الجمعة - 06 ديسمبر 2024
الجمعة - 06 ديسمبر 2024

أحلام قديمة

لأنها كانت تحلم قبل 30 سنة بأن تصبح طبيبة جلدية وتجميل، أرادت أن ترى هذا الحلم يتحقق على يد ابنتها.. ولأن لابنتها حلمها الخاص، رفضت أن تتبنى حلم أمها الضائع.. ومن هنا اندلعت الخلافات، وتوترت العلاقة. تقول الأم «ابنتي متفوقة جداً في دراستها، ومن الظلم أن تدرس تخصصاً لا مستقبل له في واقعنا المعاصر «.. وتقول الابنة «الظروف لم تمكّن أمي من تحقيق حلمها القديم، ومن الظلم أن تتسبب في ضياع حلمي أنا أيضاً». الصراع هنا ليس بين أشخاص، وإنما بين أحلام.. حلم قديم ضائع.. وحلم حاضر قابل للتحقيق.. وبين منطقين مختلفين.. منطق مادي واقعي.. يفكر في فرص العمل المتاحة، وحجم المكاسب المتوقعة.. ومنطق معنوي حالم.. يفكر في تحقيق الذات، والوصول إلى أقصى حالات الرضا والسعادة. لا ألوم الأم على تدخلها، ولا ألوم الابنة على تمسكها بحلمها.. فهذا السلوك طبيعي من الطرفين، بل يمكن النظر إليه على أنه ضروري، ومطلوب.. لكن بشرط أن لا يصل إلى مرحلة العناد، والمكابرة. فالأبناء في مراحل معينة من حياتهم يحتاجون إلى خبرات الآباء، وتوجيهاتهم.. وسيخسرون كثيراً لو تجاهلوها، ولم يمنحوها حقها من الاهتمام.. والآباء يجب أن يدركوا أن لأبنائهم أحلامهم الخاصة، وأي محاولة جائرة لحرمانهم من تحقيقها قد تتسبب في تعاسة أبدية لهم، وعندها لن يسلموا من تأنيب الضمير. والحل من وجهة نظري يبدأ بالإنصات المتبادل، المتحرر من أي رغبة في تغيير وجهة نظر الآخر.. إنصات يهدف إلى معرفة أفكار الآخر، وما تتضمنه من صواب وخطأ.. وبعدها أمور كثيرة ستتغير من تلقاء نفسها.. دون عنف، ودون صراخ. [email protected]