الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

قمة هلسنكي

ما هو المؤمل من قمة هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين، وهل يمكن أن تخرج بقرارات تعيد الاستقرار والسلام إلى منطقتنا والعالم؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المراقبون لهذ القمة وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج تلقي بظلالها على شعوب المنطقة. ولا يمكن لعين المراقب أن تغفل مغزى اختيار هلسنكي مكاناً لاستضافة القمة الأمريكية الروسية، ففلندا «أرض محايدة» لأنها ليست جزءاً من حلف الـناتو، وإن كانت عضواً في الاتحاد الأوروبي وتتمتع بعلاقات جيدة مع كل من واشنطن وموسكو، كما أن المدينة استضافت في عام 1975 مفاوضات الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد مع الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ليونيد بريجنيف، وكانت النتيجة اتفاقية هلسنكي، وهي وثيقة وقعها رؤساء 35 دولة، معلنة تحسّن العلاقات بين الدول الشيوعية والدول الرأسمالية آنذاك. وفي عام 1990، وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي ببضعة أشهر، ناقش جورج بوش الأكبر وميخائيل غورباتشوف أزمة الخليج العربي في هلسنكي كذلك، وفي عام 1997، التقى فيها أيضاً الرئيسان الأمريكي بيل كلينتون والروسي بوريس يلتسين. وإذا كانت التكهنات كثيرة حول ما ستبحثه قمة هلنسكي، فإنه من المؤكد أن الوضع في سوريا وما يعرف بصفقة القرن والملف النووي الإيراني إلى جانب أوكرانيا، موضوعات تفرض نفسها على جدول أعمال الرئيسين ترامب وبوتين، وإن كان تحقيق تقدم أو اختراق كبير في أي منها ما زال موضع شك. ففي سوريا، يمكن لبوتين أن يعد بتقليص القوات الروسية هناك، والتعهد بعدم التدخل في الضربات الجوية الإسرائيلية على القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها هناك، حيث إن روسيا لم تحاول على الإطلاق اعتراضها سابقاً، وفي أوكرانيا، يستطيع بوتين إعطاء عدد من التطمينات بأن القوات الروسية ليست موجودة في شرقها، حيث تدور معارك بين الحين والآخر. وفي مقابل ذلك يسعى بوتين إلى تحريك العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، خصوصاً أن أطرافاً أوروبية متضرّرة منها وتتطلع إلى إلغائها. وبطبيعة الحال، لم يكن هناك في أي وقت خلاف أمريكي - روسي حول إسرائيل التي حققت أكبر مكاسب مالية وعسكرية كـ «تعويض» أمريكي عن الاتفاق النووي مع ايران، ولم يمنعها ذلك من التأكيد مراراً على رفضه والدعوة إلى إلغائه والظفر أخيراً بالانسحاب الأمريكي منه، ثم أنها حصلت في وقت قياسي على اتفاق استراتيجي مع روسيا منحها منذ آواخر 2015 مشروعية ضرب الإيرانيين وميليشياتهم وطرح إشكالية وجودهم في سوريا، وبالتالي إنضاج ضرورة تقليص بنيتهم العسكرية ومن ثَمّ خروجهم. غير أن ترامب ومعه بالطبع نتانياهو كانا يأملان في أن يحسم بوتين موقفه في قمة هلسنكي من مسائل ثلاث، الأولى إخراج إيران من سوريا، والثانية تبنّي «صفقة القرن» باعتبارها تسوية نهائية للقضيّة الفلسطينية، والثالثة والأخيرة الموافقة على الترتيبات الجارية لنزع الصفة الاحتلالية الإسرائيلية عن الجولان والاعتراف بـ «شرعية» الوجود الإسرائيلي فيه. خلاصة القول.. نتائج قمة هلسنكي ستنعكس بالتأكيد سلباً أو إيجاباً على شعوب المنطقة، وعلى الجميع مراقبة ما ستسفر عنه. [email protected]