السبت - 14 ديسمبر 2024
السبت - 14 ديسمبر 2024

الجامعات التي نريد

دائماً ما نتفاخر بالعصر الذهبي في الحضارة الإسلامية عندما كانت الاكتشافات العلمية تعود ريادتها لعلمائنا في حقول الطب والعلوم والفلك والاقتصاد والزراعة وغيرها، وكانت الإمبراطوريات الإسلامية الكبرى تستقطب العلماء من المسلمين وغيرهم لتجتمع الخبرات وتبرز الاختراعات وبيوت الحكمة والمراكز الثقافية، في دلالة على أهمية البحوث العلمية وتأثيرها الواسع في قيادة التطور وتوجيه دفته نحو خدمة البشرية. واليوم المتابع لدور معظم مؤسسات التعليم العالي العربية في هذه العملية يلاحظ بقاء كثير منها ضمن الصبغة التعليمية، في حين أن الجامعات ذات الطراز العالمي تعتمد على البحث العلمي بشكل أساسي لتكون «جامعات بحثية» وليست تعليمية فقط. ومع دخول المنطقة عصر الألفية الرقمية والتوجه نحو الابتكار والإبداع كمنهج عمل فردي وجماعي وحكومي تظهر الحاجة لأساس صلب تنطلق منه كل العمليات المستدامة وفق خطط ممنهجة، ومن هذا المنطلق تتضح أهمية الجامعات القائمة على البحث العلمي. وإن قارنا الوضع مع دول كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا مثلاً، لوجدنا أنه في أمريكا وحدها يوجد أكثر من 250 جامعة بحثية وعلى رأسها جامعة هارفارد وغالباً ما كانت الدراسات الصادرة منها هي مرجع عالمي لكثير من الخطط والمشاريع حتى أنها أثّرت في سلوكيات الأفراد وخياراتهم الحياتية. وفي هذا الإطار يمكن التأكيد أن دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً ومهماً جداً في هذا المجال، فبفضل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات والدعم الحكومي والبنى التحتية المهيئة تسير عدد من جامعاتنا الحكومية والخاصة في المسار الصحيح، إلا أن ذلك وحده ليس كافياً بل لا بد من التركيز أكثر على البحث العلمي واستقطاب الكادر التدريسي المؤهل والطلبة الموهوبين وتغيير الفكر المجتمعي ليدرك قيمة البحث العلمي للمساهمة في جهود التنمية، فضلاً عن تهيئة الاستقلالية الإدارية. ومعظم هذه المتطلبات موجودة بالفعل ونلمسها في جامعات كجامعة الإمارات والجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة خليفة، وهي جامعات إماراتية تأتي ضمن أفضل 500 جامعة في تصنيف «كيو أس» العالمي. وأختم بقول لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «أسلوب البحث العلمي لا بد أن يكون مناسباً، غايته هي منفعة المجتمع، ومنفعة البشرية. أسلوب لا بد فيه من التواصل مع الجامعات العريقة في البحث العلمي ليأخذوا بأيدينا إلى الطريق الصحيح، وهذا ليس عيباً». [email protected]