2018-07-16
«أبا أسافر.. أبا أشوف العالم.. حسوا فيني.. حتى جوازي ما طلعته» .. وكلام كثير غيره، كانت تردده فتاة صغيرة في الثانية عشرة من عمرها، وهي مستلقية على سريرها.. تبكي، وتصرخ.. متذمرة من حياة مملة تعيشها، وإطار ضيق لا تغادره.
أعدت المقطع من بدايته لأتأكد إن كان حقيقياً، أم مجرد تمثيل تهدف من ورائه هذه الطفلة إلى البروز والشهرة.. فلم أجد فيه ما يوحي بأنه تمثيل، فتساءلت: من الذي أوصل هذه الصغيرة إلى هذا الحال؟
هل هي عائلتها التي يبدو أنها محدودة الدخل؟
أم الميسورون الذين يتباهون كل يوم في مواقع التواصل الاجتماعي بأسفارهم ومقتنياتهم وحياتهم المترفة؟
أم المؤثرون والفاشنستات الذين يوجهون المجتمع نحو نمط حياة يقوم على الاستعراض والمباهاة، ويتقاضون مقابل ذلك مئات الآلاف؟
يجب أن نعترف بأن هناك مشكلة بدأت ملامحها في التشكل مع ظهور تطبيق «انستغرام»، وانكشاف طبقات المجتمع أمام بعضها.. فأبناء الأسر محدودة الدخل الذين كانوا قانعين بحياتهم البسيطة، لم يعودوا كذلك بعد أن شاهدوا بأعينهم الرفاهية التي يعيش فيها نظراؤهم من أبناء الأغنياء.. وأصبحوا يضغطون على آبائهم ليل نهار للسفر، وشراء المقتنيات الثمينة، ولسان حالهم يقول نحن لسنا أقل من غيرنا.
ومهما حاول الأب المسكين إقناعهم بأن ذلك غير ممكن، لا يقتنعون، ويستمرون في التلميح والتذمر، ويقتلونه بنظرات البؤس والاحتياج في عيونهم، حتى يرضخ في النهاية، ويستدين من هنا وهناك.
المشكلة كبيرة، ومعقدة.. والعودة للوراء ليست ممكنة.. والحل الوحيد المتاح أمام الآباء محدودي الدخل هو غرس الوعي في نفوس أبنائهم، وعدم الانسياق لمجاراة أنماط حياة تفوق قدراتهم المادية.. وأي سلوك غير ذلك قد يدفع الأسرة بأكملها نحو الفقر.
[email protected]