الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

جارنا العزيز

رحل جارنا الأجنبي عائداً إلى بلاده، ومعه غابت ابتسامته وابتسامة أطفاله وزوجته وأطباقهم الشهية التي يشاركوننا بها لاسيما في شهر رمضان والأعياد. انتهت فترة تعاقده مع الشركة التي يعمل فيها. بعد عدة شهور، أقبلت سيارة ضخمة بسلسلة شاهقة تنتهي بكرة حديدية عملاقة وعدد من العمال لتحطيم الفيلا. تلاشت الجدران والحديقة الصغيرة التي يتوسطها مسبح أنيق وكذلك جزء كبير من أسوار المنزل. حضرت شركة بناء ومقاولات أخرى بعد أكثر من عام، وشرعت في إحاطة المنطقة بسور. بدأت أعمال البناء التي امتدت إلى ما يزيد على العامين حتى ظنناها لن تنتهي، مع احتمالنا جميع مراحل البناء المزعجة من صب الإسمنت إلى دق الأساسات الصلبة إلى الأتربة والأصوات الصاخبة وحتى سرقة عمال البناء إنترنت منزلنا! ارتفعت الأسوار العالية المتراصة تغطي بناء بلا أي نوافذ. بدا كقطعة متلاحمة متماسكة صماء. استبعدنا كونه منزلاً سكنياً، واقترح البعض أن يكون صالة للألعاب الرياضية المخصصة للسيدات أو صالوناً للتجميل. ما هي إلا أيام، حتى سكن جارنا الجديد منزله. جارنا الذي رفض أطباق الطعام التي أُرسلت للترحيب به في حينها، بالإضافة إلى رفض أي وسيلة من وسائل التواصل. جارنا الذي حين نلتقي مصادفة به أو بأحد أفراد أسرته يقابل السلام بوجه عابس. إنه جارنا العزيز! [email protected]