الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خرس إلكتروني

أصبح من المشاهد المألوفة أن تجلس الأسرة مجتمعة في غرفة الجلوس ولكن لا يتحدث أحدهم إلى الآخر كل منهم ملتصق بهاتفه الذكي أو جهازه اللوحي وربما يخترق هذا الصمت صوت إعجاب أحدهم أو ضحكة أو تعليق سريع على ما يشاهده وببرود شديد ينظر له الجميع ويهزون رؤوسهم أو يبدون إعجابهم بإيماءة قصيرة ثم يعود كل منهم إلى جهازه الذكي مرة أخرى. لا يختلف الحال كثيراً في التجمعات العائلية أو حتى جلسات الأصدقاء في المقاهي فالكل صامت تماماً ولا يتحدث مع الآخرين وإذا حاول أحدهم الحديث ينظر إليه الجميع باستغراب لأنهم في حالة تركيز واستمتاع بما يشاهدونه! للأسف الشديد سيطرت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية على حياتنا الاجتماعية بل إنها قضت تماماً على الحوار الإنساني الذي يمتاز بالفاعلية والحيوية والإنسانية وتبادل الآراء. ربما يلجأ البعض إلى الحوار الإلكتروني الصامت لأنه أسهل ولا توجد به معارضة أو رأي آخر يختلف عما يقول وإذا وجد من يختلف معه فمن السهل حذفه أو إنهاء المحادثة بكبسة زر وهو ما يفسر لجوء البعض إلى الصداقات الإلكترونية رغم زيفها وعدم مصداقيتها في كثير من الأحيان لأنه تعب ومل من الصداقات الإنسانية! إن الأسرة التي تتخلى عن الحوار مع بعضها البعض مخطئة تماماً وكذلك الصديق الذي يترك صديقه لمجرد الخلاف في الرأي معه مخطئ أيضاً فالعلاقات الإنسانية قائمة على التفاعل والاختلاف والاتفاق في الوقت ذاته والعلاقات الإلكترونية جامدة ومزيفة. أخيراً: الخرس الإلكتروني مرض اجتماعي خطير لا بد من مواجهته بالحوار والتفاعل الإنساني ولا يجب الاستسلام والاستسهال في التصدي له من أجل عدم انهيار حياتنا الاجتماعية. [email protected]