2018-07-02
حين أقرأ في سِير بعض الذين كانت لهم منزلتهم في تاريخ الأدب العربي، أنهم كانوا أصحاب أعمدة صحافية، يصيغون فيها آراءهم النقدية حول المشهد الأدبي ورجاله في زمنهم، أتعجب كيف لا يحدث هذا الآن، وأين هم نقاد هذا العصر، وهل هناك من يكتب عن المشهد ويقيمه ويقربه من القارئ المتخبط الذي لم يعد يفرّق بين جيد الأدب ورديئه؟
أسمع عن تخرج الكثيرين من الدراسات العليا في مجال النقد من أكثر من جامعة في الدولة، ولا أرى أي نتاج يبين ممارستهم لشهاداتهم سوى في مجال التدريس الجامعي أو إصدار كتب نادرة فيها دراساتهم النقدية، والكتاب ليس كالعمود الصحافي، الكتاب ليس كالبرنامج التلفزيوني، الإعلام في هذا الزمن أقوى من الكتاب، في هذا المجال، وأكثر قرباً من القارئ والمهتم، وهو المجال الذي يؤدي إلى التفاعل الجدلي الخلاّق بين الأطراف المتجاذبة للعملية النقدية بشكل مباشر وسريع.
الإصدارات تملأ رفوف دور النشر في معارض الكتاب، وتملأ المكتبات، الإصدارات الجديدة التي تنتسب بحسب التعبير على أغلفتها (رواية، شعر، نصوص) إلى الأدب، كثيرة، وبين الغث والسمين، والمجيد والمغمور البديع، لكنها لا تمر على ناقد، لا تصل إلى يديه، قد يقول الكثير إن القارئ هو الناقد الأول والأخير للعمل الأدبي، بحسب بعضهم، وهذا ما يفسد الواقع الأدبي، لأن المتلقي لم يتأسس تأسيساً يجعله يجيد اختيار الأعمال ذات الذوق الأدبي العالي، فهو يستند إلى ذوقه الخاص، الذوق الذي تتم تربيته عن طريق نوع الإصدارات التي توضع بين يديه، الإصدارات التي لم تمر على ناقد ملم بالأدب وأساسياته وما يجعله مختلفاً عن الكلام العادي.
ربما يسأل أحدهم: لماذا لا يبحث الناقد عن الجديد؟، وهذا ما أقوله، أين النقاد العرب، أين أعمدتهم الجدلية، أين آراءهم حول ما يدور في الساحة؟ من هم؟ وأتمنى بحق أن تكون الحركة أكثر تموجاً من هذا الاندساس الغريب تحت الكتاب السنوي أو المقابلات التلفزيونية النادرة المشاهدة، نحتاج إلى زلزلة المشهد لنخله وإسقاط كل الأعمال المسيئة لواقعنا الأدبي العربي.
[email protected]