الثلاثاء - 03 ديسمبر 2024
الثلاثاء - 03 ديسمبر 2024

ليبرالي ومحافظ

صراعات ونعت بالمصطلحات السياسية تظهر أمامك جلياً كلما فتحت «تويتر» أو تسامرت في مجلس ما، خصوصاً إن كان مرتادوه من سن متوسطة، بحيث قسمنا المجتمع بين الليبرالي والإسلامي أو المحافظ دون دراية واضحة من كلا الطرفين لما قد يحدثونه من شق نتيجة الحالة الفكرية التي يعيشونها. وأي ليبرالية التي تمارس دكتاتوريتها على أي فكر محافظ بنعته بالإسلامي المتشدد، وهو في الأصل محافظ على قيم اجتماعية مأخوذة من العادات أو الدين المختلف في توصيفه؟! طي هذه الصراعات ومحاولات انتقاص الآخر عملية طبيعية في حال عبّر كل منهم عن قناعاته بصورة علنية ما يصيب الآخر بالدمة لعدم إدراكه الفروقات الحياتية والفكرية بين المناطق ومن أسرة لأخرى، فليس هناك قالب ديني اجتماعي واحد لكل الإماراتيين أو الخليجيين، وتختلف نسبة محافظة كل أسرة عن الأخرى. أثمن ما يملكه المرء عقيدته فعندما يمسها أي شخص ويعتبرها خارجة عن المألوف من الطبيعي جداً أن يدافع عنها بقوة، لذا ينبغي أن تكون الحكمة والهدوء أساس هذه النقاشات لإيصال الصورة الصحيحة بشكل علمي لا من خلال قذف الكلام الشاذ من كلا الطرفين، وكسب المصفقين فيصبح الأمر استعراضياً أكثر من جلب المنفعة. ولعل تصرف من ينعتهم الناس بـ «الليبراليين» أو «الليبروجامنية» مفهوم بعدما رأوه في تفسيرات خاطئة للدين وللعادات، بالإضافة إلى ما آلت إليه الأمور من ظهور تنظيمات إرهابية مثل الإخوان وداعش وغيرها، ناهيك عن تصريحات غير عقلانية ومضحكة للأسف من رجال دين معروفين أو تفسيرات ممن يطلق عليهم علماء جعلهم البعض رهباناً ومعصومين. هذا هو حال الأمة الإسلامية وخلافاتها العقائدية المستمرة، حيث قامت ثلاث خلافات إسلامية في وقت واحد، العباسية في بغداد والأموية في الأندلس والفاطمية في مصر. ولذا يجب التفريق بين العقيدة والتاريخ الإسلامي وما شابه من أمور كثيرة لعل أغلبها طمس أمام الرأي العام لكي لا ينصدم من الفحش والاستغلالية في تعاليم الدين لمكاسب مالية وسياسية وكم من ضحية نراها حولنا اليوم. كيف تحاكم من يعتبر نفسه «محافظاً» بأن تضعه تحت اتهامات مفاهيم جزء منها سيئ للغاية ترسخ في عقله من ترديدها يومياً بصورة كانت طبيعية للغاية في المجتمع من خلال المناهج الدراسية والمحاضرات في إذاعاتنا وقنواتنا التلفزيونية وخطب الجمعة، ليأتي بعدها شخص يريد هدم هذه القيم في «تغريدة» بأن يحاكم النوايا بالنقد اللاذع، وما هي هذه الممارسات إلا السير نحو وطأة الوعي المزيف. ينبغي أن يسود مفهوم احترام الاختلاف في الثقافات الصغيرة داخل وطننا الذي يحتوي الجميع بكل شفافية واحترام لجميع الثقافات، لذلك فإن الصدام الفكري واللفظي لن يولد سوى الدفاع عن الآراء والغليان الداخلي على الآخر وهذه أحد الأسباب التي تجعل الساحة مليئة بالنعرات، فارتقوا في نقاشكم وتقبلوا الآخر. [email protected]