الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

ببساطة

كانت ربة المنزل الفاضلة تتسوق لشراء أغراض منزلها كعادتها، بين رفوف الخضراوات والمخبوزات، تحيّي هذا وذاك، فأغلب العاملين يعرفها جيداً ويحبها ويحترمها. وصلت إلى محطتها الأخيرة بعد التسوق، إنه وقت تعبئة الأغراض ودفع ثمنها، فلفت انتباهها أحد المنتجات الصغيرة التي يضعها أصحاب المحلات عادةً قريباً من صندوق الدفع، إنها «ولاعة»، طلبت السيدة من المحاسب أن يعطيها اثنتين، نظر إليها باستغراب وفي عينيه تعجب، ولم يكتفِ بذلك، إنه ينظر للعاملين الآخرين من حوله ويرفع «الولاعات»، إنه يريهم ماذا اشترت هذه المرأة، إنها يا سادتي «تُدخن»، يبدو أنها ليست بهذا الهدوء الذي يبدو عليها يا زملائي، فالمدخنون عادةً مزاجيون، انتبهوا في المرة المقبلة، لا تكثروا الحديث معها حتى لا نضايقها، يبدو أننا أخطأنا في تقييمها. هنا أبدت إحدى الموظفات رأيها «الآن تذكرت، حين حضرت الأسبوع الماضي كانت تفوح رائحة التبغ، وكانت مقتضبة ومنزعجة، ولم تتحدث معي كثيراً كعادتها، بل إنني شعرت أنها تتنفس بصعوبة، الآن عرفت السبب». عادت السيدة إلى منزلها، أفرغت الحقائب البلاستيكية، وبعد يومٍ طويل، وحمامٍ دافئ، أشعلت شموعاً معطرة في المنزل لتسترخي، أشعلتها بـ «الولاعة»! في اليوم التالي، تذكرت أنها نسيت أن تشتري شيئاً مهماً من أجل وليمةٍ واحتفال كانت تعده لعائلتها، أرادت الخروج، فتعطلت سيارتها للمرة الثانية على التوالي في ذلك الأسبوع. اضطرت إلى أن تذهب بسيارة أجرة، ليصادفها السائق ذاته الذي كانت سيارته تعج برائحة التبغ، فأنزلت الشبابيك لأنها كانت تعاني من حساسيةٍ في صدرها. وصلت إلى محلها المفضل «برائحة التبغ»، فبدأ «الهمز واللمز». هل أثرت الدراما والبرامج البوليسية فينا كثيراً فأصبح خيالنا واسعاً وأصبحنا نتخيل أموراً وقصصاً لا وجود لها، ثم نصدقها وننسج حولها «أفلاماً وهمية»، أم أن «سوء الظن» مقدمٌ لدينا دائماً! [email protected]