الجمعة - 06 ديسمبر 2024
الجمعة - 06 ديسمبر 2024

فن المسافات

بناء العلاقات الإنسانية متعة الحياة، يقول الله تعالى في محكم تنزيله الحكيم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾الحجرات كل إنسان بحاجة إلى تكوين علاقات مع غيره من بني جنسه، وتختلف هذه العلاقات من إنسان لآخر، وتتنوع هذه العلاقات باختلاف الأزمنة والأمكنة، فهناك علاقات الجيرة وعلاقات المهنة وغيرها، وقد تتطور العلاقة وتُبنى وتصبح وثيقة، وقد تتفكك وتزول وتُنسى مع الزمن. ولا يمكن للإنسان في معمعة هذه العلاقات الإيجابية أو السلبية، أن يعيش معزولاً في عالمه عن الآخرين، وقد خلقه الله كائناً من بين كائناته المتنوعة، ووهبه الأرض والنعم، ليعيش ويتعايش ويتكاثر ويبني الأرض ويعمرها، وهذه فطرة الله في خلقه. إن إتقان فن المسافات في بناء العلاقات يضمن للإنسان الراحة، ويحقق له بناء علاقات اجتماعية إيجابية مع غيره، وكثيرون منا أنهكتهم المتاعب بسبب علاقاتهم الاجتماعية التي لم ينسقوا مسافاتها، وبالتالي عادت عليهم بالتوتر والضيق. فبعض العلاقات يكون ضررها أقرب من نفعها، ولكن لا يدرك الإنسان ذلك إلا بعد التعمق في العلاقة، واكتشاف الاختلافات في الطباع أو الدخول في الخصوصيات أو سوء التقدير. ولتجنب الفشل في العلاقات؛ على الإنسان أن يتقن فن المسافات، فيعرف متى يقترب ومتى يبتعد، ومتى يغض البصر ومتى يواجه، ومتى يعذر، ومتى يتكلم ومتى يصمت، فإتقان فن بناء المسافات توازن نفسي وراحة. [email protected]