج القديمة الاستقراء «inductive»، الذي ظل مستمراً في الدراسات الجيمورفولوجية منذ ظهورها في منتصف القرن التاسع عشر، حتى الستينيات من القرن العشرين، حين بدأ الانقلاب على هذه المنهجية، ليحل محلها منهجية الاستنتاج «deductive»، الذي لم يتضمن انقلاباً في منهجية البحث فقط، بل تعداه ليتضمن استنباط مفاهيم جديدة لظواهر جيمورفولوجية أساسية، وظهور بديهيات حديثة لم تكن معروفة، وبذلك ظهر شكل جديد للمعرفة الجيمورفولوجية، أدت إلى ظهور نظريات جديدة، احتوت جميع تلك التغيرات. عندها فقط أصبحت الجيومورفولوجيا علماً «science»، حين اعتمدت على منهجية الاستنتاج «deductive»، هذه المنهجية تطلبت تبني التقنيات والأساليب الكمية «quantitative techniques» والرياضيات «mathematics» في مناهج البحث الجيومورفولوجي، وأرست قواعد التجارب المختبرية «Laboratory experiences» والملاحظة «Observation» كأساس لمناهج البحث في هذا العلم. وتدوين العلم وكتابته من أهم الأساسيات في المناهج العلمية القديمة والحديثة، ففيها يضع الباحث جميع الخطوات الأربعة السابقة في مؤلفه العلمي، الذي ينتهي باستخلاص النتائج وربطها ببعضها البعض «synthesis»، ويبدو لي أن هذه الخطوات مجتمعة ذكرت في الآية 20 من سورة العنكبوت: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، صدق الله العظيم. [email protected] رئيسة الجمعية الجغرافية الإماراتية د. أسماء الكتبي